في بيته، حيث يعيش مع زوجته التشكيلية «هيام سلمان»، اختار النحات «ماهر علاء الدين» غرفة وسط حديقة خارجية، لينتقل بها إلى عالمه الخاص، حيث يترجم حواره مع العالم الخارجي، ويجسد رؤيته الخاصة للأشياء.

منحوتات (ماهر علاء الدين)، تظهر ميله الواضح، لإظهار تلك العلاقة الأزلية مع الجنس الآخر، فكثيراً ما يجسد إنسان منحوتاته، سجيناً لنفسه، منغمساً في حاجاته، غارقاً في أحلامه.

نحات من مواليد اللاذقية (1961)، عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية، له مجموعة من المعارض الفردية، في سورية ودول أخرى، وحصل على عدة جوائز فنية، وتقديرية نذكر منها: شهادة تقدير من وزارة الثقافة في سورية مهرجان المحبة (1995)م، والميدالية الذهبية (مهرجان المحرس الدولي في تونس 1998)، وشهادة تقدير من مدينة المعارض والأسواق الدولية في دمشق (2003).

عمل ملون

«ماهر علاء الدين»، لون مختلف من ألوان الساحة النحتية الواسعة في سورية

eLatakia زارته في مرسمه، وأجرت معه الحوار الآتي:

أحد الاعمال

*حدثنا عن تجربة النحت، ولماذا تكثر من استخدام خشب الزيتون؟

-"لقد عملت بجميع الخامات من معدن، حجر، بولستر، وأخشاب مختلفة، منها الزيتون إلا أنه كان ولا يزال رفيق دربي المحبب، فيظل الزيتون في دخيلة إنسان الساحل، وفي مرايا روحه، منذ أوغاريت، حتى الآن، غذاءً وضوءاً وسفنناً للإبحار، هو أبجدية لتجربة صار عمرها أربعة عقود، من هنا بدأت تجربتي النحتية، مع هذه الشجرة الجميلة التي تحاضرني من كل صوب.

ويتابع علاء الدين: "في هذه التجربة التي أمزج فيها بين التشخيص والتجريد، بين التعبيرية، والرمزية، حيث أقتفي أثر التكوين الطبيعي للخامة، وأقوم بتوزيع الفراغات المغلقة والمفتوحة ضمن الكتلة وحولها، منوعاً في الملمس الخارجي للسطوح، فأصقل بعضها وأترك البعض الآخر خشناً أو بطريقة الخطوط المتجاورة، علاقتي مع الخامة، هي علاقة حوار عفوي، غير خاضع لمفاهيم وقوانين مسبقة، تنقاد له الخامة بليونة ويسر تارة وتقوده تارة أخرى، إلى أن تتحول الكتلة التي أعمل عليها إلى تكوين نحتي ناهض في الفراغ تتوزعه الكتل والفراغات والخطوط بحركة لينة تبدأ من القاعدة وترتد إليها في دائرة مغلقة، أما القامات الإنسانية فتبدوا مجردة غير واضحة غير أن العين تهتدي إليها بيسر وبلا عناء رشيقة متعانقة متحاورة".

*مواضيع أعمالك مستمدة من الحياة الاجتماعية، فنجدك تميل لتظهر الإنسان منخرطاً في حاجاته الجسدية، فما دافعك لذلك؟

-"الإنسان كائن اجتماعي، وهذا ما يميزه عن الكائنات الأخرى، والفنان ابن بيئته الاجتماعية، يعيش فيها، ويتفاعل معها، ولا يستطيع إلا أن يكون مؤثراً ومتأئراً بها، مشاكل هذه البيئة، أحزانها، أفراحها، تؤثر كثيراً على الفنان، لأنه حساس بطبيعته، ولذلك لا بد من أن يصورها بالنحت، أو الرسم، أو الشعر، ويكفي أن ننظر إلى وجوه الآخرين في الشارع، أو السيارة، أو الحديقة، بتمعن ودقة، لنخرج بعشرات القصص، والمواضيع، التي تصلح أن تكون لوحة، أو قصية، أو منحوتة".

  • أشكال أعمالك تملك انسيابية واضحة، فهل أنت كذلك في حياتك اليومية؟
  • هذا الكلام صحيح، الانسيابية تعني المرونة، والبساطة في سطح العمل النحتي، وتكوينه، وكلما كان العمل النحتي بسيطاً، كلما كان أجمل، وأقرب إلى الآخرين، أما بالنسبة لي، فأنا كما قال الشاعر المرحوم، (رياض صالح الحسين: بسيط كالماء واضح كطلقة مسدس) ومواقفي في الحياة، تأتي من هذا المنطلق"

  • بعد هذه المسيرة الطويلة، كيف تنظر إلى فن النحت في سورية؟
  • -"مازال النحت في سورية يميل إلى التجارب الشخصية، بعيداً عن التجارب النحتية العالمية، رغم وجود بعض الأسماء التي حاولت الخروج من تلك الخاصية، رغم أن فن النحت في سورية خرج إلى العالم منذ أكثر من عشرة آلاف سنة".