من عوالم الشعر والأدب والإعلام صاغت الكاتبة "نوار الشاطر" طريقها الخاص، مقدمةً ثلاثة إصدارات شعرية تتناول مواضيع إنسانية عميقة، معبرةً عنها بأسلوب بسيط ومكثف، وحاملةً رسالةً مهمةً في مجال كتابتها للطفل، عبر مخاطبة عقله وحواسه بإقامتها جلسات "نادي القراءة" التفاعلية.

مع الصحافة

"مدونة وطن" تواصلت مع الكاتبة "نوار الشاطر" التي تحدثنا عن ميلها لعالم الكتابة والأدب بقولها: «أحب القراءة والكتابة منذ الطفولة، كنت أكتب مذكراتي اليومية، لكنني لم ألتفت إلى تنمية هذه الموهبة كثيراً، اكتفيت بقراءة كل أنواع الكتب ما جعل ميولي متنوعة في الحياة، وخلق لدي انفتاحاً فكرياً على أصعدة مختلفة، كان الشعر باباً لدخولي عالم الصحافة، ولاهتمامي ومتابعتي للمواضيع الأدبية والثقافية، فعُرض علي أن أكون محررة بأحد المواقع الإلكترونية، ثم تطورت مهاراتي في ميدان الصحافة المكتوبة عبر الصحف والمجلات الورقية والمواقع الإلكترونية العربية المنوعة، أكتب في مجال الثقافة، الأدب والفن التشكيلي بشكل عام وأهتم بالقضايا الإنسانية النبيلة التي ترسخ مفهوم الأخلاق الرفيعة».

من خلال تجربتي الخاصة مع الطفل وجدت أن هناك فجوة بين الكاتب والطفل والكتاب، لذا حاولت التقرب للطفل عملياً ودخول عالمه عن طريق نشاط "نادي القراءة " الذي أشرف عليه في المركز الثقافي في "كفر سوسة"، وهو يتضمن جلسات تفاعلية مباشرة مع الطفل، يتم اختيار مادة القراءة وربط هذه المادة النظرية بتطبيق عملي لها، لغرس فكرة القراءة في داخل الطفل لتصبح سلوكاً يومياً لديه

إصدارات

لدى "نوار" ثلاثة إصدارات أدبية حول موضوعاتها وعنها تقول: «صدر لي عام 2019 كتابا "هديل قلب" و"كوكب دري"، وفي عام 2020 كتاب بعنوان "هل بلغك شعري"، وهي ترصد مشاعر إنسانية خاصة تحاكي الحب بكل أشكاله (الحب تجاه الله، الوطن، الأم، الأب، الحبيب والأبناء) في قالب قصيدة النثر بالإضافة إلى ألوان أدبية نثرية أخرى (المرأة، الرجل، الطبيعة، الشهيد)، المشاعر الإنسانية هي ركائز مهمة في الحياة والأدب، كتبت عنها كثيراً لإيماني الحقيقي أن الحياة هي الطبيعة التي ترفدنا بأجمل الصور التي تغذي مخيلتنا كشعراء، وأن المرأة والرجل هما جناحا الحياة، وتكاملهما الأدبي يحقق حالة توازن إنساني، أما الشهيد فهو المعنى الصادق الذي كتب الحياة بموته، فالكتابة عنه وإليه واجب أخلاقي»، ومن كتاباتها "الصدق وفاكهة محرمة دولياً لا يتناولها إلا الشهداء".

شهادة تقدير حاصلة عليها

الكتابة أمومة

إصداراتها

وحول دوافعها للكتابة للطفل تقول: «أكتب عن الطفل وله، اهتمامي بصحافة الطفل والكتابة عنه نابع من أمومتي، حاجتي لقراءة قصة جيدة لأطفالي دفعتني للكتابة لهم، لا تزال تجربتي في أدب الطفل في بدايتها، كتبت للطفل القصة، الشعر والأغنية، وأغلب ما كتبته تم نشره إلكترونياً لأنه يتيح لأي طفل في أي مكان أن يقرأ ما أكتبه، كما تحتل وسائل التواصل الاجتماعي المرتبة الأولى في المتابعة وتمكننا من جذب الطفل للقراءة بأسلوب جديد واقعي عن طريق الكتاب المرئي الذي يحتوي على الصورة والكلمة ويحاكي فكرة رسوم الكرتون، وهذا ما اعتمدته في إنتاجي الأدبي الموجه للطفل الذي نشرته عبر اليوتيوب، كما أعمل على مؤلفات للطفل قيد الإنجاز وستأخذ طريقها للنشر الورقي».

نادي القراءة

تحاول "نوار الشاطر" الاقتراب من عالم الطفل أكثر وحول ذلك تقول: «من خلال تجربتي الخاصة مع الطفل وجدت أن هناك فجوة بين الكاتب والطفل والكتاب، لذا حاولت التقرب للطفل عملياً ودخول عالمه عن طريق نشاط "نادي القراءة " الذي أشرف عليه في المركز الثقافي في "كفر سوسة"، وهو يتضمن جلسات تفاعلية مباشرة مع الطفل، يتم اختيار مادة القراءة وربط هذه المادة النظرية بتطبيق عملي لها، لغرس فكرة القراءة في داخل الطفل لتصبح سلوكاً يومياً لديه».

من كتاباتها للطفل

وتصف "الشاطر" الكتابة الأدبية بالموهبة على عكس الكتابة الإعلامية التي قد تكون متاحة لأي شخص يمتلك القدرة على الكتابة بشكل جيد، ويستطيع تطوير فكره وأدواته، وتفضل لقب كاتبة، لأن الكتابة هي الأساس بالنسبة لها، أما المسميات الأخرى -على حد قولها- فتعود للقارئ حسب رؤيته الخاصة لما تكتبه.

عاطفية وإنسانية

الإعلامي "سامر الشغري" رئيس القسم الثقافي في وكالة "سانا" للأنباء سابقاً، يقول: «تعرفت إلى "نوار" قبل سنة ونصف من خلال العالم الأزرق، بعد أن أبهرتني طريقة إلقائها وتقديمها للنصوص خلال نشاط للأطفال أقامه المركز الثقافي في "كفر سوسة"، حيث اعتادت أن تقيم نشاطاتها، وتواصلت معها بغرض دعوتها لتنظيم أنشطة مماثلة في مدينة "دوما" حيث أسكن، ولكن الظروف لم تساعد على تحقيق هذا الغرض، ولاحقاً فاجأتني بحضور عدد من الندوات التي أقمتها في المراكز الثقافية بصحبة طفليها الجميلين، وتعرفت إليها أكثر عندما كنت رئيساً للقسم الثقافي في وكالة "سانا" للأبناء، حيث قمنا مرات عدة بتغطية الورشات والفعاليات التي تقيمها في ثقافي "كفر سوسة" بصورة شهرية تقريباً، فضلاً عن أنشودة "أبي" التي كتبتها وقُدمت في "العراق" الشقيق».

ويتابع الإعلامي "الشغري" بقوله: «قرأت إصداراتها الثلاثة التي طبعتها وفيها تقدم قصائد نثرية وخواطر تناولت خلالها مواضيع عدة من التصوف إلى الحب، فضلاً عن مواضيع إنسانية عامة، وأجد أنها في التصوف تأثرت بجلال الدين الرومي، فكتبت من وحيه بأسلوب شفاف ومبسط ومعبر، أما في الغزل فهي نزارية الطابع وتعتمد على أسلوب المخاطبة وتكثر منه، وتغرف هنا من عاطفة شديدة وكأنها تستعير مضمونها من الواقع، وفي الجانب الإنساني هي متأثرة جداً برحيل والدها عن عالمنا ليطغى الحزن على نصوص كثيرة كتبتها، وفي مجال الكتابة للأطفال تحقق "نوار" تفرداً ملحوظاً فهي هنا تُغني كتاباتها بالخيال والقيم الإيجابية مع احترامها لعقلية الطفل وأنه شخص مهم وواع، فضلاً عن أسلوب إلقائها الدرامي المعبر ولاسيما في إلقاء الحكايات، وأجد أنها في كتابة الشعر تتلمس بناء خطها المستقل والخاص والذي يحمل هويتها، في ظل وجود العشرات من الشعراء الذين يسبقونها بالعمر والتجربة وهي تحتاج هنا لحصيلة معرفية وهذا لمسته في مجموعتها "هديل قلب"».

مُعطرة بالحب

بدوره د. "هيثم يحيى الخواجة" أديب سوري وناقد مختص بمسرح الطفل يقول: «"نوار الشاطر" شاعرة مجيدة استطاعت أن تصوغ قصيدتها بحبر قلبها، وتنسج صورة مبتكرة وقصيدة متماسكة متينة مؤثرة، برزت في مجموعاتها الشعرية، في نصها وهج خاص وتكثيف واضح، وبوح يتشظى في إطار آلام وآمال الإنسان ومعاناته في الحياة، في قصيدتها إيقاعات نابضة وأهداف معطرة بالحب، وإنسانية الإنسان، في قصيدتها تدوير الحزن واليأس وصوفية مطرزة بالنقاء من أجل الانعتاق من التخلف ولفظ اليأس والإحباط، كل ذلك تلونه صورة شعرية مبتكرة تضفي على القصيدة ألواناً شفيفة، واحتمالات دلالية تعمق مسار الفكرة وتزيد الجملة الشعرية رهافةً ونهوضاً، بالإضافة إلى تعدد الأصوات في بعض النصوص، وهي إذ تركز في موضوعاتها على الود، الحب، الصدق والصداقة وتجد في احترام إنسانية الإنسان ضرورة حضارية مطلقة».

وتحرص "الشاطر" على كتاباتها بأدب الطفل أن تفصل بين فئة عمرية وأخرى، كما تتمسك بالمعجم اللغوي الملائم وتهتم بمشكلات الطفل المعاصر، وتؤكد على التشويق والإمتاع وتقديم أفكار ملتزمة تفيد الطفل وتبني شخصيته.

نشير إلى أن الكاتبة "نوار الشاطر" من مواليد "دمشق" عام 1984، حاصلة على إجازة في علم الحياة من جامعة دمشق، اختصاص "ميكروبيولوجي"، عملت لمدة عام مساعدة مشرف في جلسات العملي في كلية العلوم جامعة دمشق، حاصلة على شهادات تكريم من جهات متعددة عملت معها كإعلامية أو كاتبة، منها اختيارها سفيرة ممثلة للبيت الثقافي الهندي في "السعودية"، وسفيرة ممثلة لعلوم الأهرام، وممثلة دولية للمركز الدولي لعلوم الأهرام وأخلاقيات العلم في "مصر"، وشهادة تقدير من مشيخة "الطريقة القادرية العليا" في "العراق" عن كتابها "كوكب دري".