«أظهرت التنقيبات الأثرية في عام /1991/م في "تل البيعة"، أن هذه الآثار تعود إلى مدينة أثرية في العهد السومري تدعى "توتول". منحها موقعها الممتاز عند ملتقى نهري "الفرات" و"البليخ"، وفرة في المحاصيل الزراعية، وموقعاً ممتازاً للتجارة، حيث تجلب إليها البضائع والسلع من مدن بعيدة، وقد أدى ازدهارها الاقتصادي إلى قيام دولة قوية في مدينة تمتد بين /700×600/م بشكل مستطيل تحيط بها أسوار عريضة /6,5/م معززة بأبراج نافرة، وللمدينة بابان أحدهما يتجه نحو الغرب اكتشفت معالمه، عالمة الآثار الألمانية البروفيسورة "إيفا شترومنغر" عام /1987/م أما الباب الشرقي فلم يكتشف بعد».
هذا ما ذكره لموقع eRaqqa بتاريخ (10/12/2009) الباحث "محمد عبد الحميد الحمد"، في معرض حديثه عن مدينة "توتول"، وأهميتها التاريخية، وتاريخها السياسي.
كان القصر يتوسط المدينة، وهو يشبه قصر "ماري" في تصميمه، يمتد من الشرق نحو الغرب حوالي /42/م، أما امتداده من الشمال إلى الجنوب فهو أقل من ذلك، وكانت غرفة العرش /24×10/م تتصل من الجهة الجنوبية بحجرة صغيرة ضيقة تمثل قدس الأقداس في المعابد البابلية مخصصة لتعبد الملك. لقد دمر القصر الملك الأموري "حمورابي" عام /1850/ قبل الميلاد بعد استيلائه على "ماري" و"إيبلا" و"إيمار". أما معبد الإله "داجن" فإنه يقع في الجهة الغربية، على شكل مستطيل، طول الحرم فيه عشرة أمتار، وله محراب صغير في ضلعه الخلفي، ويخترق ضلعه القصير الأمامي باب، تتقدمه ردهة مفتوحة نحو الخارج، يعرف هذا الطراز من المعابد بالمعبد ذي الردهة الأمامية، وهو من الطراز الشائع في الجزيرة السورية على عكس المعابد المعتمدة على الأسلوب البابلي. كانت المدينة مزدحمة بالسكان، ولكن جودة التوزيع للبناء، وتنظيم المرافق العامة ومنها مجارير الصرف الصحي المغطاة، النافذة نحو خارج التل، ساعد على السكن النظيف والمريح
ويتابع "الحمد" وصف قصورها ومعابدها، بقوله: «كان القصر يتوسط المدينة، وهو يشبه قصر "ماري" في تصميمه، يمتد من الشرق نحو الغرب حوالي /42/م، أما امتداده من الشمال إلى الجنوب فهو أقل من ذلك، وكانت غرفة العرش /24×10/م تتصل من الجهة الجنوبية بحجرة صغيرة ضيقة تمثل قدس الأقداس في المعابد البابلية مخصصة لتعبد الملك. لقد دمر القصر الملك الأموري "حمورابي" عام /1850/ قبل الميلاد بعد استيلائه على "ماري" و"إيبلا" و"إيمار".
أما معبد الإله "داجن" فإنه يقع في الجهة الغربية، على شكل مستطيل، طول الحرم فيه عشرة أمتار، وله محراب صغير في ضلعه الخلفي، ويخترق ضلعه القصير الأمامي باب، تتقدمه ردهة مفتوحة نحو الخارج، يعرف هذا الطراز من المعابد بالمعبد ذي الردهة الأمامية، وهو من الطراز الشائع في الجزيرة السورية على عكس المعابد المعتمدة على الأسلوب البابلي.
كانت المدينة مزدحمة بالسكان، ولكن جودة التوزيع للبناء، وتنظيم المرافق العامة ومنها مجارير الصرف الصحي المغطاة، النافذة نحو خارج التل، ساعد على السكن النظيف والمريح».
وعن الصناعة في مدينة "توتول"، يقول "الحمد": «دلت اللقى الأثرية التي اكتشفت بين الأنقاض أن هناك صناعات حرفية متقدمة وذات تقنيّة عالية، منها معاصر الزيتون، وصناعة الأختام والفخار، وصياغة الحلي والذهب والفضة، وقد عثر على قبر كان الميت قد وضع على رأسه وريقات فضية، كما عثر على قبر طفل، وعلى مزمار وصنجات مصنوعة من الطين المشوي، بالإضافة إلى الدمى الطينية، التي تتضمن أشكالاً لعربات تبدو كلعب الأطفال، ولكنها ذات دلالة اقتصادية هامة، لأن العربة والمحراث هي دلالة على الثورة الزراعية الأولى.
وعن تاريخ المدينة السياسي، يتحدث الباحث "الحمد"، قائلاً: «أول مملكة عظمى في الشرق القديم عاصرت مدينة "توتول" هي مملكة "أكاد"، التي يعود تأسيسها إلى "سرجون الأول" /2334-2271/ق.م، الذي يعود نسبه إلى قبيلة سامية مهاجرة من شمال سورية، وأسس مملكة "أكاد" على نهر "الفرات"، بعد أن دمّر الممالك السومرية كلها وكلمة "توتول" بالسومرية تعني الآبار.
جاء "سرجون" إلى مدينة "توتول"، وكانت مدينة مستقلة يحكمها حاكم يلقب "آشاك"، أي التابع لإله المدينة "داجن"، الذي ادعى "سرجون" أنه منحه البلاد العليا مع "ماري" و"إيبلا"، وأعطاه السلطة بعد أن كان في خدمة ملك "كيش"، وسيطر على غابات الأرز في لبنان . ويقول عالمن الآثار البارون "اوبنهايم": «إن "سرجون" الأكادي لم يكن له منافس ولا عدو، ونشر في كل البلاد سناه الموحي للرعب، وكان /5400/ جندياً يأكلون يومياً بحضرته، أي داخل القلعة التي يحرسون فيها الخزانة وعنبر المعبد، وهاتان الأداتان هما رمز التسلط السياسي والاقتصادي».
إن في اختيار "سرجون" الأكادي مدينة "توتول" منطلقاً لفتوحاته دلالة هامة تشير إلى ناحتين: الأولى للمدينة فائض من المحاصيل الزراعية، مما يؤمن لجيشه الجرار الميرة للمسيرة نحو الغرب. والثانية، كانت المدينة تمثل رمزاً لثقافة المنطقة، عبادة الإله "داجن"، وهي مقر اتحاد عشائر المنطقة حول "ماري" و"إيبلا" و"إيمار" و"زلبا" و"حران"».
ويتابع "الحمد" في السياق ذاته، قائلاً: «لوحة حجر الأساس في مدينة "ماري" تذكر اسم ملك "توتول" باسم "باخلوكوليم" زعيم عشيرة "أمنا توم"، التي نصبته ملكاً عليها. واستطاعت باتحادها العشائري ضمان الاستقرار السياسي بين مملكتي "يمحاض"، "حلب"، و"ماري". كان "يخدون ليم" ملك "ماري" يصف نفسه ملك "ماري" و"توتول".
عندما حاول حاكم "توتول" المدعو "حلو قلولوم"، وملك "أبا توم"، لعلها "الثديين"، المدعو "عبا لوم"، وعشائر "الرابعيين" تدعمهم قوات ملك "يمحاض" ضد "يخدون ليم" ملك "ماري"، ولكن ملك "ماري" انتصر على هذا التحالف وهدم أسوار "توتول" وأسوار "حما توم".
في عهد "زيمري ليم بن يخدون ليم" ملك "ماري"، قامت ثورة بزعامة "ياشوب داجن" ضد الحاكم المعيّن بدلاً من الحاكم المدعو "لاناسوم"، والذي تحالف مع الثوار ومع ملك "زلبا"، لكن الحاكم "لاناسوم" استطاع بمساعدة قوّات "ماري" إخماد الثورة، ولكن ملك "ماري" عين حاكماً جديداً بدلاً منه المدعو "عبدوما داجن"، الذي وصف مدينة "توتول" لولي نعمته، بأنها مدينة جميلة، وأنه يمكن أن يبني له قصراً فخماً للحكم، لأن مناخ "توتول" خصوصاً في الليل ألطف من مناخ "ماري" الحار الرطب. فأرسل "زيمري ليم" ملك "ماري" إلى "توتول" حامية عسكرية دائمة، وبنى حصناً إلى جانب المدينة نقل إليه مهاجرين من مدينة "دابيكوم"، القريبة من "توتول".
في عام /1850/ق.م اجتاحت قوات "حمورابي" ملك "بابل" مدينة "توتول" ودمرها مع "ماري" و"إيمار" و"إيبلا". ومع مرور السنين انحدرت مكانة "توتول"، ولكنها ظلت مركزاً تجارياً هاماً بين مدن "الفرات" و"البليخ"، وفي عام /1988/ عثر الدكتور "ديتماير ماخولا"، رئيس البعثة الألمانية للتنقيب الأثري في "تل البيعة" على رقم طيني، هو عبارة عن عقد بيع بين أربعة أشخاص أحدهم من أهالي "توتول" والثلاثة الآخرون من أهالي مدينة "إيكالتا في آثار "المنباقة" على ضفة بحيرة الأسد اليسرى مقابل جبل "عرودة".
في زمن الصراع الآشوري، الحثي قطعت أواصر التجارة بين "توتول"، وبلاد ما بين النهرين، أصدر الحاكم الحثي "موشيلي الثاني" /1339-1306/ق.م أمراً يحذر فيه حاكم "كركميش" بأن لا يسمح للتجار من عنده بالذهاب إلى بلاد "آشور"، كما لا يسمح لأي تاجر من "آشور" بدخول بلده أو المرور بمدينة "توتول"».
ويختم الباحث "الحمد" حديثه عن تاريخ "توتول" السياسي، قائلاً: «أثناء الحملات الآشورية على سورية لم تذكر مدينة "توتول"، وذكرت بدلاً منها مدينة "تل سورا"، "الحمام" حالياً، أو مدينة "حما توم" السومرية، وكانت مدينة حصينة على شاطئ "الفرات"، قاومت حملات "شلمنا ناصر" الثالث /859-824/ق.م لمدة عام كامل، وبعد استيلائه على المدينة، بنى فيها قصراً، وجلب إليها جالية آشورية، وأسس ولاية آشورية، وظهرت مدينة "الرصافة"، "راسابا"، أي الرصيف، مقراً للحاكم الآشوري "شكنو" لحماية القوافل التجارية المتجه نحو "دمشق"، حمايتها من غارات البدو وكان شيخهم يدعى "جندب العربي"، الذي قاوم حملات الآشوريين عام /853/ق.م ببسالة وظل خطراً دائماً يهدد مصالحهم لعدة سنين.
وفي حملات الملك الآشوري "سنحاريب" /701/ق.م لم يرد ذكر لمدينة "توتول"، بينما ذكرت المدن المجاورة لها مثل "جازان"، "رأس العين"، و"حران"، و"الرصافة"، و"تل سورا" مقر سكنى "بني عدين". وفي هذا العهد دخلت منطقة "الفرات" قبيلتان بدويتان واستقرتا في حوض "البليخ" السفلي، هما قبيلتي "رخقو وريقو"، هذا ما ذكره الرحالة "هرتسفيلد"، وعلى ذلك بنى "هو نيغمان" افتراضه القائل إن تسمية "الرقة" مشتق من اسم قبيلة "ريقو" العربية».