استطاعت "قطر الندى البهلول" أن تنسج خطواتها الأولى في تأسيس مشروعها معتمدة على موهبتها في فنّ الكروشيه وهي الموهبة التي ورثتها عن والدتها، حيث كانت تقضي ساعات وهي تراقب عملها بخيوط الكليم والمكرمية والصوف التي تتقنها.
بيئة حاضنة
رسخت البيئة الاجتماعية في حياة "قطر الندى البهلول" مجموعة من القيم الاجتماعية التي ساهمت في ترجمة موهبتها في العمل اليدوي إلى مشروع، وعن بداياتها تقول: «نشأت في بيئة اجتماعية داعمة ومهذبة للنفس من النواحي كافة، فقد تربيت في عائلة محبة حيث أبي وأمي السند في الدراسة والحياة الاجتماعية والخيارات المختلفة، رافقتني موهبة العمل اليدوي منذ صغري حيث كنت أراقب والدتي وأتعلم منها شغل الكروشيه، كانت تشتغل الجواكيت والطواقي والقفازات، بدأت بسن صغير في الأول الثانوي، ثم طوّرت موهبتي من خلال اليوتيوب، صرفت وقتي بتنمية موهبتي عبر الانترنت وكوني البنت الوحيدة في العائلة، كنت أراقب أمي فاكتسبت مبادئ العمل اليدوي وفنّ الكروشيه منها ونقلت لي خبرتها الكبيرة، وبعد زواجي عملت إكسسوارات منزلية بالكروشيه، ووضعت بصمتي على الديكور المنزلي الذي لاقى استحسان الكثيرين».
تعرفت على عملها بواسطة زميلة لي فقمت بتوصيتها على طاقية صوف وجزدان، فهي تمتلك موهبة مميزة في مجال فن الكروشيه وهي سريعة بإنجاز عملها
وتضيف: «بدأت في منزلي ومنه كانت بدايتي في العمل اليدوي والكروشيه، ونمّيت موهبتي من خلال ذلك والعمل باستمرار ومتابعة كل ما هو جديد في هذا الفنّ بمحبة، بدأت بعمل جزادين الكروشيه المشغولة بخيوط كليم ومكارمي، برز شغفي منذ البداية بأعمال للأطفال، وأحسست أن الأطفال والسيدات شجعوني أكثر على الكروشيه 90% من عملي للأطفال والأعمال المتعلقة بهم».
إحياء التراث
ربطت "قطر الندى" موهبة العمل اليدوي بالحفاظ على التراث فتقول: «الأعمال اليدوية هي تراث قائم بحد ذاته اكتسبناه من أهالينا الذين اكتسبوه بدورهم من أجدادنا، وبهذه الطريقة يتم الحفاظ على التراث، وهو موجود وله مكانته ومحبيه بالوسط الذي ننتمي إليه، وعلى الرغم من التطور الصناعي والنسيجي الذي يحدث تظل للعمل اليدوي قيمة معنوية، خاصة وأن القطع اليدوية مشغولة بيد حرفي شغوف وصنعت بكل حبّ وإحساس عالٍ من الدّقّة والحرفيّة، وترك البصمة الداخلية لكل شخص التي تعبر عما بداخلنا من إبداع وجمال، كما أعمل على أن يكون لدي مشاركة بمعارض المرأة الريفية أو معارض خاصة بالأعمال اليدوية».
تطوير العمل
لم تشغلها الالتزامات العائلية من تطوير عملها وتحديد هدفها في مجال العمل اليدوي، وتقول: «العمل الذي يحمل موهبة يزيد حب الأشياء، كما أن حبّ الآخرين لعملي والآراء الإيجابية التي كنت ألمسها لدى الجميع شجعتني على العمل والعطاء، وعملتْ على تقوية العلاقة بالمجتمع والعائلة بالإضافة للدعم العائلي معنوياً ومادياً، وهذا ما جعلني أمام مسؤولية النجاح والسعي لهدفي والاستمرار بعملي لتحقيقه، فأصبحت أسوّق عبر صفحتي، وتأتيني الطلبات من محافظات مختلفة، وهكذا حقق عملي الانتشار، واستطعت إرضاء الأذواق كافة من خلال أعمالي المنوّعة، كما استفدت بدراستي في كلية التجارة والاقتصاد من ميزة التسويق وعرض أعمالي بطريقة جذابة، أستوحي القطع من أفكاري وبعضها من صفحات الانترنت، شكّل هذا المشروع نقطة تحول لوضع شغفي فيه والحفاظ على إرث من والدتي، حيث كان سعيي دائماً ومستمراً والذي حقق بدوره مردوداً مادياً جيداً من خلال الربح القليل والبيع الكثير، كما حقق لي السعادة، وتكمن الأهمية بأن كل إنسان مليء بالصفات الإيجابية أو يحمل فكراً جيداً هو إنسان منظم، فكنت الأم والابنة والزوجة وربة المنزل والطالبة والموظفة ولدي الشيء الكثير لأنظّم وقتي، وهذا ما يمنحه القيمة الاجتماعية والمحبة».
أعمال متميزة
"هبة عليا" مرشدة نفسية في مدرسة الشهيد "إبراهيم عباس"، تحدثت عنها قائلة: «تعرفت على عملها بواسطة زميلة لي فقمت بتوصيتها على طاقية صوف وجزدان، فهي تمتلك موهبة مميزة في مجال فن الكروشيه وهي سريعة بإنجاز عملها».
من جهتها تقول ربة المنزل "ورود عبد الحميد": «كنت أتابع أعمالها اليدوية الكروشيه والصوف على صفحتها على الفيسبوك، عملها اليدوي جذّاب ولديها القدرة على إنجاز القطعة المطلوبة بوقت قياسي وخاصة القطع المتعلقة بالأطفال، ولفتتني سرعة أدائها للطواقي والكفوف لأبنائي وتغلب إنسانيتها في التعامل فقد عملت على مراعاتي بالأسعار وخاصة أنه لدي أكثر من ابن».
أما "سارة نعمان" صاحبة مشروع خاص تتحدث عنها وعن أهمية عملها بالقول: «تابعت عمل "قطر الندى" وأحببت تجريب عملها، حيث سلمتني القطع المشغولة بكل حرفية ودقة وبأسعار مقبولة جداً وأرخص من القطع الجاهزة، على الرغم من الجهد والتعب الذي يحتاجه العمل اليدوي، الشابة تتسم بالذوق واللطف في التعامل ولا بد أن أشير إلى أهمية المشروع الخاص وضرورة الاستقلالية لكل فرد وخاصة المرأة، وما يحققه مشروعها الخاص من الجانبين المعنوي والمادي من خلال تعزيز ثقتها بنفسها وتقوية شخصيتها وشيء إيجابي أن تكون منتجة وفعالة في أسرتها ومجتمعها».
يجدر بالذكر أن "قطر الندى البهلول" من مواليد "اللاذقية" عام 1994، خريجة معهد مراقبين فنيين، وتدرس في كلية التجارة والاقتصاد في السنة الثالثة وموظفة بمؤسسة الإسكان العسكري وتتقن العمل اليدوي فنّ "الكروشيه".