أضحت مدينة "يبرود" معلماً مهماً وجاذباً على الخارطة السياحية في منطقة "القلمون"، بعدما شهدت خلال السنوات الماضية حركة سياحية نشطة وحراكاً مجتمعياً لافتاً من خلال فريق "كوشل سورية" الرياضي البيئي الذي يحاول استكشاف المنطقة من جديد وتسويقها سياحياً وبيئياً.

"كوشل".. الكوثر

يقول المهندس "حسين حمدان" رئيس فريق "كوشل سورية" لــ"مدوّنة وطن": " ولد هذا الفريق من رحم الخريف اليبرودي حيث أسس عام 2019 من قبل مجموعة من المهندسين والدكاترة ورجال وسيدات الأعمال والمدرسين وطلبة الجامعات، وحمل الفريق اسم "كوشل" وهي كلمة سريانية وتعني الكوثر وهو نبع في مدينة "يبرود" مياهه معدنية وتصل مدينة يبرود من خلال مناهل متوزعة في الأحياء والشوارع الرئيسة، ويمنع منعاً باتاً دخول تمديداتها إلى البيوت، ويمنع استخدامها في غسيل السيارات أو شطف الشوارع، وهدرها من خلال صنابير المياه".

وحسبما ذكر "حمدان" فإن الفريق رياضي ، بيئي، اجتماعي وثقافي يعنى بالأطفال بقصد تعليمهم أسلوب الحياة النظيفة. "شعارنا، بيئة سليمة في صورة أفضل، يمنع تناول النرجيلة... والفريق ملتزم باللباس الرياضي المناسب... كما يمنع أي نقاش داخلي غير الأهداف التي أنشئ من أجلها الفريق، الذي نرجو من خلاله أن نصل إلى أكبر قدر من الناس ليعرفوا من هو (كوشل سورية)".

صورة تذكارية

محميةٌ بيئيّة

يبرود يلفها الضباب

وعن الأنشطة الداخلية للفريق الذي يقدر عدد أعضائه اليوم بـ100 عضو، يقول المهندس" حمدان": نفذ الفريق مسيراً في جميع وديان وجرود بلدات "فليطة ورأس المعرة، سهل رأس العين في القلمون الغربي" كما أعلن الفريق يوم الـ18 من تموز يوماً لعيد اللزاب، حيث أنشأ محمية بيئية في عين كوشل زرع فيها ولأول مرة اللزاب... الشرح... الأرز... الصنوبر وبمشاركة أصدقاء من مدينة "دير عطية"، وقام الفريق بغرس 1000 شجرة في مدينة "دير عطية"، وايماناً من الفريق برياضة المشي قام بمسير في ملّاحات "جيرود وصدد ومعلولا" وشارك الفريق بعدة أنشطة خارجية، في "وادي قنديل والقدموس والسميحيقة، وطرطوس". ويشير "حمدان" الى أن الفريق يضم في عضويته أعضاء من مدن "يبرود – دير عطية – النبك - جيرود – القسطل – فليطة – دمشق – حماة – الرحيبة".

بلادنا جميلةٌ وغنيّةٌ

الأستاذ "نبيل خلوف" مدرّس فلسفة متقاعد، عبّر عن إعجابه بما اكتسبه من (كوشل) ويقول في حديثه لــ"مدوّنة وطن": "ثلاث سنوات مضت تقريباً على تأسيس فريق" كوشل سورية"، بدأ بعدد قليل وتوسع ليصل اليوم إلى ما يقارب المئة، يتوزعون أفقياً وعامودياً من عمر الفتية إلى كبار السن ويضم شرائح مختلفة ومن المستويات الثقافية المتنوعة كافة ".

فريق كوشل امام عظمة جرود القلمون

ويضيف: "نشاط مسيرنا يتم يوم الجمعة في الصباح الباكر ويشمل منطقة القلمون كميدان رئيس، وينطلق إلى أماكن أخرى في "سورية"، وهو نشاط رياضي بيئي اجتماعي أكسبنا الكثير ونتوقع منه أيضاً الكثير، إذا تركنا الفوائد الجسمية جانباً فقد تعرفنا على بيئتنا ومنطقتنا وأدركنا بشكل مذهل كم هي جميلة بلادنا وغنية، نحن نستمع في كل نشاط إلى لمحة عن المنطقة التي نزورها من قائد المسير المهندس "حسين حمدان" وهو على دراية تامة بها، كما نستمع الى شرح عما تحويه من صخور ونباتات وما طرأ عليها من تغيرات جيولوجية من المختصين أعضاء الفريق".

ويتابع "خلوف":" المسير جعلنا نتعرف على أشخاص جدد.. من ينظر إلى أعضاء الفريق وهم يسيرون، وهم يتبادلون لقيمات الطعام يطفح البِشر على وجوههم ويحدوهم الأمل بغد أفضل، لم نصادف صعوبات تذكر فالجهات المحلية تقدم لنا الدعم والمساعدة وأهالي المناطق التي نزورها يستقبلوننا بالترحاب.. هذه التجربة تستحق التعميم وبلادنا تستحق أن نعرفها على حقيقتها ونحن بأمس الحاجة الى نشر الألفة والتواصل بيننا وشدّ أواصر المحبة والتعاون".

جوٌّ من الألفة

ولم تكن السيدة حسيبة ضاحي القادمة "حمص" أقل إعجاباً بفريق" كوشل" إذ تقول لــ"مدوّنة وطن": "بتُّ أشعر بنشاط مميز منذ انتسابي لفريق "كوشل سورية" الذي تعرفت عليه من خلال إحدى الصفحات على الفيس بوك، إننا نسابق شروق الشمس في كل يوم جمعة لنسير بهمة ونشاط ونكتشف بلادنا الجميلة، وما فيها من أمكنة لم نعرفها سابقاً، حيث يجري خلال المسير الاستعانة بالكفاءات العلمية والثقافية للحديث عن تاريخ هذه المناطق، والحضارات القديمة ووجود الإنسان القديم فيها وأدركنا أهمية الحفاظ على المعالم الأثرية واحترامها".

وتشيد "ضاحي" بأجواء الألفة والمحبة والاحترام التي يسود بين أعضاء الفريق وتقول : "أصبحنا عائلة واحدة على اختلاف أعمارنا وثقافتنا، أسرة الفريق تكبر يوماً بعد يوم حيث يتاح للمرء التعرف على أشخاص جدد والاستماع لخبرتهم، لقد أضحى هذا النشاط كنوع من الدعم النفسي والروحي للأعضاء. وأرجو أن تعمم هذه التجربة بما يغني مجتمعنا بكل المجالات".

شجرةُ اللزاب

ولعلّ أكثر ما أثار انتباه وإعجاب فريق "كوشل سورية" خلال مسيره انتشار وتناثر الشجرة العملاقة في جرود القلمون، وهي شجرة اللزاب وفي معرض حديثه لــ"مدوّنة وطن" يقول الدكتور "نورس الأبرص" من البحوث الزراعية وهو أحد أعضاء فريق "كوشل": "هذه الشجرة هي نوع من أنواع العرعر وتتبع للفصيلة السروية دائمة الخضرة ،تعمر مئات السنين، توجد على شكل أفراد متناثرة وعلى شكل تجمعات في جبال الجرد، هي محمية من قبل أهالي القرى المجاورة لجبال الجرد بالرغم من وجود بعض التعديات عليها (تحطيب)، وما يميز هذه الشجرة أيضاً أنها لا ترقد على تربة زراعية، وإنما تجد جذعها يخرج من الصخور ولا توجد إلا على الطبقات الصخرية، حيث تمتد جذورها وكيف تنمو وتتأقلم مع هذه الظروف، وهذه الشجرة تحتاج وبدقة متناهية إلى الرعاية الكاملة والاهتمام والبحث العلمي للكشف عن بعض من أسرارها التي لا تزال غامضة ومجهولة".