منذ انطلاقتها في أواخر سبعينيات القرن الماضي، مرت الدراما الإذاعية الخاصة بالأطفال بالعديد من المحطات حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، حيث شكلت هذه الدراما عالماً خاصاً مع تحول الكلمة إلى صورة في عقل الطفل المستمع يدرك من خلالها الفكرة العامة للنص الدرامي المسموعة.
في الماضي
يتحدث المخرج الإذاعي والكاتب والممثل "مازن لطفي" وهو أحد رواد الدراما الإذاعية على نشأة هذا النوع المخصص للأطفال والتي توازي دراما الكبار بأهميتها في المجتمع تربوياً وأخلاقياً، لأن الأطفال بحاجة دائمة لتوجيه.
في فترة معينة عملت مع المخرج "محمد غزاوي" وحالياً تقدم دائرة الدراما الإذاعية تمثيلية أسبوعية من إخراج "حمدي شويكي" الذي بدأ العمل عام 2008 كمخرج مساعد في دراما الأطفال الإذاعية وأبدع حالياً بإخراج دراما الأطفال، حيث تبلورت الحكاية وأصبح لدينا ركن خاص هو دراما الأطفال في إذاعة دمشق من إنتاج دائرة الدراما الإذاعية التي يرأسها حالياً المخرج "باسل يوسف"، تطورت الحالة والنصوص لتتناسب مع العصر وتقدم باللغة العربية الفصحى، وتمتاز بتنوع الكتاب والمتابعة الدائمة من جمهور الأطفال
ويقول: «بدأت برامج الأطفال بالأبيض والأسود مع برنامج "نادي الأطفال" في التلفزيون العربي السوري، ثم في الإذاعة بدأنا بإنتاج تمثيليات قصيرة لها علاقة بأدب الطفل ودراما الأطفال، ويعود الفضل في ذلك لعدد كبير من الكتاب والمعدين وأهمهم الدكتورة "أمل دكاك" والإعلامية "روشان علبي"، وقد قمت بإخراج عدد من هذه الأعمال في أعوام 1978 و1979 وبدأنا تقديم مسلسلات للأطفال ومنها مسلسل "خلف الشمس" للدكتور "طالب عمران"، وهو دراما خيال علمي للأطفال وموجه للأسرة بشكل عام، وتابعنا تقديم دراما الأطفال في إذاعة دمشق، حيث بدأ الكتاب في عامي 1988 و1989 برفد دراما الأطفال بنصوص مهمة، وقمنا بإخراج مسلسلات كاملة للأطفال من أداء بعض الأطفال بعد تدريبهم على الأداء التمثيلي، وكان من حسن حظي أنني قمت بإخراج مسلسل "صديقي العبقري" وهو مكون من ثلاثين حلقة، ويحكي عن اقتناء الحاسوب في البيت كعقل إلكتروني مفيد للأسرة، وقام ببطولته كل من الفنانين "محمود جركس"، "سليم كلاس"، "صباح بركات"، "نسرين الحكيم"، وقام بأداء دور الحاسوب الفنان القدير "موفق الأحمد" صاحب الصوت العريض المميز».
جوائز ورواد
ويتابع "لطفي" حديثه: «في عام 2002 اقترحت على دائرة الدراما الإذاعية -وكان رئيسها آنذاك "جمال الجيش"- أن تكون هناك فترة يومية للأطفال بمقدار ربع ساعة، وقدمنا سلسلة "حكايا العصافير" وكتبت كلمات شارتها الغنائية وأدتها الفنانة القديرة "فاطمة سعد" المعروفة بالدبلجة، وبلغ عدد حلقاته حوالي 1500 حلقة لإذاعة دمشق، ومن أبرز الرواد من الكتاب بالإضافة لي الإعلاميتان "روشان علبي" و"أمل دكاك" صاحبة برنامج نادي الأطفال الذي كان يذاع كل يوم جمعة، ولها الفضل على كل ما قدم للأطفال في إذاعة دمشق، إلى جانب المخرج "عدنان دياب"».
يذكر "لطفي" أن برنامج "دنيا الطفولة" تقدم لمهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 2004 وحصد جائزة أفضل نص وأفضل إخراج، وأثمر تعاونه عام 2008 مع الإعلامية "فاتن صبري" في برنامج "نحن نلعب"، الحصول على جائزة ذهبية في مهرجان تونس، وتدور فكرة البرنامج حول تعليم الطفل اللعب من دون أن يلحق بنفسه الأذى بأسلوب درامي.
ركن خاص
وحول دراما الأطفال اليوم يقول "لطفي": «في فترة معينة عملت مع المخرج "محمد غزاوي" وحالياً تقدم دائرة الدراما الإذاعية تمثيلية أسبوعية من إخراج "حمدي شويكي" الذي بدأ العمل عام 2008 كمخرج مساعد في دراما الأطفال الإذاعية وأبدع حالياً بإخراج دراما الأطفال، حيث تبلورت الحكاية وأصبح لدينا ركن خاص هو دراما الأطفال في إذاعة دمشق من إنتاج دائرة الدراما الإذاعية التي يرأسها حالياً المخرج "باسل يوسف"، تطورت الحالة والنصوص لتتناسب مع العصر وتقدم باللغة العربية الفصحى، وتمتاز بتنوع الكتاب والمتابعة الدائمة من جمهور الأطفال».
صعوبات بالجملة
وعن تجربتها في هذا المجال تقول الفنانة "بثينة شيا": «بدايتي مع دراما الأطفال الإذاعية كانت عام 1989 مع تخرجي من المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان الموضوع جديداً حينها لأننا في المعهد لم ندرس مواد خاصة بدراما الأطفال، لكن ندرس مواد تتعلق بتكوين الشخصيات بشكل عام وهذا ما ساعدني في العمل الإذاعي، كما أنني استفدت من عملي في مسرح الطفل مع المؤلف المسرحي الراحل "عيسى أيوب"، وبدأت دراما الأطفال مع قصص عالمية مترجمة يتم إعدادها للإذاعة، وأعتقد أن النص هو أساس دراما الأطفال الإذاعية إلى جانب اختيار الأصوات، واللغة العربية السليمة».
وحول الصعوبات التي تواجه دراما الأطفال الإذاعية تشير الفنانة "شيا" إلى ضرورة عدم الخلط بين العمل الموجه للطفل والآخر الخاص باليافع، وأن بعض الأعمال تكون موجهة للعائلة ككل، ويمكن من خلال الصوت والحكاية والموسيقا الفصل بين الفئات العمرية المختلفة وتقديم ما يناسب كل منها.
وبرأيها أصبح الموضوع أكثر صعوبةً بالنسبة لكاتب دراما الأطفال في الزمن الحالي مع توفر وسائل الإعلام الحديثة وما تعرضه من رسوم متحركة وبرامج خاصة بالطفل والتي أثرت بدورها على مكانة دراما الأطفال الإذاعية، وهناك ضعف في النصوص بشكل عام، وبالتالي أصبح من الصعب جذب الطفل للإذاعة.
عناصر متكاملة
وترى "شيا" أنه من النادر أن نجد مواد فنية خاصة بالطفل، لا زلنا نتعامل مع الأطفال من باب التربية فقط وتقديم النصائح، بينما يمكن من خلال الفن تقديم ما يفيده ويطور نظرته للأشياء ويوسع مداركه بأسلوب ترفيهي، ويجب عدم الخلط بين التربية والتوجيه والمواد الترفيهية في الإعلام، والتي تحمل مهمة الترفيه مع إيصال فكرة عامة هادفة للطفل، وأنه يجب مواكبة التطور فيما يتم تقديمه للطفل عن طريق دراما الأطفال الإذاعية والاهتمام بها لنستطيع استقطاب الطفل بما تقدمه في ظل منافسة الإبهار البصري بمصادره العديدة.
نكهة مميزة
بدورها تشير الفنانة "تماضر غانم" إلى عدد من الرواد في هذا المجال، إذ تعتبر نفسها من الممثلات المحظوظات لعملها مع مخرجين مبدعين ومنهم "محمد عنقا" "عدنان دياب"، "فراس عباس"، "محمد غزاوي"، "مظهر الحكيم"، "أحمد عنقا"، "مهند ديب"، "سميرة بلوط"، "سناء حمود"، "حمدي شويكي" ورئيس دائرة الدراما الإذاعية "باسل يوسف".
وتضيف "غانم": « الدراما الإذاعية بشكل عام مثل الدراما التلفزيونية تعالج مشاكل الواقع لكنها أصعب لأن المتلقي لا يشاهد بل يسمع فقط، وهنا تكمن الصعوبة في نقل إحساس الفنان وكل ما يدور في المشهد ليتصوره المتلقي في مخيلته وكأنه يشاهده، وعليه فإن دراما الأطفال الإذاعية بقصصها مشابهة لمسرح الطفل يكتسب من خلالها العادات والتقاليد الجيدة ويميز السيئ منها، وإذا تطلب الدور أن نكون أطفالاً نلجأ لاستعارة صوت طفولي، وللمؤثرات الصوتية التي يضيفها المخرج للنص دوراً كبيراً في إكمال العمل ليكون أقرب من الواقع في مخيلة المتلقي».
وحسب "غانم" تجمع الدراما الإذاعية السورية بين الاستماع والاستمتاع بما نسمع، وللعمل الدرامي الإذاعي طعم آخر بالنسبة للفنان فهو يجعله يشعر بمتعة كبيرة، ويقوي لديه النطق السليم واللغة العربية الفصحى.