يحلم كما باقي الأطفال، أن يقف على خشبة مسرح يشاهده الآلاف إن اتسع المكان بعشاقه، يحلم بأن يخرج "عطيل" من كلمات "شكسبير" الطويلة والمؤثرة، ويهديه زيّه وسيفه وصبره وحنكته، أبى رغم عوزه إلا أن يكمل ويصمد بنفسه الطويل على تلك الخشبة مهما جرى وحدث.
الشاب الفنان المسرحي "حسام الدين قعقع" حل بشغفه وعشقه وروحه المهذبة ضيفاً على موقع eLatakia في هذا الحديث.
بداياتي الأولى كانت مع "حسام"، وهو شاب مهذب وخلوق ويعرف ماذا يريد تماماً ولكن الحظ عانده والفرص ابتعدت كثيراً عن توجهاته، ولكني استطيع القول إنه ممثل موهوب بكل ما تعنيه الكلمة، يستطيع أن يتحكم بنفسه لتأدية أي دور على خشبة المسرح وهي ميزة أعتقد ستجعله يتطور فنياً بسرعة كبيرة
** أستطيع أن أقول إنني ذلك المهووس بخشبة المسرح "حسام الدين قعقع"، أما لماذا المسرح، فهي مصادفة دخلت ذلك المجال اللا متناهي الأبيض والأسود الضاحك والباكي المسرح هو المكان الوحيد الذي أستطيع فيه أن أصرخ وأقول أنا موجود، فربما هناك من يسمع ويجيب، أما بالنسبة لموضوع المساحة التي تحدثت عنها فهي ضئيلة جداً وشبه معدومة لأن هذه الأيام ليست للمسرح، ولكن لا بد من بصيص للأمل وأعتقد بأنه سيكون موجوداً يوماً ما أو أني سأجده.
*حدثني عن الوله المسرحي الذي يسيطر عليك منذ زمن؟
** هي حالة دراميتيكية معبرة تسيطر على كل من يعملون في هذا المكان وهذا الحيز، وأنا شخصياً لا أراه إلا وأنا أمثل دور "عطيل" للكاتب المسرحي "وليم شكسبير" وأعتقد بل وأؤمن أن الوقت مازال مبكراً، لأني أعرف قدراتي وهي الآن محدودة بل ومحدودة جداً بالنسبة لهذه الشخصية.
** الخشبة ليست جامدة، الخشبة ملأى بالحياة من زمن الإغريق والأوغاريتين والرومان، تجد نفسك تعيش فيها وعليها أجمل الأوقات وتشعر من خلالها بالكثير الكثير من الأحاسيس التي تراها أنت وحدك دون أي مساعد، فعليها أنت تبكي وتصرخ وتضحك بجنون، وعليها أنت تسجى وتدفن وتغتسل وتكتب وتبتسم، إذاً هي متحركة حسبما أنت تكون وحسبما تكون حالتك الميدانية، وأنت بكل بساطة لو حلقت في خيالك إلى البعيد إلى القريب إلى النهاية إلى البداية، وأقصد إلى كل التاريخ إلى كل سطر من سطور التاريخ بجسده وقلمه تستطيع أن تنفصل عن عالمنا وتعيش تلك اللحظات الاستثنائية التي لا يستطيع أن يعشها غير المؤمن والمحب لتلك الخشبة، وهو سيكون وقتها شخصاً استثنائياً لأن التمثيل مصنف عالمياً في مقدمة الأعمال الشاقة بعد عمال المناجم.
** الجميع وقف معي عندما عرفوا أو تعرفوا على "حسام" الداخلي، وعندما شاهدوه بعيون مجردة وشفافة تماماً على خشبة المسرح وخارجها، ولكن ثمة شخص لم يعرف المسرح في حياته، لم ير ازدحامه الطويل ولم يعانق الخشبة ورائحتها المحببة إلى قلبي، لم يصرخ ولم يبك ولم يضحك عليها، إنها أمي التي لا تعرف ما هو المسرح، أحبته لأن في عيون ولدها كل الحب لتلك الخشبة المستباحة له ولغيره في كل وقت وزمان، ما زالت ترى فرح طفلها مكتوباً بخطوط عريضة في عيونه وعلى دفاتره وفي عقد (فولاراته) الصغيرة، وأيضاً هناك الفنان "حسين عباس" وزوجته الفنانة "سوسن عطاف" والفنان "هاشم غزال" هم أصحاب الأيادي البيضاء ولا أستطيع نكرانهم أبداً، وأنا أنجح عندما أمثل دوراً في عرض مسرحي وأرى تلك النظرات في وجه المتفرجين نظرات الحب والإيمان بي وأشدد على الإيمان بي لأن الإيمان ينبع من الحب، والقبض على قلوب المشاهدين ليس بالأمر السهل، وهذا لن يتحقق إلا بعد وقت طويل، فنحن محكومون بالأمل.
** بكل بساطة المال قليل جداً بل ورمزي ولا يليق بالممثل المسرحي.
** شاهدت ثلاثة أجيال عملوا بالمسرح، ففي الجيل الأول أفضل الفنان "وديع ضاهر" والجيل الثاني الفنان "حسين عباس" والجيل الثالث الفنان "بسام جنيد".
** بشكل عام هي جيدة ومفيدة ولا غنى عنها، لكن في هذه المحافظة تبدأ الدورة ونرى فيها مواهب وفجأة تختفي تلك المواهب، والأسباب كثيرة.
والتقينا أيضاً الناقد المسرحي "أحمد قشقارة" الذي قال في معرض شهادته بمشوار "حسام" الفني: «يمكن القول عن "حسام قعقع" أنه ممثل استطاع أن يشق طريقه في عالم المسرح بكثير من الجهد والمثابرة والرغبة في التعلم، كان ولايزال يحاول أن يجد لنفسه حضوراً خاصاً في الساحة المسرحية، إن تجاربه المتفاوتة في قيمتها الفنية ومستواها الفكري والجمالي والتقني سواء في مسرح الشبيبة أو المسرح الجامعي أو المسرح القومي ومسرح نقابة الفنانين مع مخرجين هم بالأصل متفاوتو المستوى الثقافي ومختلفون من حيث العمق الفكري والفني والرؤى الإبداعية كل ذلك أكسب الفنان "قعقع" خبرة غنية متنوعة جعلته يحاول في الآونة الأخيرة أن يجد لنفسه - كما أسلفت- شخصية متميزة خاصة في فن التمثيل، أما في مجال الإخراج المسرحي فأنا أعتقد أن الطريق مازال طويلاً أمام "قعقع"، إنه موهوب بشكل فطري وهو بحاجة أيضاً إلى المزيد من التجارب التي تؤدي في نهاية المطاف إلى اكتساب الخبرة الكافية للتصدي للمسرح إخراجاً، "حسام قعقع" ممثل مجتهد له مستقبل واعد أتمنى له التوفيق والنجاح».
يقول زميله الشاب "مصطفى جانودي" متحدثاً عن "حسام": «بداياتي الأولى كانت مع "حسام"، وهو شاب مهذب وخلوق ويعرف ماذا يريد تماماً ولكن الحظ عانده والفرص ابتعدت كثيراً عن توجهاته، ولكني استطيع القول إنه ممثل موهوب بكل ما تعنيه الكلمة، يستطيع أن يتحكم بنفسه لتأدية أي دور على خشبة المسرح وهي ميزة أعتقد ستجعله يتطور فنياً بسرعة كبيرة».
تجدر الإشارة إلى أن "حسام الدين قعقع" 26 سنة يعمل في المسرح منذ عام 2000 له أعمال عديدة ومنوعة وذات حضور مهم ففي المسرح الشبيبي قدم "الشريط- قبل أن يذوب الجليد- السنافر- مسرحية دعائية- الأيام المخمورة".
في المسرح الجامعي قدم: "جلجامش- المزبلة الفاضلة- الطوفان- المطلوب"- وورشة إعداد الممثل تحت إشراف الفنان "نضال سيجري".
أما في المسرح القومي فقدم "الغراب- سندريلا- القناع- حفلة سمر من أجل أبي خليل- نزهة في الجبهة".
حصل على جائزة ثاني افضل ممثل في مهرجان الشبيبة المركزي في نقابة الفنانين. له عمل من إخراجه وهو "المطلوب" تأليف "يوري يورين". وله مشاركات في التلفزيون السوري كعمل "ليل السرار" "خالد بن الوليد" "صدق وعده".