يقع تل "الممباقة" على الجهة اليسرى لبحيرة الأسد، في منطقة "الجرنية"، يقابله من الجهة الثانية جبل "عرودة" وتل "حبوبة"، بالقرب من تل "الشيخ حسن" على بعد أكثر من 100كم غرب مدينة "الرقة".

وعن قصة اكتشاف الموقع تحدث السيد "أنس الخابور" رئيس دائرة الآثار بالرقة لموقع eraqqa بتاريخ (13/8/2008) قائلاً: «في عام /1907/ وصل إلى "الممباقة" الرحالة الانكليزي "بيل" وتحدث عن بوابات المدينة وسورها، وقال إنها من أكثر المناطق التي زارها متعة، وفي عام /1968/ اختار الألمان موقع "الممباقة" للبحث الأثري، بعد نداء من منظمة اليونسكو لإنقاذ التلال قبل أن تغمرها مياه بحيرة الأسد، وبدأ العمل في الموقع منذ شهر أيلول عام /1969/».

لقد تم معرفة الاسم القديم للموقع، من خلال الكتابات المسمارية التي عثر عليها في هذا الموقع، ولقد ذكرت في المصادر باسم مملكة "إيكالتا"، وقد ذكرها الفرعون المصري "تحوتمس" الثالث بأنها مدينة مهمة وكبيرة، وقد دمرها أثناء حملاته على المنطقة، وذلك في نقش موجود اليوم على معبد الكرنك الشهير في مصر

ولدى سؤاله عن الاسم القديم لموقع الممباقة أجاب "الخابور": «لقد تم معرفة الاسم القديم للموقع، من خلال الكتابات المسمارية التي عثر عليها في هذا الموقع، ولقد ذكرت في المصادر باسم مملكة "إيكالتا"، وقد ذكرها الفرعون المصري "تحوتمس" الثالث بأنها مدينة مهمة وكبيرة، وقد دمرها أثناء حملاته على المنطقة، وذلك في نقش موجود اليوم على معبد الكرنك الشهير في مصر».

أنس الخابور مدير آثار "الرقة"

وعن الواقع الأثري والتاريخي للموقع أضاف: «كان لإيكالتا دور كبير، في الصراع بين الحثيين والآشوريين والمصريين، فتل "الممباقة" يعود لفترات مختلفة من الألف الثالث قبل الميلاد حتى العصور الإسلامية، ويرجع الاستيطان البشري الأول للممباقة إلى فترة البرونز المبكر حوالي/2500/ ق.م، حيث كانت المدينة محاطة بسور شأنها في ذلك شأن كل المدن القديمة، ولها بوابتان الأولى في الجنوب، والثانية في الشمال الشرقي، وفي إحدى غرف الجدار الدفاعي وجد جدار ملون بالأحمر والأزرق يمثل مشهداً راقصاً وقد عثر كذلك على أكواب، إضافة للتماثيل النسائية ذات العيون الكبيرة، وتحت أرضية إحدى الغرف وجد إناء يحتوي على أدوات برونزية وحلي ذهبية وفضية وبرونزية وعيون من الحجارة وأوانٍ برونزية، عثر على إحداها كتابة سومرية، وهي الكتابة السومرية الوحيدة التي عثر عليها في منطقة البحيرة، كما عثر على أختام اسطوانية أكادية وقطع برونزية مستوردة على ما يبدو من أوغاريت، أما بالنسبة لفترة البرونز الوسيط، وجدت أبنية كبيرة من اللبن وسور بطول /64/متر، وقد عثر في هذه الفترة على رأس منحوت بشكل بارز، صنع من الطين المشوي لعله رأس آلهة بتاج ذي قرنين.

أما فترة البرونز المتأخر أو الحديث، فهي فترة الازدهار، حيث قامت مملكة "إيكالتا" وامتلأت بالمنازل التي وصل عددها إلى /450/ منزلاً، ويقطن كل منزل ما بين أربعة إلى ستة أشخاص، أي أنه كان في "إيكالتا" بين (2000 إلى 2500) نسمة، وقد كان تصميم المنازل فيها يشبه التصميم الحديث للمنازل، أي غرفة رئيسية للاستقبال، وغرف أخرى لبعضها درَج يؤدي إلى الأعلى، وحوش وتنور وأماكن لتخزين الطعام، ويدل تخطيط الشوارع والساحات على اهتمام السكان البالغ بمدينتهم، وقد عثر على معبدين ضخمين كل منهما بطول /33/م وبعرض /14/م كانت تمارس فيهما الطقوس الدينية، كما عثر على معبد ثالث ضخم ومخازن وإسطبلات، ولم يعثر على قصر لسيد مدينة "إيكالتا"، ومن أهم المكتشفات واللقى في هذه المرحلة، نحت طيني بارز يمثل ربة مجنحة عارية، تمسك كل يد من يديها بمعزة صغيرة، كما عثر على مجسمات عدة للربة عشتار، وفي بعض المشاهد بجنبها اللبوات، كما تم العثور على جرار وأدوات للطبخ.

لكن الأهم من كل هذا، هو العثور على مجموعة من الكتابات المسمارية التي أعطتنا اسم المدينة القديم، وكتابات أخرى أفادت أن المدينة كانت سوقاً ومركزاً تجارياً تباع فيه الأغنام والماعز والحبوب والمعادن الثمينة».