قد يبدو للوهلة الأولى لدى البعض أنّ تعليم الأطفال حرفة تصميم الملابس والأزياء ترفٌ لا جدوى منه بالنظر إلى صعوبة هذه الحرفة وما يطرأ عليها من تجديد دائم، غير أنّ التجربة التي انطلقت في "حاضنة دمر للفنون" أثبتت جدواها في تعليم الأطفال مهنة تصميم الأزياء من خلال تأسيس أكاديمية لتعليمهم المهنة في سن مبكرة وصقل مواهبهم في هذا المجال.

جمعيةٌ وأكاديميةٌ

"أحمد الطحان" وهو أحد شيوخ كار حرفة تصميم الأزياء بدرجة مدرب، وهو من مؤسسي الجمعية الحرفية لمصممي الأزياء التي انطلقت في دمشق 2019، وهو أيضاً مدير "أكاديمية الطفل الحرفي"، يشير في حديثه للمدوّنة إلى بداياته في المهنة ودوافعه لتأسيس الجمعية والأكاديمية ويقول: «بدأت ممارسة الحرفة منذ عام 1992، فقد تعلمت مهنة صناعة أقمشة الدامسكو والحرير من جدي المرحوم "محمد خير الطحان" الذي تعلمها بدوره عن والده، وتعلمت مهنة تصميم الأزياء والخياطة عن والدي "محمد الطحان" الذي درس تصميم الأزياء في مدينة"مونبيلي" الفرنسية، بينما درست هذه المهنة في مركز "أوروبا الدولي" بإشراف هيئة أكاديمية "كورس دوكوب لينية" في"باريس"».

نحن في أكاديمية "الطفل الحرفي" في حاضنة "دمر للفنون الحرفية"، ندرّب الأطفال على حرفة الخياطة وتصميم الأزياء لدمية "الباربي" ثم للطفل نفسه، يبدأ الطفل منذ عمر ثماني سنوات وحتى عمر ستة عشر عاماً، وكلما كان عمر الطفل أصغر كلما كان أفضل لأنه سيتقن المهنة ويستوعبها بشكل أسرع، وكلما كانت لديه الرغبة والموهبة أصبح التعلم أسرع

ويضيف: «أسست الأكاديمية المركزية لتصميم الأزياء وأكاديمية "الطفل الحرفي" عام 2020، وهي أكاديمية تُدرِس علوم تصميم الأزياء على الطريقة الإيطالية باللغتين العربية والإنجليزية وبجميع الاختصاصات، بما فيها تصميم الأزياء ثلاثي الأبعاد وعلوم "البترون" باستخدام الحاسوب، وتسعى الأكاديمية لضم المتميزين من كلا الجنسين لتخريج مصممين مبدعين قادرين على السير خلف أحلامهم وصولاً إلى العالمية».

محمد الطحان

خصوصية

ماكينة خياطة للأطفال

قبل إنشاء المركز التدريبي في حاضنة "دمر المركزية للفنون الحرفية" كان عمل "الطحان" فردياً يقتصر على أولاد الأقارب لعدم وجود مركز مرخص للتدريب، أما حالياً تقام الدورات للكبار والصغار وفق المنهاج الإيطالي لتصميم الأزياء، لتأهيلهم نظرياً وعملياً وإعطاء شهادات معترف بها داخلياً وخارجياً ومصدقة من وزارة الخارجية، مدة الدورة ثلاثة أشهر ويحتاج المتدرب مدة سنتين لإكمال المنهاج وبالتالي إتقان الحرفة.

ويشير "الطحان" إلى تأسيسه داراً للأزياء التراثية "السورية" التي تجمع وتدمج بين الأزياء الحديثة والنقوش الفنية التراثية لمواكبة خطوط الموضة العالمية، واستعادة مكانة صناعة الموضة "السورية" مع الحفاظ على الأزياء التراثية كإحدى محطات تطور الحضارة "السورية" عبر التاريخ القديم والمعاصر.

الطفلة جنى النجار

مراحلُ التدريبِ

بدوره يقول الحرفي"محمد الطحان" أحد المدرّسين في الأكاديمية: «نحن في أكاديمية "الطفل الحرفي" في حاضنة "دمر للفنون الحرفية"، ندرّب الأطفال على حرفة الخياطة وتصميم الأزياء لدمية "الباربي" ثم للطفل نفسه، يبدأ الطفل منذ عمر ثماني سنوات وحتى عمر ستة عشر عاماً، وكلما كان عمر الطفل أصغر كلما كان أفضل لأنه سيتقن المهنة ويستوعبها بشكل أسرع، وكلما كانت لديه الرغبة والموهبة أصبح التعلم أسرع».

ويتابع الحرفي حديثه بالقول: «نبدأ كمرحلة أولى برسم فستان لعبة "الباربي" ورسم "البترون" لها وخياطته على ماكينات خياطة يدوية، وهي ماكينة مناسبة للأطفال وغير خطرة عليهم، وبعد خياطة الفستان ننتقل لخياطة الكنزة ثم التنورة وأخيراً البنطال.. لدينا عدة مستويات، أول مستويين لتعليم الخياطة لملابس الأطفال ثم لخياطة ملابس الكبار ولو أنه ما يزال طفلاً، ومدة كل دورة ثلاث شهور».

ويبين الحرفي أنه تمت مكافأة الطلاب المتفوقين في الدورة الأولى بأن تكون الدورة الثانية مجانية لهم، وفي الدورة الثانية أصبح الطلاب قادرين على إنجاز "بترونات" لأنفسهم وبالتالي تفصيل ملابس خاصة بهم، ولا يوجد صعوبة بالتعامل مع الأطفال لأنهم يحبون الحرفة وحريصون على تعلمها ولديهم الرغبة بذلك.

فستانُ "الباربي"

إحدى الطالبات المتدربات على تعلم الأزياء الطفلة "جنى النجار" تقول: «عمري ثلاثة عشر عاماً أحب الرسم عامة ورسم الأزياء بشكل خاص، أحببت أن أسجل في دورة تصميم الأزياء لأني أحب رسم الأزياء للدمى، بدأت التدريب على "بترون" لعبة "الباربي" وكيفية تصميم ملابس لها، كانت أولى المراحل التصميم على الورق ثم انتقلنا لاستخدام القماش، وشعرت بسعادة كبيرة عند تصميم ملابس لدميتي وقد صممت لها فستاناً وكنزة وبنطال وتنورة، ثم بدأت بتعلم تصميم قميص وبنطال لنفسي، وأحببت هذا المجال لأني أحب الرسم والخياطة، وأصبحت أرسم بأدق التفاصيل وأصبحت قادرة على تصميم "بترون" لأي شخص».

اجريت اللقاءات بتاريخ 10 تشرين الثاني 2021 في أكاديمية "الطفل الحرفي".. أطفال بمرتبة مصممي أزياء.