يستمر عرض العمل المسرحي "تيامو" يومياً على مسرح الحمراء "بدمشق" وهو من تأليف وإخراج "رغدا الشعراني"، ويمزج العمل بين عدة عناصر فنية وشخصيات تاريخية مقتبسة من روايات الشاعر الانكليزي "شكسبير" حيث تبادلت شخصياته الرومانسية المعروفة الأدوار "روميو وجولييت" و"أوفيليا والأمير هاملت"، عبر استعانة مخرجة العمل بالقدر وحتمياته الذي يوقع "روميو" في حب "أوفيليا"، و"هاملت" في حب "جولييت".
وتناولت المخرجة في القسم الأول من العمل، الواقع الكلاسيكي والسرد التاريخي الذي يوصف حالة الشخصيات عارضة حالة الأمير "هاملت" وسعيه إلى اكتشاف مقتل أبيه، وانعكس الحزن الذي لون حياة "شكسبير" في أيامه الأخيرة على شخصياته عبر "روميو" ويأسه من الوصول إلى "جولييت".
العرض المسرحي "تيامو" قدم بطريقة جماعية وبنفس شبابي وبروح مغامرة، وكل من شارك في المسرحية راهن على نجاحها
وعن سبب السرد الواقعي لما عانته شخصيات "شكسبير" في الجزء الأول من المسرحية قالت مخرجة العرض "رغدا الشعراني": «الفكرة الرئيسية كانت إيجاد النصوص التي تحكي الحب والقدَر في نفس الوقت، فكان خياري في هاتين المسرحيتين للخروج بتوليفة بعد دمجهما، من هنا كرست المشاهد الأولى لإظهار العلاقة الواقعية التي جمعت "هاملت" مع "أوفيليا"، وعلاقة "روميو" مع "جولييت" على حقيقتها، حتى نستطيع إدراك التطور الذي سيحدث نتيجة الأُمنية التي تغير قدر الشخصيات فيما بعد».
الأسلوب الثاني الذي اتبعته مخرجة العرض كان عبر دمج الصورة السينمائية مع فضاء الخشبة من خلال شاشتين إحداهما في عمق المسرح، والثانية على يمين الجمهور.. إضافةً إلى اعتماد أسلوب "الغروتيسك" لدى الممثل المسرحي الذي يخرج من الصورة إلى الخشبة وبالعكس، وهذا ما أعطى العمل المسرحي متعة إضافية من خلال وضع المتفرج أمام مستويات بصرية متنوعة تخرجه عن الحالة الكلاسيكية للمسرح وخشبته، وتبعده عن الضجر الذي تسببه الحوارات الرتيبة.
وتقدم "شعراني" خلطاً مسرحياً من نوع آخر من خلال الرقصات الفنية المقدمة، حيث امتزج الرقص الشرقي مع الفلامنكو الاسباني والفولكلور السوري الجبلي، محولةً فضاء الخشبة إلى ما يشبه "بلاتو أستوديو تلفزيوني"، كما استفادت "شعراني" من عناصر الديكور والإضاءة ومن تصميم الأزياء للفنانة "ظلال الجابي"، والتي وضعتها ضمن مناخ ضوئي متقلب الأمزجة، متنقلةً بين إضاءات الكشافات المسقطة على الممثل، وبين إضاءات الليزر والفلاشرات النارية الخاطفة على طريقة حفلات توزيع "الأوسكار".
وكان لقاذفات اللهب الهائلة التي وضعت أمام خشبة المسرح وقع الصدمة لكل الحضور، الذي فوجئ بالنيران تنبعث منها وأبقت على جو من الانتظار والترقب لما سيأتي.
وعن هذا الخلط والمزج بين الفنون البصرية علقت "شعراني" بقولها: «نحن بحاجة للتجديد في هذا العصر بدءاً بأداء الممثل وانتهاءً بالتقنيات الموجودة، وفكرة السينوغرافيا جاءت من صميم العمل وليست مجرد حالة إبهار بصري».
شخصية الأمير "هاملت" التي تلونت بين حالة من الغضب والرغبة في الانتقام في أول العرض، وبين شخصية تلهث وراء الحب بطريقة ساخرة في الجزء الثاني منه تحدث لنا صاحبها عن هذا التغير بقوله: «العمل المسرحي من تأليف وإخراج "رغدا شعراني" وهذا الأمر ساهم في تنوع النص بطريقة جذابة وبسيطة، وحتى في القسم التراجيدي من العمل، حاولنا أن يكون هناك نوع من التنوع والتجديد البعيد عن التكرار في الأعمال المسرحية الكلاسيكية».
ويقع الأمير "هاملت" في حب أميرة العشق "جولييت" بعد أن جمع قدر "رغدا شعراني" بينهما، وعن شخصيتها في العمل قالت لموقعنا "هنوف خربوطلي": «العمل المسرحي بحاجة إلى نجم تلفزيوني حتى يدفع الناس إلى ارتياد المسرح ومشاهدة المسرحية، وأحببت القيام بشخصية "جولييت" في الناحية الأولى التي تناولت السرد التراجيدي لعلاقة الحب التي جمعتها مع "روميو"، أو من الناحية الأخرى التي عبث القدر بأجزائها لتقع في حب "هاملت"، فالشخصية مركبة وتعرض لحالات إنسانية مختلفة».
أما الشخصية التاريخية الثانية فهي "أوفيليا" التي قامت بأدائها الممثلة "نسرين الحكيم" فهي أيضاً حملت معها النقيضين وعن ذلك تقول "نسرين": «أوفيليا في هذا العمل تحمل النقيضين الكلاسيكي والواقعي، وحاولت بذل ما أستطيع في تجربتي المسرحية الأولى، وأرجو أن أكون قد استطعت تحقيق النجاح، لأنني أجد نفسي على خشبة المسرح وسيكون هناك تجارب أخرى قادمة».
أما الفارسة الذائعة الصيت والرائعة الجمال "شانتال" والتي تكرهها النساء لجمالها ويقتل الفرسان للوصول إليها فلعبت دورها الفنانة "لورا أبو أسعد" في تجربتها المسرحية الثانية، بعد عرض أول من إنتاج المسرح القومي بمشاركة الفنانة "مها الصالح"، وفي لقائها معنا يوم الثلاثاء 3/2/2009 قالت "أبو أسعد" عن تجربتها: «العرض المسرحي "تيامو" قدم بطريقة جماعية وبنفس شبابي وبروح مغامرة، وكل من شارك في المسرحية راهن على نجاحها».
وعلقت على الحضور الذي غصت فيه مدرجات مسرح الحمراء بقولها: «كل من حضر المسرحية نقل ما شاهده فيها، وهذا ما ساهم في زيادة الإقبال عليها، وأعتقد أن الأسماء المشاركة في العمل لا تعني الكثير ولكن المهم هو مضمون العمل، والحضور اليوم دليل على أن المسرح السوي بخير، وهو يستحق أن نقدم له أعمالاً مسرحية مميزة».
بعد نجاح الفنانة "لورا أبو أسعد" في عدد من المسلسلات الدرامية، ومشاركتها في دبلجة المسلسلات التركية التي لاقت نجاحاً واسعاً على المستوى العربي، تنتقل "أبو أسعد" إلى المسرح آملة في أن تحقق النجاح ذاته.
بقي أن نشير إلى أن العرض شهد مشاركة مجموعة من الممثلين السوريين الشباب وهم: "لورا أبو أسعد، نسرين الحكيم، علاء الزعبي، جابر جوخدار، كامل نجمة، شادي الصفدي، الوليد عبود، شادي مقرش، فرزدق ديوب" وآخرون.