تمتد مسيرة الكاتب والباحث الدكتور "عبد الله الشاهر، لتشمل محطات عدة وهو الذي جمع بين الفكر الأدبي والسياسي، وامتلك أرضية ثقافية واسعة ورؤية منهجية أهلته ليكون كاتباً نقدياً يرفد الحركة الثقافية بالعديد من الكتب والدراسات البحثية، إلى جانب إصداره أربع مجموعات شعرية.

السياسة والفكر

في حديثه لمدونة وطن التي تواصلت معه، يؤكد "الشاهر" أن ميله للكتابة بدأ في مرحلة الدراسة مع كتابة الشعر ثم القصة القصيرة، وحول بداياته يقول: «في المرحلة الجامعية نلت الجائزة الأولى في مهرجان الشباب الأدبي في "طرطوس"، وفي المرحلة الجامعية تفتحت ميولي النقدية وصدر أول كتاب لي بعنوان "البعد الاجتماعي للحب العذري"، بعدها أتممت دراسة الماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية، وألفت عدة كتب في الفكر السياسي، حيث كانت السياسة مجال اهتمامي وعملي في آن واحد وأردت دراستها بشكل أكاديمي كما أنني أعشق اللغة العربية وأردت توثيق عشقي لها بدراستها أيضاً».

النقد هو إبداع الإبداع ومن دونه لا تستوي الحياة وهو كسر النمط للتخلص من الجمود، وله أهمية كبيرة في الفكر والسياسة والحياة الاجتماعية، وأحاول البحث عن رؤية نقدية عربية تتجاوز السائد وصولاً إلى حالة من الرقي والتقدم لأنه بالنقد ترتقي الأمم

لدى "الشاهر" عدة كتب في الدراسات الفكرية والسياسية منها؛ "الاتجاهات الفكرية والسياسية في الوطن العربي"، الذي يتحدث عن تسلسل الوعي السياسي العربي من اتجاهات إلى تيارات إلى أحزاب، "العنف السياسي آثار ونتائج" الذي يبحث في تاريخ العنف السياسي وآثاره ونتائجه، كتاب "الدولة السورية والتحديات الراهنة رؤى وآفاق وهناك كتب سياسية أخرى مثل كتاب "نحو عالم خال من الإرهاب".

أثناء التكريم

الأدب والشعر

الأديب ايمن الحسن

وإلى جانب تأليفه الكتب السياسية برع "الشاهر" في النقد الأدبي وعن رسالته من خلاله يقول: «النقد هو إبداع الإبداع ومن دونه لا تستوي الحياة وهو كسر النمط للتخلص من الجمود، وله أهمية كبيرة في الفكر والسياسة والحياة الاجتماعية، وأحاول البحث عن رؤية نقدية عربية تتجاوز السائد وصولاً إلى حالة من الرقي والتقدم لأنه بالنقد ترتقي الأمم».

وعن دوافعه لكتابة الشعر يضيف: «الشعر هو شعور وحركة للنفس يستطيع الشاعر تحويلهما إلى نص شعري.. لدي العديد من الدوافع العاطفية، الفكرية، الوطنية والإنسانية لكتابة الشعر، أكتب لأفرغ ما بداخلي لتوصيف ذاتي من الداخل، ليس لدي نوع مفضل من أنواع الشعر لأن مقياس الشعر هو صدق العاطفة والقدرة على الوصول إلى الناس بأي شكل كان، على الرغم من تراجع الشعر قليلاً من حيث المتابعة وتقدم الرواية، لكنه لا يزال يتمتع بمكانة خاصة لقدرته على محاكاة النفس وترجمة المشاعر والنص الجيد هو الذي يفرض نفسه».

دراسات وأبحاث

لدى الباحث "الشاهر" عدة كتب ودراسات بحثية منها كتاب "مظفر النواب ملامح ومميزات"، وهو دراسة نقدية لأسلوبية متميزة تفرد بها الشاعر من حيث المعالجة والصياغة والرؤى الفكرية، وكتاب "بدر شاكر السياب والأسطورة"، الذي يتحدث عن إغراق الشاعر في توظيف الأسطورة في نصه الشعري، كما شارك بعدة دراسات بحثية منها دراسة عن العرب والأرمن في المؤتمر الذي عقد في جامعة "القاهرة" عام 2008، وبحث آخر عن العرب والأفارقة في جامعة "قار يونس" في "ليبيا" وتقدم ببحث عن أهمية النقد في المؤتمر النقدي الأول الذي أقامته الجامعة اللبنانية في "بيروت"، كما شارك في مؤتمر الأدب الوجيز الذي عقد في "بيروت" عام 2019 وفي المؤتمر النقدي الذي عقد في "تونس" مدينة "سوسة" عام 2020.

ويؤكد "الشاهر" أن لكل باحث أسلوبه البحثي الخاص وأنه يعتمد المنهجية ووضوح الفكرة مع الابتعاد عن الحشو وتوضيح الرأي.

ويرى "الشاهر" وهو العضو في اتحاد الكتاب العرب أن حركة النشر في "سورية" تراجعت في السنوات الأخيرة، ولكنها لا تزال قائمة، فبينما اكتفت عدة جهات بالنشر الإلكتروني لا يزال اتحاد الكتاب العرب حريصاً على النشر الورقي لعدد لا بأس به من الكتب، فمعاناة الأدباء السوريين هي نفس معاناة الشعب السوري وتواجههم الصعوبات نفسها لكن يبقى الأديب قادراً على توضيح هذه الصعوبات من خلال الكتابة أو النشر.

مسيرة إعلامية

وحول تجربته الإعلامية وهو الذي عمل مديراً لتحرير مجلة "الفكر السياسي" في اتحاد الكتاب العرب، ومديراً لتحرير جريدة "الأسبوع الأدبي" ومجلة "الموقف الأدبي" يقول: «لست إعلامياً لكنني تعاملت مع الإعلام في البرامج السياسية والفكرية والأدبية، وأصدرت كتابين عن الإعلام والسياسة الإعلامية، واعتبر التحول للإعلام الالكتروني ضرورة وليس خياراً لأن وسائل التواصل الاجتماعي غزت العالم، وهناك فرق بين الكتابة الإعلامية التي تكون توصيفية وتحليلية أو تقريرية، وبين الكتابة الأدبية التي تعد ذاتية شعورية أو نقدية، والمقال الأدبي يختلف عن الإعلامي في البنية والصياغة».

نتاج ثري

الروائي والقاص "أيمن الحسن" أمين سر فرع اتحاد الكتاب العرب في "دمشق" يقول: «تعرفت إلى الدكتور "عبد الله" منذ أكثر من عقد، وقد تميز في كتاباته الشعرية التي قرأتها له سابقاً، والتي نشرها في صحيفة "الأسبوع الأدبي" حين كان مديراً لتحريرها، وكذلك في مجلة "الموقف الأدبي"، قرأت له كتباً عدة أهمها كتابه عن الشاعر الكبير "مظفر النواب" الذي يمتاز بالحميمية وغنى القراءة الشعرية الحاذقة، كذلك قرأت كتابه عن الشاعر الكبير أيضاً "بدر شاكر السياب"، ومؤخراً كتابه النقدي "ناقد و15 شاعراً"».

من جهته "محمد الحفري" روائي ومسرحي وقاص يقول: «تجمعني مع د. "عبد الله الشاهر" محبته وإنسانيته الناهضة سمواً وعلواً ورفعةً، يكفي الكاتب الحقيقي أن يكون إنساناً وتلك الصفة قد تجعله صادقاً وحساساً، ولعل صدق المشاعر والأحاسيس هي أهم ما يميز كتابته كشاعر وكثيراً ما وجدت دمعي ينهمر وهو يقرأ لي ما جادت به قريحته عن الأهل والأحبة والفرات والبلاد والمعاناة الطويلة والجراحات، أجد مؤلفاته لصيقة جداً بروحي وهي غالية على قلبي، جلساتنا الطويلة والمتقاربة سمحت لي بالاطلاع على نتاجاته العذبة كما روحة الصافية والنقية، ولعل آخر ما قرأته هو كتابه عن حياة الشاعر الكبير "مظفر النواب" وكذلك كتابه الذي يتحدث فيه عن عدد غير قليل من الشعراء، كما برز اسمه من بين الذين اشتغلوا في مجال البحث والنقد في آن معاً، وقد نلمح تفوقه وتميزه عن الكثيرين، وقد لا نبالغ لو قلنا إن الدكتور والشاعر والباحث "عبد الله الشاهر" يشبه أشجار بلادنا الناهضات سموقاً نحو الأعالي في سفوح جبالنا وقممها البعيدة».

نشير إلى أن د.الباحث والشاعر "عبد الله شاهر العبد الله" من مواليد "دير الزور" عام 1956، حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية وأخرى في اللغة العربية وهو عضو مجلس إدارة رابطة الأمم المتحدة في "سورية"، وهو مفوض إقليمي لجامعة مصر الأميركية في "سورية"، حاصل على العديد من شهادات التقدير محلياً وعربياً، ويعمل محاضراً جامعياً في عدة جامعات كما أشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه.