عانى الكثير في طفولته ومرحلة شبابه، امتلك شغفاً لكتابة الشعر في فترة مبكرة من عمره، ينتمي إلى بلدة ملونة بأطيافها وتمتاز بجمالها، كلّها كانت أسباب توجه الشاعر "سليمان خلف" لكتابة الشعر، والوقوف على منصاته شاعراً متميزاً، حتى بات يعدّ أحد أبرز شعراء بلدة "الدرباسيّة".

محطات

تحمل سيرته الشعريّة مراحل متعددة، أبرزها وأهمها رحلة الشقاء والتعب المادي، ومع ذلك لم يتأثر، بل أثر في المجتمع برسائله الشعريّة، وقصائده التي يحفظها ويتذكرها غالبية أبناء البلدة، وهو الذي دخل ميدان العمل مساعداً لوالده في طفولته، تلك البداية المرهقة نفسياً ومادياً وجسدياً، ما كانت إلا طريق النجاح والتميز دراسياً وأدبياً، يقول "خلف" عن تلك المحطات: «نشأت في أسرة فقيرة، مكونة من 12 شخصاً، يعيلهم والد عامل، انضممت معه للعمل وأنا صغير، كنتُ محبّاً للعلم والمدرسة بشكل كبير واجتهدتُ بتعلم القراءة والكتابة، حتّى أن بعض الأهل توسطوا لدى الوالد، في سبيل إرسالي للمدرسة، وهو ما كان، الدراسة بمختلف مرحلها بدءاً من الابتدائية مروراً بالإعدادية وحتّى نيل الثانوية، كانت في مدارس بلدتي، دائماً ما كنتُ في مراتب المتفوقين، عام 1968 نلتُ المرتبة الأولى على مستوى الجزيرة السورية "الرقة، دير الزور، الحسكة" في شهادة التعليم الأساسي، أما بعد نيل الشهادة الثانوية، فلها قصة مريرة أيضاً، لم يرضَ الوالد بدراستي في كليات الهندسة، لتخفيف النفقات والدوام اليومي، لذلك كان قرار الدراسة في كلية الآداب قسم الجغرافية.. وبالتزامن مع الدراسة كنت أعمل، وأدرِّس ساعات بصفة وكالة في المدارس، استمريت بذلك حتّى التخرج من الجامعة».

يكتب شعراً خاصة في ديوانه الشعري "صدى الأيام" من أفق إنساني، فهناك الحب والألم، والحياة والموت، ويمكن القول بأن شعره فيه الجانب الروحي، وشاعرنا بشكل عام يتأثر بالمناسبات العامة، والقادة العظماء وحوادث عرضية يومية، وحالات خاصة، أبدع فيها بلغة الشعر واختار لغة سلسة مرصعة بخيالات خصبة وتصويرات رائعة من تشبيه وطباق وما إلى هناك من محسنات، شعره له عدة خيوط ملونة بالإضافة إلى اللونين الأبيض والأسود

وسيلة للراحة

وعن السبب المباشر والاهتمام بكتابة الشعر، يقول "خلف" : «لقد عانيتُ كثيراً من العمل والتعب في حياتي، ولأنني أملك موهبة الشعر الموزون أيضاً وهو بفضل من الله، كان قراري اتخاذ الشعر وسيلة للراحة والترويح عن النفس، والتعبير عن مشاعري وكل الأحداث والتجارب المؤثرة، بداية كتابتي للشعر عام 1972 ، كنتُ حينها أدرس في ريف بلدتي، انطلقت بكتابة الشعر والعمودي حصراً، وسبب العمودي لأنّ موسيقا تفعيلاته موزونة وقافيته تمتص شحنتي شيئاً فشيئاً، ومع نهاية كتابة القصدية، أشعر براحة وهدوء، لم أكتب الشعر للشهرة والمال، وكل قصائدي من واقع الحال».

تتويجاً لجهده الشعري درع من نقابة المعلمين

يقول "سليمان خلف" في إحدى قصائده:

ولم أركب بحور الشعر حتّى أُكافأ بالدراهم والثناء

مع ديوانه صدى الأيام

فليس بذي بيان من تراه يُذّل النفس من أجل الثراء

ولكن حين تثقلني همومي يقوم بحملها حرف الهجاء

شهادة شكر وتقدير

فينثرها على الأوراق شعراً يُخفف بعض همّي واستيائي

مشاركات

شارك الشاعر" خلف" في العديد من الأمسيات الشعرية التي أقيمت وأنجزت في المركز الثقافي ببلدته، بمشاركة شعراء وشاعرات من خارج المحافظة، وشارك في منابر شعرية خارج بلدته أيضاً، أمّا الدعوات فكانت تصله من المراكز الثقافية المنتشرة في جميع بقاع محافظة "الحسكة".

وشارك في مسابقة شعرية نافس عليها شعراء من القطر كلّه، يقول عنها: «في ثمانينيات القرن الماضي، وفي مسابقة لاختيار القصيدة الأولى من كل محافظة من محافظات القطر، وإرسالها إلى العاصمة، شاركتُ بقصيدتين الأولى بعنوان "بطاقة شخصية" والثانية بعنوان "ربيع وسراب"، تم اختيار القصيدتين بالمركز الأول، تم تكريمي غيابياً لعدم قدرتي على السفر من قبل نقابتي المعلمين في "رأس العين"، و"الحسكة" ولأكثر من مرة لتميزي في الشعر والثقافة، صامد حتّى اليوم في بلدتي مع قلمي وورقة شعري، أخفف عن نفسي آلام وأوجاع الحرب الباهظة».

صدر له ديوان شعر مطبوع "صدى الأيام" بموافقة اتحاد كتاب العرب، فيه 29 قصيدة من الشعر العمودي في موضوعات متعددة، ومن عدّة بحور شعرية، لديه اليوم أربعة دواوين شعرية غير مطبوعة لأسباب صحيّة وماديّة، أجريت معه عدّة لقاءات صحفية وتلفزيونية.

كلامٌ ووزن

يجده قدّوة في ميدان الأدب وعالم الشعر خاصة، سمعه مراراً يقول الشعر الحق، كلاماً ووزناً، في قصائده تجد رسائل قيّمة وذات معنى، في قصائده إضافة أدبية، قدّم نفسه أحد أبرز الشعراء في المحافظة، الأهم أنه يمضي في نثر الشعر الحقيقي، هذا ما قاله الشاعر "أحمد حسين" ابن مدينة "القامشلي".

يمتاز شعره باللغة السهلة المرصعة بالخيال، وبالصور المؤثرة هذا ما قاله القاص "محمد سعيد ملا سعيد" من أبناء بلدة الشاعر المذكور، الذي عاصره طويلاً، يضيف عنه: «يكتب شعراً خاصة في ديوانه الشعري "صدى الأيام" من أفق إنساني، فهناك الحب والألم، والحياة والموت، ويمكن القول بأن شعره فيه الجانب الروحي، وشاعرنا بشكل عام يتأثر بالمناسبات العامة، والقادة العظماء وحوادث عرضية يومية، وحالات خاصة، أبدع فيها بلغة الشعر واختار لغة سلسة مرصعة بخيالات خصبة وتصويرات رائعة من تشبيه وطباق وما إلى هناك من محسنات، شعره له عدة خيوط ملونة بالإضافة إلى اللونين الأبيض والأسود».

الشاعر "سليمان خلف" من أهالي بلدة "الدرباسية" مولود عام 1951، وقد أجريت مدونة وطن اللقاء معه بتاريخ 18 أيلول 2022.