حافظت المرأة في مدينة سلمية على حضورها الاجتماعي والثقافي والسياسي مقارنةً بمجتمعات سورية أخرى، إذ تعود مشاركتها في الحياة العامة إلى بدايات تأسيس المدينة في القرن الماضي، حين نالت حقها في التعليم، وأسهمت بفاعلية في العملين الاجتماعي والسياسي. وفي هذا السياق، شاركت الجمعيات الأهلية في المدينة بإحياء حملة الـ16 يومًا العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، في رسالة تؤكد على مساحة الأمان التي تتمتع بها المرأة داخل المجتمع المحلي.
ويأتي هذا النشاط بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يصادف 25 تشرين الثاني من كل عام، وهي مناسبة أطلقتها الأمم المتحدة لتسليط الضوء على واحدة من أخطر القضايا الاجتماعية والإنسانية التي تواجه النساء حول العالم.
مسير مجتمعي داعم لحقوق المرأة
ضمن فعاليات الحملة، نُظم مسير مجتمعي في مدينة سلمية تحت شعار «خلق مساحة آمنة للمرأة»، بالتعاون بين مؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية، وجمعية أصدقاء سلمية، ومركز مدى، ومؤسسة سلام، وبمشاركة فئات عمرية متعددة من الجنسين.
وفي حديثه لـ"مدونة وطن"، أوضح فادي ديبو، قائد حملة المسير من جمعية أصدقاء سلمية، أن الفعالية تهدف إلى تعزيز السلوك الإنساني الداعم لحقوق المرأة، ولا سيما لدى فئة الشباب، مشيرًا إلى أن إشراك الذكور في هذه الأنشطة يسهم في إعادة النظر في أنماط التعامل مع المرأة مستقبلًا.
وأضاف ديبو:"إن مناقشة شعار المسير مع المشاركين تخلق حالة إيجابية تسهم في ترسيخ احترام المرأة وحقوقها، خاصة أن المشاركين ينتمون إلى شريحة مثقفة، وأنا على ثقة بقدرة المرأة على أداء دور قيادي في العمل السياسي لما تمتلكه من كفاءة".
مشاركة واسعة ورسائل توعوية
من جانبها، أشارت الدكتورة الصيدلانية ساندرا القصير من مؤسسة الآغا خان في حديثها لمدونة وطن إلى أن المسير الرياضي البيئي شهد مشاركة نحو 80 شخصًا، ونظمه مركز مدى تحت شعار **«المساحة الآمنة للسيدات والفتيات»، ضمن فعاليات حملة الـ16 يومًا لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وأوضحت القصير أن الأنشطة لم تقتصر على المسير فقط، بل شملت جلسات حول التواصل اللاعنفي، والتوعية بالأمان الرقمي، إضافة إلى جلسة قانونية بالتعاون مع فريق «سلامتك»، قدّمتها المحامية راما طنجور، تناولت قانون المعلوماتية، ومفاهيم الابتزاز الإلكتروني، وأسبابه وآثاره، وطرق الوقاية منه، مع توفير وسائل تواصل لتقديم الدعم الرقمي.
وأضافت القصير:"كمشاركة في الفعالية، شعرت بسعادة كبيرة للقاء فئات عمرية مختلفة تؤمن بمناهضة العنف ضد المرأة، ولا سيما مع الحضور اللافت للذكور، وهو ما يعكس وعيًا مجتمعيًا مطمئنًا، ويؤكد أن المرأة ما تزال تحظى بمكانة إيجابية في مجتمع سلمية".
أول مساحة آمنة للسيدات والفتيات
بدورها، أكدت فيروز زعير من مركز مدى أن المركز يُعد أول مساحة آمنة مخصصة للسيدات والفتيات في مدينة سلمية، ويعمل على تمكينهن ابتداءً من عمر 14 عامًا، على المستويات النفسية والاجتماعية والاقتصادية، ضمن مشاريع مؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية، وبالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وأوضحت زعير أن المسير الرياضي يشكّل جزءًا من الفعاليات السنوية للحملة، مشيرةً إلى أن ختامها في 10 كانون الأول تضمن تنظيم حفل فني وعروض اسكيتشات ضمن مسرح تفاعلي على مسرح سينما سلمية، بهدف تسليط الضوء على حقوق المرأة ومعاناتها.
وأضافت أن لكل عام عنوانًا خاصًا بالحملة، لافتةً إلى أن شعار الحملة السورية لعام 2025 جاء تحت عنوان «أمان في كل مكان»، بهدف تعزيز الوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي والحد من مخاطره.
