يتميز فن الرقص الشعبي "الشركسي" بجمال حركاته واتزانه، وهو بمضمونه رياضة بشكل أو آخر، يدرّب الإنسان على الرشاقة والقوة وخفة الحركة، وهو يحمل أشكالاً وأسماءً متعددة ومختلفة، فثمة مجموعة من الرقصات لكل منها حكاية وأصل.

رقصة اللقاء الأول

يقول "نسيم خواظ" المدرّب للرقص الشركسي في "سورية" لمدوّنة وطن esyria": «يحتل الرقص الشعبي مساحة شاسعة في الثقافة الشركسية وبأشكالها المختلفة، ولكل رقصة حكاية فمثلاً رقصة "قافا" هي رقصة الأمراء والكبرياء والشموخ، وتعد أكثر انتشاراً بين شعوب جبال "القفقاس"، وتسمى برقصة اللقاء الأول بين الشاب والفتاة، حيث يحاول فيها الشاب إظهار رجولته ليلفت انتباه الفتاة، وتظهر الفتاة أنوثتها بكل عز وكبرياء، وتسمى "خونكا" عند الشعب "الأوسيني" بتغيرات طفيفة».

كلمة شركس أطلقها الأجانب في بداية الأمر على إحدى قبائل شعب الآديغية، ثم غدت مع الزمن تسمية عامة شملت كل الشعوب التي تستوطن شمال "القفقاس"، وقد اختلف في أصل هذه الكلمة فمنهم من قال بالأصل اليوناني أو الروماني أو الفارسي أو التتاري...

بعد اللقاء الأول

عن رقصة "ودج البطيء"، يقول متابعاً: «رقصة يؤديها شعب "الابزاخ" في "الجولان" السوري المحتل، وتعدُّ تاليةً لرقصة القافا، فبعد اللقاء الأول تأتي المرحلة الثانية من مراحل التدرج العاطفي، حيث تلتهب المشاعر وتزداد وتيرة الرقص، ويتطور الحوار الراقص بين الشاب والفتاة ليصل إلى قمة الوفاق والتفاهم، فيبدأ الحوار بين الجسد والروح بالرقصة الوحيدة التي يسمح فيها للشاب بأن يلمس يد الفتاة والحديث معها بشكل راقٍ من خلال محاكاة لطيفة ضمن الأعراف والتقاليد الشركسية التي تدل على أعمق وأرقى أنواع الأدب، ومثلها رقصة "ودج السريع" التي يؤديها شعب "القبردي" في "القفقاس" ولكن بوتيرة أعلى قليلاً».

من الرقصات الشركسية

من العادات القديمة

على مسارح دمشق

أما رقصة "كواشاغازا" لها حكاية ثانية جاءت من رحم التاريخ، حيث يتحدث عنها "خواظ": «عند زواج الحفيد في العائلة وحين تأتي العروس تكون في المنزل والدة العريس وجدته فتحزن الأم بإحساسها بأن هناك من أتت لتأخذ مكانتها على الأقل عند ابنها، فتحزم حاجاتها وتعتزم الرحيل، وهنا يأتي دور الجدة لتعيدها وإرضائها بهدية رمزية، ومن هذه القصة المعروفة في التقاليد الشركسية جاءت رقصة "كواشاغازا"».

الراقص الأعرج

وعن رقصة "حكولاش" يقول: «تعود هذه الرقصة إلى الحكايات القديمة، مفادها أن شاباً كان أعرجاً، قدَمه أقصر من الأخرى، وفي إحدى الحفلات دخل حلبة الرقص أو ما يعرف بالجوك، وأخد يرقص أمام الحضور بفرح يدور تارة ويتقدم تارة إلى الأمام وتارة للخلف فسميت هذه الرقصة تخليداً وتشجيعا له».

نسيم خواظ

وفي رواية أخرى تنسب إليها رقصة "اسلاميه" يرويها "نسيم خواظ": «هي أيضاً من الحكايات والأساطير الشركسية، وتروي حكاية الشاب "اسلام" الذي كان يرعى أغنامه مستلقياً على الأرض، ينظر إلى السماء، ويفكر بحبيبته فإذ بنسرين يحومان في الأفق بحركات دائرية بانسجام وكأنها يغازلان بعضهما، ومنها استوحى هذا الشاب رقصة ليعبر فيها عن مشاعره تجاه حبيبته، وسميت هذه الرقصة باسمه، أما رقصة "تلبرف" وتسمى أيضاً رقصة "الشابسغ"، وهي عبارة عن حركات وقفزات أشبه بحركة الخيل أثناء المسير، بينما رقصة "زغلاد" فهي أسرع أنواع الرقص لدى شعوب الأديغي».

ختاماً

ويعد "الشركس" أحد أقدم الشعوب في العالم، وهم من أوائل السكان القدماء في أوروبا، بلغة منفردة وثقافة متميزة خاصة بهم.."، هذا ما دونه الباحث "قادر ناتخو" في كتابه "التاريخ الشركسي"، ووصفهم الشاعر الألماني"مولر" بأن الشركسي يتمتع بكيان خاص به، فهو لا يتخفى أو يستتر أو ينحني مهما كان ماشياً أو راكباً.

ويقول الكاتب "برزج سمكوغ" في كتابه "الشركس في فجر التاريخ": «كلمة شركس أطلقها الأجانب في بداية الأمر على إحدى قبائل شعب الآديغية، ثم غدت مع الزمن تسمية عامة شملت كل الشعوب التي تستوطن شمال "القفقاس"، وقد اختلف في أصل هذه الكلمة فمنهم من قال بالأصل اليوناني أو الروماني أو الفارسي أو التتاري...».

والجدير ذكره بأن "الشراكس" أتوا إلى "سورية" بعد التهجير في القرن التاسع عشر الميلادي، وسكن أغلبهم في "الجزيرة السورية وحمص وحلب والقنيطرة وضواحي دمشق".