لم يظهر في المسلسل الحالي "أسمهان" الذي يعرض على عدد من القنوات العربية، البيت التاريخي الذي أقامت فيه الفنانة العربية الكبيرة "أسمهان" مع زوجها الأمير "حسن الأطرش" لسنوات في مدينة "السويداء" والذي يشغله اليوم "الدفاع المدني".

وقد أوضح السيد "جهاد أبو زكي" مدير سياحة "السويداء" لمراسل موقع eSuweda يوم الخميس 25 من شهر أيلول لعام 2008: «إن وزارة السياحة وافقت على تحويل البيت التاريخي في "السويداء" إلى متحف حالما يتم تأمين مقرٍ بديل للجهة الشاغلة حيث إن هذا البيت مستملك بقرار صدر في العام 1974وهو مسجل في "دائرة آثار السويداء"- "المدينة القديمة"- بحيث لا يمكن إضافة أو إجراء أي تعديل أو تغير فيه بل سيبقى كنزاً تاريخياً للأجيال ونقطة جذبٍ ثقافية وفنية ذات قيمة عالية لأعلام الفن ليس على مستوى الوطن العربي فحسب بل على مستوى العالم.

إنها أكثف القرى سكانا في السهل الحوراني وأكثرها عذوبة وجمالا فهواؤها وماؤها وترابها طيب

يضم المشروع بيت "أسمهان" وأرشيف الموسيقار "فريد الأطرش" وأرشيف الفنان "فهد بلان" ومسرحاً في الهواء الطلق للموسيقيين، وقد تم تشكيل لجنة مختصة لدراسة توظيف هذا الموقع الجديد وإعداد الكشف التقديري اللازم لتنفيذه».

وكنا تابعنا تصوير العديد من المشاهد من المسلسل الحالي في منزل الأمير "حسن" الذي أقامت فيه الفنانة في بلدة "عرى" ونشر الموقع لقاءات خاصة مع الفنانة "سلاف فواخرجي" والفنان "فراس ابراهيم" والفنان "عابد فهد"، ولهذا المنزل ولبلدة "عرى" أيضاً قصة مع التاريخ، فقد قال السيد "زياد الجوهري" ابن بلدة "عرى": «إنها بنيت على يد أمهر المعماريين من "جبل العرب" عام 1886 وتعتبر معلماً أثرياً وتاريخياً وعلى الرغم من كل الظروف الاجتماعية التي مرت على الدار في العهد العثماني وزمن الانتداب الفرنسي، فالسمة الأساسية لهذه الدار، أنها كانت ملاذاً لكل محتاج ومجيراً لكل من استجار بها، وأن البلدة محافظة على تراثها الذي هو جزء لا يتجزأ من تراث الجبل عامة، وهو ما يفخر به أبناء السويداء وأبناء البلدة.. تحيط بالبلدة بعض الخرب القديمة التي كانت حواضر عامرة في العهد الإسلامي (العباسي) والعصور المتأخرة، وقد شغلت مكان العاصمة لجبل العرب منذ منتصف القرن الثامن عشر، وكانت الدار الحالية للأمير تمثل "دار الدروز" منذ تسلم الشيخ "إسماعيل الأطرش" الحكم في الجبل بعد الخلاص من حكم "واكد الحمدان" وتوالى على الحكم من بعده أبناؤه وأحفاده ثم انتقلت الزعامة إلى "السويداء" وعادت إليها بعد نصف قرن. وقد شهدت البلدة عمرانا وازدهارا حضاريا في العصور السابقة، ففيها آثار هامة، منها سور روماني قديم وكنيسة، من العهد الروماني في القرن الأول قبل الميلاد وقد أقام فيها "الغساسنة" إمارتهم في "جنوب سورية" والتي دامت قرنين من الزمن وورد ذكر نبعها "نبع عرى" الذي كان يمثل الشريان الحيوي للجناح الشرقي لهذه الدولة باسم "نبع غسان" وقد قال فيه الشاعر "حسان بن ثابت الأزدي":

«إما سألت فإنا معشر نجب/ الأزد نسبتنا والماء غسان»

دار الأمير حسن في عرى

وذكر أحد الرحالة السويسريين في كتابه الكبير "رحلات في سورية" في عام 1810ـ1811 عنها: «إنها أكثف القرى سكانا في السهل الحوراني وأكثرها عذوبة وجمالا فهواؤها وماؤها وترابها طيب»، وقد افتتحت في بلدة "عرى"أول مدرسة حكومية عام 1923 وقبلها كان ثمة كتاتيب ومدرسة أهلية لتعليم التلاميذ بأساليبها المعروفة وتعتبر "عرى" موئلاً لعدد من قدامى المتعلمين والسياسيين في محافظة "جبل العرب"، شارك أهلها في "الثورة السورية الكبرى" وقدمت عدداً من الشهداء وحصلت فيها معارك هامة مثل معركة "رساس" و"عرى" التي تعتبر في المرتبة الثالثة، بعد معركتي "الكفر" و"المزرعة" وشهدت في الأيام الأخيرة للثورة السورية الكبرى معارك طاحنة مع الفرنسيين مثل يوم "الجواني" ويوم "الكتف" وقد عرفت القرية في الأربعينيات ظاهرة فريدة كانت جزءاً من الحالة النهضوية والثقافية المبكرة في الجبل آنذاك تمثلت بتأسيس "النادي الأدبي" عام 1942 الذي استمر أربع سنوات حيث كانت تلقى المحاضرات وتعقد الندوات.

دخلت المياه إلى القرية بالأنابيب عام /1942/ بجهود الفنانة المعروفة "أسمهان" التي عاشت في "عرى" زوجة للأمير "حسن الأطرش"، كما شهدت البلدة زيارة "الجنرال ديغول" قائد قوات "فرنسا الحرة" في شهر آب 1941 وإذا كان لهذا البيت وللعائلة ولـ"أسمهان" شخصياً كل هذه المكانة ولزوجها الأمير "حسن الأطرش" كل هذا التاريخ وكل هذه القصة مع التضحية في سبيل الوطن ومع معاني الكرم والوفاء لقيم العروبة وأخلاقها، فهل كان الأمر كذلك مع المسلسل الذي حمل اسم الفنانة الأسطورة "أسمهان"؟!

منزل عرى من الداخل