في روايته الثانية يقدم الكاتب "محمد رضوان" شخوصاً عاشوا بيننا يوم كان المحتل الفرنسي واقفاً بانتظار الحسم النهائي والقضاء على ثوار الجبل، والقارئ للرواية يدرك أن "رضوان" استعار أشياء كثيرة من الواقع وصاغها بلغة أخاذة وجزلة وأحياناً اقترب كثيراً من الشعر.
يقول الناقد "جهاد عقيل" الذي التقاه موقع eSuweda يوم السبت الواقع في 8/11/2008: «تحاكي الرواية فترة حاسمة من عشرينيات القرن العشرين في الجنوب السوري أثناء الاحتلال الفرنسي، فإننا نرى المعارك حقاً ونرى بعض المشاهد التي تصور ذلك، إلا أنها، أي المعارك والبطولات، تتوزع كخلفية تناغمية ومساحات لونية لتشكل إلى حد ما الفضاء بالمدلول الروائي الذي تدور من خلاله الأحداث. من حيث إنه يقوم على فضاء الصراع إلا أنه سيتبدى للبعض بأن ذلك يحطم هالات الغربة والقداسة الذي تغلف ذلك الزمن البطولي من حيث إن خطابها اقتراب من مناطق التحريم لكن الحقيقة والأمر يحسب هنا للرواية بأنها استطاعت أن تقدم رؤيتها فيما يتعلق بهذا الأمر دون اسفاف أو تعد على تلك المناطق، في الوقت الذي استطاعت كذلك أن تثبت كل مكونات النمذجة البطولية وتقدم مفهومها الخاص عن البطولة من خلال الانتباه الحاد للتفاصيل التي تجعل المتلقي يعتقد لوهلة بأنه يعيش عوالم لا تنفصل في مبناها عن ألف ليلة وليلة من حيث احتفاؤها بالتفاصيل والأمكنة واندماجها بالطبيعة لتتشكل المشاهد اللونية التي يبرز استخدامها على قاعدة الصورة الحسية المتناغمة مع العمل ككل وليبرز المكان أحد الأبطال الرئيسيين للعمل مما يذكر بـ (ما تبقى لكم) لـ"غسان كنفاني"، حيث إنك لا تستطيع أن تعتبر الساعة أو الصحراء في الرواية السالفة خارج ذلك».
إن الذهاب إلى عالم قديم يفترض بداية إبطال مفعول عالم قائم وذلك عبر آليات اختراق لمتلق لا يستطيع إدراك ذلك إلا عبر الآليات ذاتها عند ذلك نستطيع أن نحدد البطولة بالمعنى الفني (الشخصية المحورية)، فمن الدخول الأولي في أجواء الرواية تتوجه أنظارنا إلى الأمير "شهاب" على أنه يمثل هذه الشخصية، حيث إن مسار الأحداث يتم عبر تكسرات وأوجاع داخل هذه الذات السلطوية، لكن الرواية تجهد منذ البداية لأن تؤسس للخروج عن مألوف الحياة السائد الذي يمثل السلطوي بإحكام سطوته وسيطرته بحيث يشكل الأصل، فنجد "شمس" وهو يحاول التخلص من الفرنسي كنمط سلطوي حاول عبر سنوات الاحتلال أن يشكل السائد واليومي والمعاش، وتجد "منصور" يخرج على الأمير "شهاب" محاولاً تحريض الفلاحين بعدم دفع الإتاوات، وحتى الأمير نفسه يخرج على الأعراف والسائد الاجتماعي حين يخطف "ليندا" ويمضي بها إلى "كفر العسل"
وعن شخوص الرواية قال "عقيل": «إن الذهاب إلى عالم قديم يفترض بداية إبطال مفعول عالم قائم وذلك عبر آليات اختراق لمتلق لا يستطيع إدراك ذلك إلا عبر الآليات ذاتها عند ذلك نستطيع أن نحدد البطولة بالمعنى الفني (الشخصية المحورية)، فمن الدخول الأولي في أجواء الرواية تتوجه أنظارنا إلى الأمير "شهاب" على أنه يمثل هذه الشخصية، حيث إن مسار الأحداث يتم عبر تكسرات وأوجاع داخل هذه الذات السلطوية، لكن الرواية تجهد منذ البداية لأن تؤسس للخروج عن مألوف الحياة السائد الذي يمثل السلطوي بإحكام سطوته وسيطرته بحيث يشكل الأصل، فنجد "شمس" وهو يحاول التخلص من الفرنسي كنمط سلطوي حاول عبر سنوات الاحتلال أن يشكل السائد واليومي والمعاش، وتجد "منصور" يخرج على الأمير "شهاب" محاولاً تحريض الفلاحين بعدم دفع الإتاوات، وحتى الأمير نفسه يخرج على الأعراف والسائد الاجتماعي حين يخطف "ليندا" ويمضي بها إلى "كفر العسل"».
إن الرواية وهي تتوجه إلى إعادة صياغة أسئلة الآليات الداخلية والأولويات الدفاعية للنمط السلطوي السائد تجترح خصوصيتها وتؤسس لتفردها في هذا المجال ومن الطبيعي عندئذ أن تأخذ شخصية الأمير المساحة التي تؤهلها لتكون الشخصية المحورية في العمل وأكثر ما يذكر ذلك بمسرحية "اوجين يونيسكو" (الملك يموت) حيث الملك وهو يسير على حواف الموت لا يرى سوى الأشجار والأشياء والناس الذين يحيطون به يتلاشون الواحد تلو الآخر دون أن يخامره شك للحظة واحدة بأنه من يموت، هنا ينكفئ السرد على ذاته مستخدماً كامل ممكناته من تمازج رائع بين الطاقات والشحنات الانفعالية من جهة والوقائع الموضعية من جهة أخرى، فإننا نجد الراوي وهو يخلف ورائه مساحات ممتدة تقطر بالعلاقات الانفعالية مع الأشياء والموجودات حيث إنها تقيم معها تواشجاً حسياً يتسرب من خلال الكم الهائل من اللغة الشعرية التي تقدمها الاستعارات والمجازات وسنجد كيف أن الأمكنة استطاعت بحق أن تكون المعادل الموضوعي للشخصيات التي من خلال ذلك كونت مفهوم الرفض والخروج الذي تحدثنا عنه سالفاً.