بات اليوم محط أنظار عدد متزايد من المواطنين ذوي الدخل المحدود خاصة مع توافر البضائع في هذا السوق المزدحم. (البالة) أو سوق الملابس الأوروبية المستعملة.. هو اسم لمسمى واحد بات اليوم منتشراً ونشطا ولا سيما في مواسم الأعياد، ومواسم الانتقال بين الفصول، إذ توفر هذه الأسواق الملابس والأحذية وحتى الألعاب بنوعية جيدة وأسعار أرخص بكثير من السوق العادي.

ما يميز أسواق البالة بنظر الكثيرين أن هذه الأسواق تملك مقدرة تنافسية من خلال قدرتها على تحقيق فارق مالي، بحيث يستطيع رب العائلة شراء عدد كبير من القطع بسعر اقتصادي قد يوازي قطعة واحدة أو قطعتين من الألبسة المحلية الجديدة أو المستوردة، هذا الفارق يسهم في تحقيق وفر مالي يوجه في أمور حياتية أخرى.

التاجر الذي يتعامل معي يقوم بالاتصال بي عند وصول البضاعة الجديدة لأستطيع أن ألتقط القطع الجيدة فور وصولها

وتعد تجارة "البالة" نوع من أنواع التجارة الناجحة في محافظة "الحسكة" والسبب في ذلك يعود الى الإقبال عليها من الشرائح الاجتماعية كافة إضافة الى تلبية هذه البضائع المعروضة لكافة الأذواق عند المواطنين حيث لم تعد هذه التجارة مقتصرة على أصحاب الدخل المحدود أو الأوساط الشعبية بل امتدت هذه التجارة لتشمل العديد من الطبقات حتى الغنية منها.

التاجر سالار محمد

eHasakeh التقى التاجر "سالار محمد" أحد البائعين في سوق البالة والذي حدثنا عن الزبائن في هذا السوق بالقول: «لكل محل في هذا السوق زبائنه المخصصين به حيث نقوم بعد جلب البضائع وفردها بالاتصال بالزبائن المعتادين والذين يكونون من أبناء الريف في أغلب الأحيان كما أننا نقوم بعرض البضائع بطريقة تجذب الزبون».

وعن مصادر هذه البضائع يضيف السيد "سالار": «تُجلب هذه البضاعة من عدة دول أجنبية كما نقوم بالاعتماد بشكل رئيسي على البالة التركية والسبب الرئيسي في ذلك هو القرب الجغرافي للمحافظة من تركيا وأقوم بنفسي بالإشراف على تعبئتها هناك وغالباً ما تكون هذه البضاعة مستعملة أو بضاعة مواسم كما تأتي هذه البضاعة معقمة وجاهزة للبيع وللتداول في الأسواق.

تنوع البضائع

أما فيما يتعلق بالبضائع التي تبقى ولا تباع فإننا نلجأ الى بيعها بالأوزان وللتجار الذين يقومون بشرائها وبيعها للقرى البعيدة عن مدينة "الحسكة" ويتم تحديد سعر قطعة الملابس الجديدة على حسب الاستخدام والنظافة والجودة فهناك الجاكيت والمانطو والبلوزة وغيرها الذي قد يصل سعر أحدها لدرجة تفوق سعر الجديد لكونه ماركة من الماركات المشهورة».

وعن التعامل مع التجار المحليين يقول التاجر "محمود أحمد" صاحب إحدى المحلات في السوق: «يقوم بعض تجار البالة بالتعامل مع العديد من الباعة المتجولين والذين يجوبون القرى الصغيرة في المحافظة باستخدام دراجاتهم النارية لترويج هذه البضائع وتكون معاملة هؤلاء الباعة على أساس الثقة المتبادلة بين التجار والباعة حيث يقوم الباعة المتجولين بتسجيل طلبات بعض القرى من ملابس وبضائع لتأتي هذه البضائع حسب طلب الزبون وملبية لاحتياجاتهم في هذه القرى، كما أن بالة القرى في "الحسكة" لم تعد مقتصرة على الملابس فقط بل تعدتها لتشمل الأحذية ومستحضرات التجميل والقماش ولكل منها تجارها المعروفون وهذه التجارة لا تحتاج الى رأس مال كبير حيث استطاع خلال فترة وجيزة إعانة عائلته وأصبحت هذه المهنة مصدراًُ رئيسي من مصادر الدخل لديه».

جورج آدمو

السيدة "سمية محمد" قالت عن هذه الأسواق وطرق الترويج لها: «الترويج "للبالة" في مدينة "الحسكة" وصل حداً يضاهي محلات الألبسة والإكسسوار في المدينة كما أن البعض من تجار هذه البالة أصبحوا يعمدون الى تغيير مواصفات هذه البضائع من محلية الى بضائع على حد قولهم أجنبية، كما أن تجار هذه البالة مزاجيون في التحكم بأسعار بضائعهم الى أن يصل تقليد هذه المنتجات التجارية الى الحد الذي يمكن من خلاله خداع المستهلك بأسهل الطرق وبأبهظ الأثمان».

"جورج آدمو" وهو أحد رواد محلات "البالة" وطالب في "كلية العلوم" قال: «التاجر الذي يتعامل معي يقوم بالاتصال بي عند وصول البضاعة الجديدة لأستطيع أن ألتقط القطع الجيدة فور وصولها».

وبين "جورج" أن البضاعة التي يقوم بشرائها بضاعة جيدة مقارنة مع المنتجات المحلية في الأسواق كما أن مزاجية هؤلاء التجار تأتي مقترنة مع جودة البضائع في هذه المحال بالإضافة الى أن هذه المنتجات واضحة المصدر والمنشأ والمشكلة ليست في مزاجية التجار بل في عقلية الزبون».

السيد "جورج حنشول" تاجر يبيع في الريف ويعتمد على التجار في المدينة للترويج لبضاعتهم فيقول: «أصبح سوق البالة من الأسواق التي اعتاد عليها أهل الريف ولهذا السبب أقوم بالتعامل مع التجار في المدينة وآخذ منهم البضائع بالأمانة وأقوم ببيعها في الريف وحسب طلب الزبون أما المتبقي من البضائع فأقوم بإرجاعه للتاجر الذي أتعامل معه».

وعن نوعية هذه الملابس ومعرفة الجانب الصحي لها تحدث الدكتور "بيير آدمو" اختصاصي بالأمراض الجلدية فقال: «أفضل عدم استخدام هذه الملابس المستخدمة أو ما يسمى "البالة" إلا بعد تنظيفها جيداً وعدم الاعتماد على وصولها إلينا فهناك بعض الأمراض التي تنتقل عبر الملابس لذلك أنصح كل من يشتري هذه الملابس تعريضها أولاً للشمس ثم كما قلت سابقاً تنظيفها وأرى أن هناك بعض التجار يضع مادة "النفتالين" في الملابس أثناء تخزينها وهذه المادة رغم أنها تحافظ على الملابس من التحلل أو التلف إلا أن لها أضرارا على جسم الإنسان إذا استخدمت بشكل كبير ومن هنا فأنا أرى انه لا مانع من استخدام هذا النوع من الملابس ولكن بعد التأكد من تنظيفها بشكل جيد».

إذاً «البالة» وبرأي من قابلناهم هي وسيلة لتجعل راتب ذوي الدخل المحدود أكثر رشاقة ومقدرة على المناورة في موضوع تأمين مستلزمات الحياة اليومية.