تتجاوز مسيرة الإعلامي الرياضي محمد عطا بنانة خمسين عامًا من العمل المتواصل في ميادين الصحافة والإعلام الرياضي، ما يجعل خبرته مخزونًا لا ينضب، ومصدرًا ثمينًا لتوثيق حقبة زمنية طويلة من تاريخ الرياضة في سورية. رحلة عمل ممتدة شهدت التألق الإعلامي والإداري والفني، جعلت منه علامة فارقة في مجال الإعلام الرياضي السوري.

من الدراجات إلى عشق كرة القدم

لم أكن أتوقع يومًا أن أقدم شهادة حيّة بحق معلمي وأستاذي الصحفي محمد عطا بنانة، أحد الأسماء التي شكلت علامة فارقة في الإعلام السوري. قضى جل عمره متنقلاً بين مختلف الوسائل الإعلامية، قبل أن يستقر في الصحافة الرياضية، التي كان من أكثر من خبرها معرفة وخبرة وتميّزًا. ويتابع حديثه "تعرّفت إليه في بداياتي المهنية، وكان مثقفًا واسع الاطلاع، يفرض احترامه بهيبته الأنيقة وحضوره الواثق. لم يكن مجرد رئيس قسم، بل مدرسة صحفية متكاملة، علمنا معنى العمل الصحفي الحقيقي وربط النظرية بالممارسة". وأضاف اصطيف: كان يردد مقولته الشهيرة: «الميدان هو الفيصل

قبل أن يكرّس حياته لكرة القدم والإعلام الرياضي، كان محمد عطا بنانة من هواة سباقات الدراجات، وقد تُوِّج بطلاً للجمهورية عامي 1967 و1968 ، ويتحدث لمدونة وطن قائلا: كنت عضوًا في اللجنة الفنية المختصة بهذه اللعبة "الدراجات" في حلب. ومع شغفي المتزايد بكرة القدم، اعتزلت الدراجات مبكرًا وتفرغت للمسيرة الكروية والعمل الإداري، حيث تقلدت عدة مناصب: منها نائب رئيس مجلس إدارة نادي الحرية الرياضي لدورتين متتاليتين في مطلع التسعينيات وعضو اللجنة المركزية للتوثيق وأرشفة الحركة الرياضية في سورية لمدة خمسة عشر عامًا وأمين سر مكتب الإعلام في اللجنة التنفيذية للاتحاد الرياضي العام سابقًا.

الصحفي بنانة مكرما مع بعض الاعلاميين في حلب

وخلال مسيرته الإعلامية، رافق بنانة العديد من البعثات الرياضية داخل البلاد وخارجها، من بينها بطولة الأندية العربية في تونس عام 1995 مع نادي الاتحاد (أهلي حلب حاليًا).

الصحافة المكتوبة والمرئية … إشراف ومسؤولية

الإعلامي جهاد اصطيف

يتحدث بنانة بشغف كبير عن عمله الصحفي قائلا: ترافقت بداياتي الصحفية مع ولادة جريدة الجماهير في حلب، بقرار من وزير الإعلام آنذاك مشهور زيتون بتاريخ 24 ديسمبر 1964، وصدر العدد الأول في 8 مارس 1965 وشهدت مطبعة جورج سالم هذه الولادة، قبل وصول المطبعة الخاصة بالجريدة إلى شارع بارون مقابل نادي الضباط.

وكان مجلس إدارة التحرير برئاسة مرتضى قياش وعبد الجليل سلاح أمينًا للتحرير، إلى جانب المحررين: عمر نيربي، عبد الغفور صابوني، إبراهيم مرجانة، فاروق ضبيط، وطاهر دملخي.

بنانة مع مراسل المدونة في حلب الزميل بشار

وأضاف..عندما عدت إلى حلب واصلت مسيرتي الصحفية في جريدة الجماهير، عبر زاوية رياضية يومية في الصفحة الرابعة بالتناوب مع الإعلامي الراحل محمد وهبي، إلى أن تم تأسيس الصفحة الرياضية اليومية في الجريدة عام 1997، فكنت مشرفًا عليها حتى تقاعدي عام 2007.

كما كتبت زاوية أسبوعية في جريدة الموقف الرياضي بعنوان «نافذة من حلب»، تناول فيها مختلف الموضوعات المتعلقة بالرياضة وأندية حلب.

ويتابع حديثه:بعد تأسيس التلفزيون العربي السوري عام 1960، ظهر بنانة لأول مرة على الشاشة في أواخر 1971، من خلال تقديم نشرة الأخبار الرياضية بالتناوب مع الإعلامي الراحل عدنان بوظو وقد خضع قبل ذلك لاختبار أمام لجنة ترأسها خلدون المالح وضمّت مروان شيخو وسامي جانو، ونال استحسانهم. وروى بنانة أن الراحل محمود الخاني قال للجنة: «هذا المتقدم لا يحتاج إلى أي اختبار»، فوافقت اللجنة على ظهوره في نفس اليوم.

مدرسة صحفية متكاملة

رافقه في تأسيس الصفحة الرياضية اليومية الزميل جهاد اصطيف، الذي قال:«لم أكن أتوقع يومًا أن أقدم شهادة حيّة بحق معلمي وأستاذي الصحفي محمد عطا بنانة، أحد الأسماء التي شكلت علامة فارقة في الإعلام السوري. قضى جل عمره متنقلاً بين مختلف الوسائل الإعلامية، قبل أن يستقر في الصحافة الرياضية، التي كان من أكثر من خبرها معرفة وخبرة وتميّزًا. ويتابع حديثه "تعرّفت إليه في بداياتي المهنية، وكان مثقفًا واسع الاطلاع، يفرض احترامه بهيبته الأنيقة وحضوره الواثق. لم يكن مجرد رئيس قسم، بل مدرسة صحفية متكاملة، علمنا معنى العمل الصحفي الحقيقي وربط النظرية بالممارسة".

وأضاف اصطيف: كان يردد مقولته الشهيرة: «الميدان هو الفيصل»، مؤكدًا أن الدراسة الأكاديمية وحدها لا تكفي لصقل الموهبة، ولا تصنع صحفيًا حقيقيًا ما لم تدعم بالعمل الميداني والتجربة اليومية. وكنا نجتمع يوميًا لتحضير المواد الجاهزة للنشر، يقرأ النصوص بتمعن، ويدقق في تفاصيلها، ويضع لمساته الدقيقة من صياغة العناوين إلى اختيار الصور وإعداد الماكيت قبل الإرسال إلى ما كان يُسمّى «المطبخ الفني»، لتصل إلى القراء بحلة مهنية متكاملة.

وختم قائلا: تبقى شهادتي فيه شهادة مجروحة؛ فهو لم يكن معلمي فحسب، بل كان الأخ والأب، والأهم الصديق الصدوق، الذي ترك أثرًا إنسانيًا ومهنيًا لا يُنسى. نتمنى له دوام الصحة والعافية».