"تعلّم "رضوان كنعو" العزف على آلة "الطمبور" وهو في مقتبل العمر على يد شقيقه، وبجهود ذاتية استمر في تطوير نفسه وتعلّم علم المقامات، وكانت أولى مشاركاته من خلال الحفلات المدرسية والمسرح المدرسي في محافظة "الحسكة" ومناطقها، وهو الذي تأثر في بداياته بأغاني "عبد الحليم حافظ" و"فريد الأطرش" و"تحسين طه" و"محمد عارف الجزراوي" وغيرهم على حد قوله.
المهرجانات والفعاليات الكبيرة لها أهميتها لدى العازف، سواء من ناحية التعرّف على الأساليب المختلفة في العزف، وأيضاً على ثقافات متنوعة، ومنها تستمد تقنيات جديدة غالباً يستفيد منها الموسيقي في العزف والتلحين
ألبومات ومشاركات
أول ظهور له على المسرح كان في عام 1984 بمناسبة عيد "النوروز"، وذلك قبل أن يقوم بتجربة التلحين والتي توجت بإصدار أول ألبوم له من ألحانه عام 1986، وفي رصيده اليوم ثمانية ألبومات.
يضيف الموسيقي "رضوان كنعو": «أتى الألبوم الرابع عام 1994 كمحطة نوعية في مسيرتي الفنية، حيث تعرفت من خلاله على عازفين أقوياء في نقابة الفنانين السورين بدمشق، والذين شاركوني العزف لتسجيل الألبوم المذكور، وعدا عن ذلك سجلت العديد من الأغاني والمطبوعات الموسيقية الخاصة بي».
شارك "كنعو" في العديد من المهرجانات الموسيقية، مثل مهرجان لدعم مرضى السرطان والتي أقيم في "دير الزور"، ومهرجان آلة "البزق" لأكثر من دورة على مسرح الأوبرا ومسرح القباني بدمشق، وفي مهرجان "لون كلمة نغم" في "الأردن" عبر وسائل التواصل وتم تكريمه في هذه الفعالية.
وفي هذا السياق يقول "كنعو": «المهرجانات والفعاليات الكبيرة لها أهميتها لدى العازف، سواء من ناحية التعرّف على الأساليب المختلفة في العزف، وأيضاً على ثقافات متنوعة، ومنها تستمد تقنيات جديدة غالباً يستفيد منها الموسيقي في العزف والتلحين».
الموسيقا "الجزراوية"
يعتمد "كنعو" أسلوباً مميزاً في التلحين وهو الذي لحّن ما يقارب 132 أغنية، حيث اتخذت لوناً خاصاً في هذا المجال، قام بغناء أغلبها ومنها ما غناها الآخرون.
وفي محور آخر يتحدث عن الأغنية في الجزيرة السورية قائلاً: «في الآونة الأخيرة وصل اللحن الموسيقي "الجزراوي" إلى أهم المسارح، منها دار الأوبرا وذلك من خلال بعض الفعاليات الضخمة كمهرجان "قوس قزح سورية"، ومهرجان "آلة البزق" وأيضاً سلسلة "ألحان من الشمال"، حيث تم توزيع بعض الألحان لفنانين راحلين أوركسترالياً، وهنا أوجه لأصحاب هذه الفعاليات أن يهتموا بالفنانين الذين هم على قيد الحياة أيضاً، كشكل من أشكال التكريم لهم لمسيرتهم وهم أحياء».
ويتابع حديثه بالقول: «تعد الأغنية "الجزراوية"، مدرسة لها خصوصيتها ينبغي تقديمها بشكل لائق ونشرها في بقاع الوطن، وليسد الطريق أمام من يشوهها ومن يركّبون عليها الكلمات وينسبون لنفسهم ألحانها، أما الأغنية السورية بشكل عام لها أثرها على الموسيقا العربية عموماً، ولكن في الوقت الحاضر تأثرت بالأغاني الوقتية أو الزمنية التي تفتقد الاستمرارية، وانتشرت الأغاني الهابطة وتسوقت أكثر من الأغنية الهادفة، لذا يجب إعادة النظر فيها وإعادة هويتها السورية».
تراث غنائي
وحول التنوع الموسيقي في "سورية" يقول: «يمكن وصف تنوع المشهد الموسيقي في بلدنا اليوم بأكثر من طريقة، فهناك مثلاً التنوع الجغرافي الذي يقسمه إلى موسيقا ريفيّة و أخرى مدنيّة، وهناك عامل التنقل والتواصل مع دول الجوار والذي نتج عنه تأثر المناطق الحدودية بالتراث الموسيقي لدول الجوار، فضلاً عن الألوان المختلفة التي ربما يكون أكثر ما يميّز الموسيقا السورية».
ويشير "كنعو" إلى بعض الأشكال الموسيقية الشائعة في "سورية"، منها الموشحات وهي قالب غنائي مشهور جدًا لا سيما في مدينة "حلب" التي تُعد واحدة من منابع هذا الفن، وللموشح الحلبي امتداد من الموشح الأندلسي، مع الاختلاف في فكرة التركيز على الوزن الشعري في الأندلس والتركيز على القالب اللحني في "حلب"، وهناك الأغاني الريفية ويطلق عليها أيضاً مسمّى "الغناء الشعبي"، الذي يعبر في أغلبه عن مواضيع الزراعة والحصاد والمطر، والموجود بشكل أساسي في الجزيرة السورية والبادية، ومن أنواعه "العتابا الشرقية والعتابا السويحلية، النايل، القصيد البدوي، الموليا، اللالا، الهجيني"، ويلفت إلى أن هذ التراث الغنائي يتشابه مع التراث الغنائي الريفي العراقي بشكل كبير، وفي الكلام عن الغناء الشعبي، نذكر أيضًا الأغنية "الماردللية" وهي مشهورة جدًا في الجزيرة السورية، وهي أتت نتيجة خليط كبير من القوميات كالعرب والأكراد والسريان والأمن.
وعن علاقته الوثيقة بالتراث الغنائي، والذي استلهم منه العديد من ألحانه يقول: «سجلت أكتر من الأغنية لها طابع تراثي سواء في اللحن أو حتى الكلمة، منها ما يجسد الطبيعة والفتاة الريفية والبيوت الطينية، وأغنية تجسد أغنيات كانت تؤدى للعروس عند تجهيزها وزفافها من مكان إلى آخر بواسطة الحصان.. عموماً الأغنية الشعبية تحكي هموم الناس وأفراحهم، وتعتبر سفيرتهم في التعبير المتبادل فيما بينهم، تحمل معها كماً هائلاً من الموروث الثقافي الخاص».
الكلمة واللحن
الموسيقي وعازف الطمبور "نذير كرداغي" يقول: «تعرفت على الفنان "رضوان كنعو" من خلال فعاليات مهرجان آلة البزق في "دمشق" لأكثر من دورة، لم يعزف من خلال هذا النشاط إلا من ألحانه التي جذبت الحضور، هذه الألحان المحكمة والمشغول عليها بدقة، تحمل خلاصة الألحان "الجزراوية" بتفاصيلها، وفيما بعد تابعته بشكل جدّي، رأيت في أدائه كما ألحانه، فناناً متمكناً ويستطيع أن يوظف صوته بشكل جيد ليكون قريباً من الناس بكلماته وألحانه وبعيداً عن كل ما هو نشاز».
يشار أن الفنان "رضوان كنعو" اسمه الحقيقي "رضوان أحمد سليمان"، ولكنه أتخذ لقب "كنعو" نسبة لعائلته المعروفة في المنطقة وعرّف بهذا اللقب بين ناسه وجمهوره، وهو من مواليد قرية "معشوق" التابعة لمنطقة "القامشلي" عام 1967، وإضافة إلى ما ذكرناه أصدر عدة كليبات غنائية، وبعض منها خاصة بالأطفال وشاركه عدد من الأطفال في غنائها وتصوريها.