في يوم الثلاثاء من كل أسبوع ومنذ سبعين عاماً، اعتادت سيدات "دمشق" العضوات في جمعية "النّدوة الثّقافيّة النسائية"، على اللقاء والتّشاور في نشاطٍ لهن دأبن عليه وأخذنه عن أمهاتهن، وورثن منهن العمل في إعانة الفتيات الفقيرات والأخذ بأيديهن لمتابعة تحصيلهن العلمي والثّقافي.

حضور الفكرة

ثبّتت جمعية "الندوة الثّقافيّة النسائية" تاريخ إنشائها عام 1942، حيث التقت باقة من سيدات "دمشق" الفاضلات المثقفات لإحداث جمعية نسائيّة تعنى بتعليم الفتيات الفقيرات، وتعزز نشر الثقافة بين النّساء وتوسع ساحتها، وليكون لها الإسهام الحاضر في دعم الحركة الثقافيّة النسائيّة في "سورية"، والتي بدأت بإنشاء الاتحاد النّسائي في نهايات الأعوام الثلاثين من القرن الماضي.

تطوعت لهذا العمل كل من السيدات "جهان الموصلي"، "بديعة أورفلي"، "جيهان دياب"، "ريما كرد علي عظمة"، "سعاد حلبي صواف"، "نعمة ذياب"، "نهلة الجابي"، فزرعن بذور هذه الفكرة وأنبتنها، وجعلن لها ولادة قوية استقطبت الكثير من المتطوعات المثقفات، وأسسن نهج عمل تعليمياً ثقافياً قائماً على التّطوع وجمع التّبرعات بأنواعها كافة لإعانة الطالبات الفقيرات في متابعة تعليمهن، وبدأت نشاطات الجمعية تُنظم من خلال اجتماعات عضواتها التي انحصرت في بيوت بعضهن لمدة سنتين أو أكثر، ومع توسع العمل وزيادة عدد العضوات المقبلات على الجمعية، بالإضافة إلى زيادة الإيرادات استوجب البحث عن مقر مؤقت تمّ استئجاره، وأخذت أعمال الجمعية تتنامى وتتعدد ما بين بازارات ولقاءات تبرع، وحفلات فنية خيرية شارك فيها عدد من المطربين والمطربات في ذلك الزمان، منهم هدى سلطان وصباح فخري، ما أتاح الفرصة القوية لشراء مقرٍّ ثابت في نهاية الخمسينيات تقريباً، وأخذ نشاط سيدات الجمعية بالتوسع والتطور

وفي تفصيل أكثر عن مراحل إنشاء الجمعية أوضحت رئيسة مجلس الإدارة "لينا شيخ الأرض": «تطوعت لهذا العمل كل من السيدات "جهان الموصلي"، "بديعة أورفلي"، "جيهان دياب"، "ريما كرد علي عظمة"، "سعاد حلبي صواف"، "نعمة ذياب"، "نهلة الجابي"، فزرعن بذور هذه الفكرة وأنبتنها، وجعلن لها ولادة قوية استقطبت الكثير من المتطوعات المثقفات، وأسسن نهج عمل تعليمياً ثقافياً قائماً على التّطوع وجمع التّبرعات بأنواعها كافة لإعانة الطالبات الفقيرات في متابعة تعليمهن، وبدأت نشاطات الجمعية تُنظم من خلال اجتماعات عضواتها التي انحصرت في بيوت بعضهن لمدة سنتين أو أكثر، ومع توسع العمل وزيادة عدد العضوات المقبلات على الجمعية، بالإضافة إلى زيادة الإيرادات استوجب البحث عن مقر مؤقت تمّ استئجاره، وأخذت أعمال الجمعية تتنامى وتتعدد ما بين بازارات ولقاءات تبرع، وحفلات فنية خيرية شارك فيها عدد من المطربين والمطربات في ذلك الزمان، منهم هدى سلطان وصباح فخري، ما أتاح الفرصة القوية لشراء مقرٍّ ثابت في نهاية الخمسينيات تقريباً، وأخذ نشاط سيدات الجمعية بالتوسع والتطور».

السيدة لينا شيخ الأرض رئيسة مجلس إدارة الجمعية

التّرخيص

السيدة غادة الخاني ملتزمة بلقاءات الجمعية

أضافت رئيسة مجلس إدارة الجمعية أنه في 23 نيسان 1959 م تمّ ترخيص الجمعية رسمياً من وزارة الشؤون الاجتماعيّة والعمل، لتضم 53 عضوة بين عضوات عاملات ومؤازرات، وثبت برنامج عملها وانتظم ضمن ثلاث لجان هي لجنة ثقافيّة، ولجنة اجتماعيّة، ولجنة فنيّة يجري اختيار عضواتها من العضوات العاملات، وترأسهن عضوة من الهيئة الإداريّة الـمُنتخبة.

وقد أخذ عمل اللجنة الثقافيّة الحيز الأوفر من اهتمام عضوات الجمعية، فمنذ حصولهن على المقر كان النّشاط الثقافي يتنامى بشكل دائم، بدءاً من المحاضرات الثّقافيّة الدّوريّة الشهريّة والتي تعددت برامجها وتنوعت، حيث كان يجري تنظيم جلسات تتمّ خلالها مناقشة كتاب أو نتاج ثقافي يطرح للقراءة، كما تمّ تنظيم عدد من الزّيارات واللقاءات المميزة والمهمة لمجموعة من الأدباء والمثقفين أصحاب الأسماء الحاضرة حينها مثل "ألفت الأدلبي، فاضل السّباعي، عبد الكريم اليافي، عبد السّلام العجيلي يوسف السّباعي وجميلة بحيرة".

عضوات من الجمعية في دورة الخط العربي

مكتبة خاصة

وتقول "شيخ الأرض": "توجت اللجنة الثقافيّة عملها بإنشائها مكتبتها الخاصة الزاخرة بكتب قيمة اشترت البعض منها وأخرى بحثت عنها وجمعتها ليكون لها حالياً 3600 كتاب من كل الأنواع والمعارف ولأغلب الثقافات، كما كان هناك نشاط يتمحور حول تبني كتابات بعض الكتاب والأدباء، وطباعة بعض نتاجهم على نفقة الجمعية، هذا وقد تبرعت المرحومة والأديبة "ألفت أدلبي" وهي إحدى عضوات الجمعية بجوائز للمتفوقات في شهادة الدراسة الثانوية بناء على وصيتها التي استمر العمل بها حتى عام 2011، أما عمل اللجنة الفنيّة فقد اعتمد بشكل أساسي على ما كانت تنتجه سيدات الجمعية من أعمال يدوية وما كن يقدمنه للجمعية من هدايا للعرض ضمن بازريين اثنين كانت تقيمهما الجمعية، ويعود ريعهما لتمويل برامجها من حيث دعم الفتيات الفقيرات وتنمية الثقافة لديهن ومساعدتهن في إكمال تعليمهن.

التعليم أولاً

ويعد تعليم الأنثى مقصد اللجنة الاجتماعية، وتواظب السيدة "غادة الخاني" وهي من رعيل الجمعية الأول على حضور لقاءات الجمعية وتتابع نشاطاتها ومهامها، وتستذكر عمل اللجنة الاجتماعية حيث كانت تقوم العضوات بجولات على المدارس الابتدائية الحكوميّة، بحثاً عن الفتيات المستحقات للدعم وتنظيم أسمائهن ضمن جداول وقوائم احتوت أيضاً عناوينهن، والمدارس الملتحقات بها، لدعوتهن للحضور إلى مقر الجمعية وتزويدهن بإعانات الجمعية العينية (في أغلبها ذلك الوقت).

وتوضح السيدة "الخاني" أن دعم الجمعية استمر ليشمل فتيات المرحلة الابتدائيّة فترة عشر سنوات، حيث انقطعت بعد تولي الحكومة مجانية التّعليم الأساسي، وتابعت الجمعية عملها مع فتيات المرحلة الإعدادية، والذي توقف أيضاً للسبب نفسه، ليقتصر حينها التركيز على تقديم العون لتعليم الفتيات في المرحلة الثانوية، ومن بعدها التّعليم الجامعي ولكل الاختصاصات.

إلى هذه اللحظة تتابع الجمعية أعمال لجانها الثلاث بالنهج نفسه وذات الشغف، وتنتظم عضواتها في لقاءاتهن الثّقافيّة الأسبوعيّة والشّهريّة والدّوريّة، ووسعت أفق عملها ونشاطها، وتخطط لإقامة دورات تقترحها العضوات، كان أولها انطلاق دورة الخط العربي.