امتلكت الفنانة التشكيلية "سوسن البواب" موهبة فنية في أكثر من مجال كالرسم على الحرير وصناعة الورود وتصميم وتفصيل الأزياء بالإضافة إلى فن الفسيفساء الزجاجي، فجسدت فلسفتها ورؤيتها الفنية للتعبير عن مكنوناتها بأعمال فنية مميزة.

شغف طفولي

تتحدث "البواب" عن تجربتها مع الرسم والتي بدأت باكراً منذ نعومة أظفارها وتضيف: «بدأ شغفي وحبي للرسم منذ الطفولة، وخصوصاً أنني نشأت في بيئة محبة للفن، فوالدتي ترسم الأزياء وتصممها وكانت هذه موهبة أيضاً حتى أصبحت مهنتها التي جعلت منها مصممة وخياطة مشهورة حينها، وأخي الذي كان يدرس الطب أراه يرسم أجمل وأروع الرسومات ويزين بها جدران غرفته، هذا الشيء جعلني محبة للفن، فكانت حصة الرسم أروع ما يحصل لي في المدرسة، غادرت سورية مدة 30 عاماً في "الإمارات"، مارست هوايتي هناك في الرسم على الحرير، كما تعلمت صناعة الورود أيضاً وفتحت "اتولييه" أشرفت فيه على التصميم والتفصيل».

شاركت في عدة معارض مشتركة بالمراكز الثقافية في "دمشق" و"اللاذقية" وفي عدة معارض في "لبنان"، كما شاركت في "سمبوزيوم" رسم الطبيعة في "لبنان"، وأقمت معرضي الفردي عام 2019، بعنوان "أحلام ملونة"

الطبيعة والمرأة

عندما عادت إلى "دمشق" تفرغت "البواب" للرسم وتنمية موهبتها، فالتحقت بمركز الفنون التشكيلية، وبدأت بالرسم بقلم الرصاص والفحم ثم بجميع تقنيات الألوان.

من أعمالها الفنية

وتضيف: «كانت البداية في الرسم مع عالم المرأة والموسيقا، وما زلت أغوص مع عوالم الطبيعة الساحرة والغنية بصرياً بكل ما تحمله هذه المواضيع من تقلبات واختلافات وانسجام، كما أن ابتعادي لسنوات عن طبيعة "سورية" الجميلة بسبب الاغتراب، كان الدافع إلى الاهتمام بهذه الطبيعة، كما رسمت العديد من اللوحات في هذا السياق وما زلت أرسمها من خلال الطبيعة التي استحوذت مساحاتي البيضاء مؤخراً، فهي تشبهها بجمالها وانفعالاتها وطيبتها وغضبها، وكما تحمله الطبيعة من عذب الألحان، فاتجهت للطبيعة الانطباعية، حيث تركت الألوان ترقص حرة من دون قيد لذلك جردتها من الواقع، كما تجذبني جداً المدرسة الانطباعية وأعشق لوحات "مونييه"».

رؤية فنية

تتابع "البواب" الحديث بالقول: «الفن يعني لي الحياة والاستمرارية والحرية والتعبير عن الذات، كما يعني قدرة الفنان على التعبير بأسلوب خاص لإيصال رسالته للمتلقي بشكل فني، كما إن حكايتي مع اللون قصة عشق متناغمة، أداعبه فيراقصني أحكي له أسراري فيمنحني الراحة النفسية وألجأ إليه في كل حالاتي.. أميل إلى اللون الأخضر والأزرق والأصفر بلوحاتي، كما إن اختياري لمواضيع لوحاتي لا يسبقه تخطيط مقصود، فلوحاتي تتسم بالعفوية للتعبير عما يجول في عقلي وروحي، وبرأيي الموهبة أهم وأبقى من الدراسة الأكاديمية، فكثير من الفنانين العالميين لم يدرسوا الفن أكاديمياً ولكن من الضروري صقل الموهبة بالإطلاع على تجارب الفنانين وزيارة أكبر قدر من المعارض لتغذي الذائقة البصرية للفنان».

إحدى لوحاتها

أحلام ملوّنة

التشكيلية سوسن البواب أثناء رسمها للوحات جدارية

وعن تجاربها الفنية الأخرى تقول "البواب": «كانت لي تجربة جميلة بفن فسيفساء الزجاج، حيث شجعتنا الصديقة التشكيلية "نجوى الشريف" لتعلمه من خلال دورة أقيمت بحاضنة "دمر" وأنجزنا أنا وعدد من الفنانات أعمالاً جميلة من القطع الزجاجية المتناهية الصغر وكبيرة أيضاً، فشكلت لوحات فنية بقطع زجاجية صغيرة، بالإضافة إلى إعادة تدوير العديد من القارورات الزجاجية وبعض الأدوات المنزلية لتشكيلها بطريقة فنية جميلة ومبتكرة، كما أنني قمت بتزيين المدرسة الباكستانية في "دمشق"، وأنجزت العديد من الديكورات للمسرح المدرسي وأزياء الطلاب وكل ما يخص الحفل الذي أقيم هذا العام، وهذا ما أدخلني إلى فن جميل وتجربة مميزة أضافت الكثير لرصيدي وموهبتي الفنية».

وتضيف: «شاركت في عدة معارض مشتركة بالمراكز الثقافية في "دمشق" و"اللاذقية" وفي عدة معارض في "لبنان"، كما شاركت في "سمبوزيوم" رسم الطبيعة في "لبنان"، وأقمت معرضي الفردي عام 2019، بعنوان "أحلام ملونة"».

انفعالية عفوية

التشكيلي "أسامة دياب" يقول عنها: «في مجموعة الأعمال التي شاهدتها مؤخراً للفنانة "سوسن البواب" والتي كانت تمثل بعضاً من مشاهد الطبيعة، والمستوحاة من عالم تأثرت به أو أبدعته بانفعالها اللوني، حرصت من خلاله على تناول الألوان الصارخة الوحشية والمتناقضة بقوة لإخراج هذه الأعمال بعيداً عن هدوء ورقة الأبعاد في عمق المشهد، تشكلت بذلك فروق عنيفة ومتباينة بين ألوانها، فهي بذلك تحاول أن تؤكد على إصدار هذه الرؤية كحالة فريدة ربما أو خصوصية في تناولها للعمل الفني».

بدورها تقول الحرفية والتشكيلية "نجوى الشريف": «الفنانة "سوسن البواب" فنانة مرهفة الحس وأعمالها تتسم بالعفوية، رسمت الطبيعة برؤيتها الخاصة وأجادتها، تحمل أعمالها موسيقا لونية عزفتها بخيالها بحرفية عالية، وهي فنانة محبوبة وقد شاركت بالدورة التي نظمتها للسيدات للتدريب على حرفة الفسيفساء، وقد تميزت بأسلوبها وحسها الفني، وخصوصاً أن الفنان يعمم تجربته على أي مجال يعمل فيه وتظهر حساسيته للون والتشكيل برؤية تشكيلية تخصه وتفرده عن غيره بأي عمل فني يقوم به، لذلك فقد أبدعت "البواب" بالفسيفساء أيضاً بنماذج فنية تعكس رؤيتها الجميلة للحياة والفن».