في قلب منطقة اللجاة غرب قرية "المتونة" في محافظة السويداء، يقع "رجم العيس" الأثري الذي يبلغ عمره أكثر من ثلاثة آلاف عامٍ، والذي ماتزال أرواح من كان يقطن هذا الرجم حاضرة في كل زاوية من زواياه.

جلسة مع التاريخ

التاريخ هنا مكتوب على الصخور البازلتية، حيث تعود آثار الموقع إلى عصر البرونز القديم حيث لا زالت هذه الآثار شامخة رغم ما أصابها من تخريب وتعدٍ.

يشير رئيس دائرة آثار السويداء "خلدون الشمعة" في حديثه لمدونة وطن "eSYria" إلى أن "رجم العيس" المتربع على صبات اللجاة البركانية، منذ عصور ما قبل الميلاد، يتموضع على الكتف الشمالي الغربي لمنطقة اللجاة، هناك على تلة مرتفعة شيد السكان الأوائل هذا المعلم التاريخي، الذي أبصر نور الولادة في عصر البرونز القديم، وظلت روح الحياة البشرية نابضة فيه حتى العصر البيزنطي، والمتقلب لصفحات الرجم التاريخية سيلحظ أنه لم يكن يؤنس هذا الموقع الأثري في تلك الفترة، سوى موقع "المرصوص" المعانق له شمالاً، و"وادي اللوا" المعانق له شرقاً الذي كان الشريان المائي الوحيد لساكني الرجم، والرواي لأراضيهم الزراعية، التي ما زالت تواقة لمياه هذا الوادي بعد أن توقف شراينه مع إحداث سد شهبا، ولتبقى نبتة الغار الشاهد التاريخي الوحيدة التي ما زالت محتفظة بذكريات الماضي بعد أن ارتحل من كان بالدار ساكناً.

الباحثة ربيعة ابو بكر

تحف معمارية

رئيس دائة الاثار خلدون الشمعة

"لعل الذين حطوا رحالهم في هذه المنطقة، قد تركوا وراءهم بصمة تاريخية ضمن عتمة اللجاة"، وفي هذا السياق تتحدث الباحثة الأثرية "ربيعة أبو بكر" عن تفاصيل الموقع وتقول: "من المُرجح أن الموقع يعود إلى عصري البرونز القديم والوسيط، وقد كان محاطاً بسور دفاعي متين بارتفاع 3 أمتار وعرض مترين، قد أشاده معماريو تلك الحقبة بحجارة بازلتية مقصبة، إلا أن عاتيات الزمن لم تبقِ منه سوى جزئه الشمالي الشرقي، بعد أن جارت عليه يد الإنسان والطبيعة، والمتجول داخل هذا السور، لا يمكنه أن يغادره قبل أن تكتحل عيناه ببيوته المبنية بأشكال مختلفة، فمنها الدائري ومنها المربعة حيث جاءت متلاصقة جنباً إلى جنب، إلا أن بعضها طواها الزمن وبقيت مجرد أطلال وبعض هذه البيوت ما زالت محتفظةً بهويتها التاريخية حتى يومنا هذا، أما مداخلها كان يغلب عليها صفة الانخفاض وهي مختلفة الاتجاهات، وهذه الأبنية لم تكن أبوابها حجرية، حيث كان يتم إغلاقها بأبواب خشبية".

وتضيف: "المتابع تجواله في الموقع سيلحظ أنه مملوء بالعناصر المعمارية، التي أتقن من بناها لغة فن العمارة، فغدت حجارتها المقصبة أيقونة أثرية ولا أجمل، أما مدافنها فهي مبنية تحت الأرض، بحجارة بازلتية مقصبة متوسطة الحجم تشبه إلى حد ما الصومعة، بينما جاءت قبورها مخالفة لمدافنها كونه تم بنائها فوق الأرض بشكلٍ مقبب، وبحجارة كبيرة الحجم بشكل مستديري تشبه السنم".

صور عامة للرجم

جارياً دون انقطاع"