تعانق كنيسة "حيط" ضفاف "وادي اليرموك" وتعبّر أرضيتها المرصوفة بالفسيفساء، عن الفن الرفيع للموزاييك في جنوب سورية. تقع الكنيسة في قرية "حيط" على ضفاف "وادي اليرموك"، في منطقة صخرية بركانية متعرجة غير جنوب سورية، وتبعد نحو /40/ كيلومترا غرب مدينة "درعا".
وقد استفاد المعماريون والبناؤون في عملية البناء من الصخر الطبيعي، الموجود في تلك المنطقة، دون الحاجة إلى البناء بحجارة مقصوبة. موقع eDaraa بتاريخ 18/12/2008 التقى مدير الآثار بـ"درعا" المهندس "محمود المشهداوي" الذي حدثنا عن الكنيسة بالقول: «بنيت الكنيسة حسب المخطط "البازيليكي" المستطيل، حيث يصل طول الكنيسة الكلي إلى /14/م تقريباً، وعرضها /8/م تقريباً، وهي من الكنائس ذات الجناح الواحد "السوق الواحدة"، وهي مقسمة إلى ثلاثة أقسام: المذبح "الحنية" – المصلى "القاعة الكبرى" – قسم الأحواض . للكنيسة باب واحد يقع في الجهة الغربية. أما المصلى فيبلغ طوله /11/م وعرضه 4م، أرضيته مرصوفة بحجارة الفسيفساء، التي تحتوي على صور رائعة، ذات مواضيع بشرية وحيوانية وطبيعية. وفي الوسط يوجد حوض صغير بطول /1/ م، جدرانه مطلية بالكلس وعمقه /10/ سم.
وبالنسبة للقسم الشمالي فيتضمن الحوض الشرقي وهو الأكبر، ذو شكل مربع 3 × 3 م، ينخفض مستواه عن مستوى أرضية المصلى بحوالي /40/ سم، ويمثل حوض التعميد، الجداران الشمالي والشرقي فهما من الصخر الطبيعي المنحوت، وفي الزاوية الشمالية الغربية بنيت غرفة أبعادها /3/م ×/4/م، الجدار الغربي مهدم، قد تكون هذه الغرفة تمثل مستودعاً، أو مكان برج الكنيسة، أرضيتها وجدرانها مطلية بالكلس
أما "الحنية" والتي يقصد بها "المذبح" فتقع في الجهة الشرقية، وهي ذات مخطط مميز وفريد، أرضيتها مغطاة بالفسيفساء، تحوي على شكل مزهرية تتفرع منها أغصان وتفرعات متعددة. للمذبح شكل مربع مثل الطراز السائد للأشكال "الحنايا" المنتشرة في بناء الكنائس السورية. تبلغ أبعاده /2.5/غرب× شرق، و /3/ م شمال× جنوب.
طاولة المذبح كانت في صدر المذبح، حيث ظهرت بقاياها المحطمة والمصنعة من مادة الرخام، وكانت ترتكز على أربعة أعمدة رخامية صغيرة، اثنان منها بحالة جيدة". أقيم على كامل محيط جدار المذبح من الداخل مصطبة بعرض/30/ سم مغطاة بالكلس، يتوسطه مصطبة في منتصف الجدار الشرقي مقعد مرتفع عن المصطبة، حيث مكان الكاهن الرئيسي خلف طاولة المذبح أثناء إقامة الشعائر الدينية. يمثل ذلك مقاعد رجال "الإكليروس" الذين يحيطون بالأسقف الكبير الذي يجلس وسطهم، وعلى الجدار الشرقي ذاته توجد كوتان جداريتان على يسار ويمين الكاهن الأكبر، كان يوضع فيهما تماثيل السيد "المسيح". أما الجدار الغربي للمذبح فيمثل جدار "الأيكونوستاز" وهو الجدار الفاصل بين الكاهن والجمهور، وتعلق عليه الأيقونات التي تمثل السيد "المسيح" و"السيدة العذراء" و"الحواريين". حيث ظهرت بعض حجارته وهي مزينة بالفريسك الملون».
ويتابع السيد مدير الآثار بالقول: «وبالنسبة للقسم الشمالي فيتضمن الحوض الشرقي وهو الأكبر، ذو شكل مربع 3 × 3 م، ينخفض مستواه عن مستوى أرضية المصلى بحوالي /40/ سم، ويمثل حوض التعميد، الجداران الشمالي والشرقي فهما من الصخر الطبيعي المنحوت، وفي الزاوية الشمالية الغربية بنيت غرفة أبعادها /3/م ×/4/م، الجدار الغربي مهدم، قد تكون هذه الغرفة تمثل مستودعاً، أو مكان برج الكنيسة، أرضيتها وجدرانها مطلية بالكلس».
ويؤكد "المشهداوي" بأنه قد غطت أرضية المصلى والمذبح بالفسيفساء ذي الأشكال والمواضيع الرائعة، والتي تعبر عن الفن الرفيع للموزاييك في جنوب سورية. يتمثل الموضوع في المذبح بوجود مزهرية ذات مقبضين مزينين بزخارف هندسية ونباتية منفذة بدقة، تنبثق من فوهة المزهرية أغصان نباتية تشكل دوائر، ضمن الدوائر توجد أشكال طيور ولكنها مخربة "مطموسة"، ومغطاة بالكلس قديماً. تتدلى من الأغصان أوراق وعناقيد عنب كانت تشتهر بزراعته قديماً منطقة "حوران". أما موضوعات الفسيفساء على أرضية المصلى فهي متنوعة ولكن معظمها مطموس ومغطى بالكلس قديماً، من المواضيع صورة رجل يمسك بيده غصن الزيتون وباليد اليمنى عصا مربوط بها وشاح يضعها على كتفه، وتمثل الراعي الصالح "السيد المسيح رسول المحبة والسلام"، وهي محورة عن هيئة الإله "هرمز" عند اليونان و"ميركور" عند الرومان، وهو إله المراسلة.
وينهي مدير الآثار حديثه بالقول: «يشير مخطط الكنيسة ذو الجناح الوحيد إلى مرحلة مبكرة من البناء، حيث أن هذا الطراز المعماري كان الأول في بناء الكنائس، تطور فيما بعد طراز الكنائس ذات الثلاثة أجنحة "مار الياس" و"مارجاورجيوس" في "ازرع". والمثال الأقرب لكنيسة "حيط" هي كنيسة "جوليانوس" القديمة في مدينة "أم الجمال" الأردن والتي تعود إلى القرن الخامس الميلادي. من جهة أخرى فإن شكل الحنية المربعة فهو يعود إلى فترة مبكرة، ويعتبر فريداً في منطقة جنوب سورية، وقد تطور عنه شكل الحنية النصف دائرية فيما بعد».