العود ملك الآلات الوترية وعماد التخت العربي، طالما كانت صدى أوتاره مناسبة مهمة لتجمعات متذوقي الفن، المثقفين المخضرمين منهم والشباب، كما أطلقت وألهمت ألحانه بلغته الروحية عنان آلاف الفنانين والأدباء على مر الزمن.

موقع "eSyria" بتاريخ 29/4/2010 كان بين صفوف أجيال مختلفة لمستمعي الطرب، احتضنتهم ساحة "قصر العظم" في دمشق القديمة للتفاعل مع حوار موسيقا عازفي العود "شربل روحانا" و"أيلي خوري"، من الحضور التقينا الفنان التشكيلي "صفوان داحول" الذي حدثنا حول أهمية إقامة هذا النوع من النشاطات الثقافية الفنية، قائلاً: «الفنون مشتركةً بكل أنواعها تتجه نحو منحاها الجديد متأثرة بذات العناصر، ووجود عدد مهم من التشكيليين هنا دليل يؤكد علاقتهم بمختلف أنواع الفنون الأخرى، فكل ما يقدم على الساحة الفنية أياً كان مجاله هو بالنهاية معطى وقيمة إضافية لمصلحة الحركة الفنية عموماً».

إطلاق فنان من خارج سورية ألبومه من "دمشق" يؤكد لي اعتقادي الدائم بأن ما يصعب على السياسة يتولاه الفن والثقافة

يتابع "داحول": «نحن كجمهور سوري متعطشون لكل فن جميل إن كان أصيلاً تراثياً أو حديثاً معاصراً، لذا ننتظر باستمرار هذه النشاطات، ونسعد لكونها تنمو وتتزايد خلال المرحلة الراهنة، أما عن خصوصية حفلة اليوم فبالتأكيد "شربل" له جمهوره الضخم في سورية منذ بداياته، واعتقد أنه بات معتاداً على إقامة حفلاته هنا، كما أن الجمهور أيضاً اعتاد وجوده والاستماع إليه في حفلاته المباشرة مع السوريين».

في قصر العظم

أما السيد "زاهر الباري" الذي قدِم برفقة أسرته لحضور عود "شربل" فيقول: «ارتباطنا كسوريين شديد بالموسيقا الخالصة المرتبطة بموسيقا الطرب ويزداد ضمن ازدحام موجة الأغاني السريعة فنشعر بحنين شديد لهذا النوع من الفن الملتزم، وتاريخ موسيقا "روحانا" منذ بداياته شكل عامل جذب هاماً لحضورنا الحفل».

من أسرة السيد "زاهر" حدثتنا ابنته "شام" في الصف السادس من المرحلة الابتدائية وعازفة بيانو سنة رابعة في معهد "صلحي الوادي" وتقول: «أحب الاستماع لهذا النوع من الموسيقا الأصيلة، والأستاذ "شربل" يمثل مثلاً موسيقياً أعلى بالنسبة لي فهو نموذج راق لاتباع نهجه الفني كما أن آلة العود بشكل خاص تمثلنا عالمياً كعرب تربينا على أنغامها وتشربنا من ألحانها».

أيلي خوري

أقيمت الحفلة الموسيقية برعاية "دار الفنون" الذي تديره السيدة "رحاب ناصر" وعن رعايتهم لهذا الحفل الذي أطلق من خلاله الموسيقيين اللبنانيين "شربل روحانا" و"أيلي خوري" ألبومهما الجديد المشترك تحت اسم "دوزان" تقول: «حضور هذا العدد من الأشخاص واجتماعهم لسماع العود تظاهرة هامة ولافتة، ودليل على استمرار وجود متذوقي العزف الموسيقي غير المقترن بالكلمة، رغم زحف اهتمام الجيل الشاب عموماً نحو الأغنية والتفاعل مع كلماتها دون الوعي لقيمة اللحن، لذلك نحن في "دار الفنون" نرغب دائماً بأن نكون منبراً لفنانين يقدمون نوعاً فنياً ملتزماً بارتقاء الذائقة الفنية في المجتمع، وخاصة من تلقى نتاجاتهم وإبداعاتهم اهتمام الجيل الجديد، فضمن سياق هذه الرؤية نفخر بتواصل "شربل" الدائم وإقامته أكثر من حفل معنا».

تضيف السيدة "ناصر": «إطلاق فنان من خارج سورية ألبومه من "دمشق" يؤكد لي اعتقادي الدائم بأن ما يصعب على السياسة يتولاه الفن والثقافة».

دوزان

في حفل إطلاق ألبوم "دوزان" للفنان "شربل روحانا" عزف تسعة ثنائيات موسيقية على آلة العود مع عازف العود "أيلي خوري" الذي حاور عود "شربل" بعوده وفي بعض المقطوعات بآلة "البزق" فحملت الألحان والتقاسيم الموسيقية المتبادلة عناوين "دوزان، ما قبل الدوزان، كرمالك، رجوع، حكايا، عمشتقلك، بسمة، رحيل الخضرجية وفيلمونيات".

بنهاية الحفل التقينا الموسيقي "شربل روحانا" وحدثنا عن ألبومه الجديد، قائلاً: «اخترنا اسم "دوزان" لأنها الحالة المثلى التي يجب أن ينطلق بها أي شيء إلى الحياة، ورغم كل المصاعب وكل ما نواجهه في أيامنا ليس بإمكاننا العيش إلا إن خلقنا "دوزاننا" ولا تستمر هذه اليوميات والتفاصيل دون "دوزان" ابتداءً من حياتنا المنزلية إلى المجتمع وحتى السياسية، لذلك نحن بحاجة لدوزنة يتشارك فيها الجميع».

يضيف: «أطلقت ألبومي من سورية استمراراً لعلاقتي القديمة مع الجمهور السوري، وتجربتنا التي قدمناها اليوم هي من إحدى التجارب المنتشرة في العالم العربي، لكنها ما زالت قليلة لكونها صعبة تتأثر بنوع الآلة، الكتابة، العازفين، الجمهور المتلقي والتسجيل، فهو ليس عمل "أوركسترالي" يقرب المنتج إلى الجمهور بل هو بحاجة إلى آذان وأرواح مصغية بصدق».

أما الفنان "أيلي الخوري" يحدثنا عن ألبومه المشترك مع "روحانا": «علاقتي مع "شربل" ليست جديدة، فنحن نعمل معاً منذ زمن، لكن "دوزان" هو الألبوم المشترك الأول بيننا، لذا كانت تجربة مميزة، اختبرنا فيها تناغم آلتي عود بعازفين مختلفين، وهنا كان المكان بحد ذاته مهماً والجمهور مستمعاً جيداً، ولكون "دمشق" أرضاً لعشاق الطرب الأصيل كان من دواعي سرورنا إطلاق "دوزان" هنا لنشارك من خلاله هذا الجمهور ويشاركونا به».

يذكر أن "شربل روحانا" و"أيلي خوري" احتفلا بتوقيع ألبومهما "دوزان" خلال شهر آذار الماضي في غاليري "آرت هاوس" بدمشق، ثم انتقلا إلى محافظة "حلب" ليحتفلا مجدداً واليوم كان إطلاق الألبوم بأداء حي للمقطوعات أمام جمهور دمشقي.

ويذكر أيضاً أن الفنان الموسيقي "شربل روحانا" من مواليد "لبنان" 1965، حاصل على دبلوم في آلة العود من جامعة "القدس" وماجستير في العلوم الموسيقية، وقد ألّف منهجاً جديداً للعزف على آلة العود معتَمداً من قبل المعهد الوطني العالي للموسيقا "الكونسرفتوار" وفي معهد العلوم الموسيقية بجامعة "روح القدس" حيث يعمل حالياً. من أعماله "شغل بيت، العكس صحيح، كي لا ننسى، ومدى"، كما شارك في عدد كبير من الحفلات الفنية والموسيقية ونال عدة جوائز عالمية في دول مختلفة.