من "إنكلترا" وبعد إصدار الطابع البريدي الأسود الأول "بيني بلاك" عام 1840 بدأت هواية جمع الطّوابع المستعملة، حيث أعلن أحد موظفي المتحف البريطاني عن رغبته بجمع طوابع الملكة "فكتوريا"، وليعلن بهذا العمل بدء هواية انتشرت فيما بعد بشكل كبير، وحازت الاهتمام الواسع.

نادي الهواة

فكرة النّادي السوري لهواة الطّوابع فكرةٌ قديمةٌ، حاضرة منذ زمن، حيث تمّ العثور على مراسلات تعود لعام 1924م اشتراها أحد أعضاء "النّادي السوري للطوابع" في "فرنسا" بالمزاد، وقد كُتب عليها "النّادي السوري لهواة الطّوابع" ولكن لا يوجد أي توثيق لها.

من هنا نرى أن وجود الطابع يعني وجوداً للسيادة والدولة ذات الكيان المستقل، وعندما نجد طابعاً خاصاً بعيد الأم السورية في الخمسينيات من القرن الماضي فإن ذلك الأمر يعكس حالة المجتمع السوري آنذاك

خلال حديث لـ"مدونة وطنeSyria " مع الأستاذ المحامي "بسام العايش" رئيس مجلس إدارة "النّادي السوري لهواة الطوابع" تلمس شجون الرّواية، ولحن الكلمات التي تلخص مسيرة النّادي فقد قال: «لدينا صور لمغلف مُرسل من "حلب" إلى الخارج بتاريخ 1918 ويحمل طوابع قيمتها كبيرة جداً اليوم، وهناك أختام ومراسلات بريدية تعود لعام 1920 وخاصة بشخصيات عرفنا عنها في نادي سورية لهواة الطوابع، أما أول معرفتنا بالنّادي كانت عام 1947 حيث وجدت عشر نسخ لمجلات خاصة به لها هذا التاريخ، وعرفنا أن المحامي "فخر الدين صاحب" أول من عمل في إصدارها حيث كان رئيس النّادي بوقتها وقاضياً شرعياً، وقد أُصدرت هذه المجلات حينها على حساب أعضاء النّادي».

المحامي بسام العايش رئيس مجلس إدارة النادي السوري لهواة الطوابع

الانطلاقة

السيد بسام القدسي عضو مجلس إدارة النّادي

يضيف "العايش": «أول إنشاء للنادي كان عام 1946 ومن أبرز أعضاء اللجنة الإدارية "جورج حداد" و"أديب العطار"، وهناك أسماء كثيرة كانت قد شغلت الكثير من المواقع الوظيفية.

وبدأ التّسجيل والتوثيق للنادي أيام الوحدة واستمر إلى الستينيات، حيث طُلب ولأول مرة إشهار النّادي، وتابع إلى ما بعد ثورة الثامن من آذار حيث تمّت إعادة تنظيم عمل المنظمات وهيكلتها، كما يذكر أنه عام 1965 وصل عدد الأعضاء تقريباً إلى 200 عضو ومنهم سيدات، وفي عام 1966 نُظّم عمل النّقابات وأُصدر قانونها، وأعيد تأسيس "نادي سورية لهواة الطوابع" بشكل رسمي وتمّ إصدار مجلات للنادي موثّقة مذكور فيها أعضاء اللجنة الإدارية».

من جلسات المزاد في النادي

مرحلة الاستقرار

وفقاً لحديث عضو مجلس إدارة النّادي "بسام القدسي" أنه وفي ستينيات القرن الماضي كان مقر النّادي عبارة عن شقة مُستأجرة بالروضة، وحظي النّادي في السبعينيات بمقر له في (شارع النّصر- الهاتف الآلي) تقدمة من البريد، أما في الثمانينيات بدأت رحلة تنقلات المقر أولها كان بأخذ ركنٍ في فندق (أورينت بلاس) أيام الأحد والأربعاء وكذلك يوم الجمعة، حيث كان يجري مزاد النّادي ويشهد الحضور الأكبر فهو يوم عطلة أغلب الأعضاء، ومن ثم خصصت الدكتورة "نجاح العطار" مقراً له في (المركز الثّقافي في أبو رمانة)، وفي هذه الفترة التقى أعضاء النّادي على رأيٍ وهو تجميع مبلغ يمكن من خلاله تأمين مقر ثابت، وفي عام 1997 اتيحت لهم فرصة شراء المقر الحالي في "المزة" وقُدم لوزارة (الشؤون الاجتماعية والعمل) على أن تعتمده مقراً رسمياً لـ"نادي سورية لهواة الطوابع". فكان لهم ذلك وانتظمت اجتماعات النّادي وحُددت يومي الأحد والأربعاء، وقد كان لأعضاء النّادي في حلب نشاط حفّزهم على إحداث فرع رسمي لهم في حلب وتمكنوا في عام 2005 من أخذ مقر خاص بهم.

نشاطات متجدّدة

خلال شرح رئيس مجلس إدارة النّادي عن تعدد نشاطاته ومجالات عمله أوضح أن النّادي يهتم بتوثيق كل ما يتعلق بتاريخ الطابع السوري وتفاصيله ابتداءً من الطابع إلى المغلف البريدي للأختام البريدية بالإضافة إلى متابعة أخطاء الطوابع التي تصدر.

وقد جرى العمل مؤخراً على رفد النّادي بالشباب من هواة جمع الطوابع، وحرص على الحوار معهم بالذي يتناسب مع اهتماماتهم ويحقق لهم مجموعات خاصة ومتميزة.

كما يقوم النّادي بشراء الإصدارات الحديثة بقيمتها من المؤسسة السورية للبريد ويوزعها على مشتركي النّادي، وضمن مساعيه الحثيثة يقوم النّادي بتأمين كل إصدار يصدره البريد السوري من البطاقات البريديّة ومغلفات أول يوم، يوفرها لأعضائه بالقيمة الاسمية.

وبذلك وخلال خمس سنوات الأخيرة تمكّن النّادي من جمع جميع طوابع هذه الفترة، وهناك نسخ أصلية لمجموعات الطوابع السورية من فترة الانفصال وحتى تاريخ اليوم وهي هدية المؤسسة السورية للبريد للنادي.

ونشاط النّادي حاضر ومتميز منذ زمن إنشائه وبذلك جاء حديث "بسام القدسي" فقال: «كانت هناك مشاركة في أحد المعارض في مصر عام 1936 وقد نالت واحدة من مجموعات هواة الطوابع السوري إعجاب الملك "فاروق" وهو الذي عرف عنه أنه من أشهر هواة جمع الطوابع حينها وقد امتلك مجموعة من أهم مجموعات العالم».

ويتابع بالحديث عن أحدث نشاطات النّادي، أنه خلال الأزمة وفي عام 2016 تمّ إرسال طوابع لآثار "سورية" المجموعة 15 إلى "ألمانيا" عن طريق البريد رداً على طلب بين ثناياه همسات تحدٍ من أحد الأشخاص الهواة الموجودين هناك فكان لوصول بريدنا إليه إثبات على استمرار بقاء الدولة السورية واستمرار سيادتها أثناء الأزمة وتأكيد على تغييب العالم عن الحقائق.

وأضاف مؤكداً قيمة الطوابع قائلاً: «من هنا نرى أن وجود الطابع يعني وجوداً للسيادة والدولة ذات الكيان المستقل، وعندما نجد طابعاً خاصاً بعيد الأم السورية في الخمسينيات من القرن الماضي فإن ذلك الأمر يعكس حالة المجتمع السوري آنذاك».

عمل متكامل

تحدث رئيس مجلس إدارة النادي المحامي "بسام العايش" عن نشاط آخر يقول عنه: «نحن في النّادي نعمل بشكل فردي ولنا كذلك عمل جماعي نتعاون فيه على توثيق طوابع النقابات ومنها نقابة المحامين ونقابة الفنانين، فقد فوجئنا بعدم وجود أرشيف لديهم، فقمنا بالعمل وعلى مدار أسبوع كامل حيث تفرغ لذلك أحد الأعضاء من فرع "حلب" بالتعاون مع نقابة الفنانين وتمّ تأسيس أرشيف طوابع نقابة الفنانين يضم كل الطّوابع التي تمّ إصدارها من تاريخ تأسيس نقابة الفنانين عام 1968 إلى اليوم. ووثّقت جميعها وحفظت في لوحتين قدمت إحداهما إلى نقابة الفنانين المركزية في "دمشق" وقدمت الأخرى إلى فرع نقابة الفنانين فرع "حلب"».

طوابع بالمزاد

يتابع "العايش" الحديث عن نظام المزاد في النّادي الحاضر منذ الستينيات وهو من أساس عمل النّادي لتعزيز التّعاون بين الهواة والأعضاء، ورفد النّادي بالشباب، فالمزاد هو طرح مواد زائدة لدى الأعضاء ابتداءً بمبلغ ارتأيناه حالياً 500 ليرة ويتم الزيادة على السعر من المهتمين والمشاركين بالمزاد إلى أن يصل للسعر الذي نريده وإذا لم يصل للسعر المقرر يستردها مالكها من جديد بدفع الزيادة المطلوبة لقيمتها وتُدفع نسبة النادي للمساعدة.

كان لهواة الطوابع في سورية دور كبير في التعريف بالتاريخ البريدي والطابع السوري، وحيث قام المحامي "بسام العايش" و"بسام القدسي" والمرحوم "عمار نبعة" بإنشاء صفحة الطابع السوري والنشر فيها عن الطوابع السورية، وتمّ استقطاب الكثير من الهواة من جيل الشباب وكذلك الهواة من خارج "سورية" ومن ثم تم إنشاء صفحة أخرى رسمية للنادي ويجري العمل على الصفحتين بالوتيرة نفسها.