منذُ تأسيسه لأوّل مكانٍ يحتفي بالفنّ التشكيليّ في "دمشق" القديمة، والذي أطلق عليه "غاليري قزح"، حاول الفنّانُ "سامر قزح" إتاحة الفرصة أمام أكبر عدد من الفنانين التشكيليين المعروفين وأيضاً الشباب لعرض نتاجاتهم الفنية وإطلاع الجمهور على كلّ جديد على صعيد الحركة التشكيلية في "سورية"، كل ذلك بأسلوب فني مميّز أضاف إليه مكان "الغاليري" ووجوده في" دمشق" القديمة ميزةً إضافيةً.

عائلةُ "قزح"

وجدت عائلة قزح في منطقة "دمشق" القديمة منذ أكثر من مئتي عام، وُلِد الجدُّ "ميخائيل قزح" في المنطقة وورث عن عائلته هذا المنزل في منطقة الشارع المستقيم أو "شارع مدحت باشا"، لا يوجد الكثير من التفصيلات عن العائلة في السابق وذلك حسب ما يقول الفنان التشكيلي "سامر قزح" مؤسس "غاليري قزح" في حديثه مع "مدوّنة وطن"، حيث كان الجد يعمل في منطقة العمارة ضمن موقع لتصميم وجمع الرخام وأنواع أخرى من الأحجار، وكان مكاناً لاستقطاب المهتمين بصناعة الرخام، ما شجّع أعمام الفنان "قزح" -في الماضي- الذين كانوا يتلقون العلم في مدرسة الآسية، على قضاء فترة العطلة الصيفية في هذا المنزل الذي كان ملكاً للجد "ميخائيل"، وما لبثوا أن تعلموا وتفننوا في صناعة الرخام كهواية ولم ينتبهوا في ذلك الوقت إلى تجسيد النحت كفن، غير أن الموهبة كانت موجودة بالأساس في جينات العائلة، ومتوارثة أباً عن جد وصولاّ للأحفاد، وما زال الفنان حتى الآن محتفظاً ببعض المقتنيات الرخامية القديمة التي كانت بحوزة والده، ونتيجة لمواكبة أبناء وأحفاد آل "قزح" للصناعات الفنية والشرقية التي تمثل تاريخ المدينة القديمة، فقد تخرّج من العائلة مجموعة من النحاتين والفنانين ومهندسي العمارة والديكور، منهم النحات "عيسى قزح" الذي تفرّد بإسلوبه الخاص وقدّم عدة مشاركات داخل "سورية" وخارجها، إضافة لوجود أقرباء خارج "سورية" مهتمين بالمجال الفني دون انقطاع.

الفنُّ والمجوهراتُ

اتجه أبناء "ميخائيل قزح" إلى صياغة المجوهرات الشرقية بجانب اهتمامهم بالفن والنحت، حسب ما يشير الفنان "سامر قزح"، وتوارثوا هذه المهنة عن عائلة "العبسي" وبالتحديد عن جدهم، الذي كان يعدُّ واحداً من أقدم الصياغ الموهوبين بـ"دمشق"، وفيما يتعلق بتصميم المجوهرات الشرقية كان عند "سامر قزح" على حد قوله "اهتمام وشغف من ناحيتي العمل بالمجوهرات وبالوقت نفسه الاهتمام بموضوع الفن التشكيلي، وبما أنه كان متابعاً بقوة للحركة التشكيلية عبر حضوره لمعارض كثيرة واقتنائه أعمالَ كثيرٍ من الفنانين، فقد قرر تأسيس مشروع محل في الشارع المستقيم، دمج فيه بين عرض المجوهرات وبين اللوحات الفنية، وهذه الفكرة كانت البداية لإطلاق الغاليري الخاص به".

سامر قزح

تأسس غاليري "سامر قزح" عام 1994، وأعاد الفنان ترميم ذاك البيت "الدمشقي" بشكل متجدد وبروح فنية، ليكون أول بيت دمشقي معاصر للحركة الفنية التشكيلية في "دمشق" القديمة، وفي تلك الفترة استكمل إقامة عدة معارض خارج "الغاليري" بسبب أعمال الترميم والتحضير، أما النشاط الفني فقد تركز عنده بدايةً بالفنانين عموماً، أما في العام ألفين فقد قدم توجهاً خاصاً للشباب الموهوبين لإطلاق نتاجاتهم المميزة، فبدأ بمعرض ضم خمس تجارب فنية شابة، ومنها بدأ نشاط "الغاليري" الذي انقسم لقسمين الأول يجسد أعمال الشباب، والثاني لعرض مقتنيات الفنانين المؤسسين المعروفين الذين لهم مكانتهم وخصوصيتهم، ومن الجميل أن مجموعة من الفنانين أخذوا فرصتهم الفنية وانطلقو من "غاليري قزح"، وهذا يعود لدقة اختيار واكتشاف الحسّ الفني عندهم، وأدرك المؤسس "سامر قزح" أن موهبة اكتشاف الفنان من الأمور التي ساعدت على تعزيز مستقبل الفن، كما استطاع اختيار الكثير من الفنانين الذين أسسوا اسماً مهماً على مستوى الفن التشكيلي حالياً في "سورية".

نشاطاتٌ عالميّةٌ

فرضت الحرب أجواءها المظلمة على العمل الفني "السوري" حسب تعبير الفنان "قزح" ما اضطره في عام 2013 لنقل نشاطه الفني إلى "بيروت"، وكان الهدف الرغبة بالاستمرار في تسويق أعمال بعض الفنانين وذلك لصعوبة استمرارهم بالعمل في ظل الظروف التي شهدتها "سورية" في تلك المرحلة، كما حاول الفنان "قزح" تأسيس معارض لتسويق الفن "السوري" في العاصمة" اللبنانية" لإعطاء فرصة للفنانين المقيمين أو الموجودين خارج البلد، بأن يكون لهم عرض دائم لأعمالهم، ومن أهم المشاريع التي قدمها في "بيروت" كان معرض "سيريا أرت فير" خلال شهر أكتوبر عام 2013، الذي ضم أربعة (غاليريهات)، شارك فيه حوالي 60 فناناً تشكيلياً سورياً وكانت الفكرة من المعرض إظهار "سورية" بلد الجمال والإبداع للعالم أجمع من خلال تسليط الضوء على أعمال المبدعين والفنانين المشاركين، فتمت بنجاح حينها تغطية المعرض عالمياً من قبل وكالات الأنباء العالمية، وانتشر المعرض في أهم المنصات العالمية، وكانت هذه -حسب ما يقول- نقطة مهمة خصوصاً في متابعة الإعلام لهذا النجاح في "بيروت"، وفي معرض آخر بعنوان "عشاء سورية الأخير" الذي ضم أعمال 55 فناناً، نقل الفنان "سامر" أعمالهم من "سورية" على حسابه الخاص إلى "بيروت"، وتمّت تغطيته بشكل لافت، كما شارك في عام 1998 في معرض "بيروت أرت فير" أو " أرت ويل" من خلال عرض أعمال ضمن الجناح "السوري"، وشارك فيه فنانون متميزون كثر منهم "صفوان دحول ومصطفى علي"، كما كانت لديه نشاطات في دول منها "البحرين والدنمارك" وغيرها من الدول، أما في عام 2014 فقد كان الفن السوري حاضراً في "سنغافورة أرت فير"، حينها تمّت طباعة (كتالوغات) ضمّت كل نتاجات الفنانين ومن ضمنها نص للفنان التشكيلي والناقد "غازي عانا" الذي وصف فيه عراقة الفن "السوري"،بالإضافة لعرض أهم أعمال الفنانين الروّاد.

سيريا أرت فير

أما بالنسبة للمشاريع القادمة فيرى الفنان "قزح" أنها دائماً موجودة وذلك بفضل العلاقات الجيدة مع عدة مقتنين من كل الدول لتسويق الفن "السوري" للخارج.

تجربةٌ

وعن تجربة أحد الفنانين في "غاليري قزح" يقول الفنان "يامن يوسف": "تعرفت على الفنان "سامر قزح" في عام 2008، وكان معرضي الفردي الأول في "الغاليري" عام 2010 حيث اطلع على كل أعمالي السابقة، وما زلنا إلى الآن نتناقش في كل المشاريع الفنية وأعمال الفنانين سواء الحاضرة أو المقبلة وخصوصاً في فن النحت، كما اطلعت على تجربته في التصوير، من خلال ذهابه إلى مناطق عدة بين محافظتي "حمص وطرطوس"، حيث وثّق بكامرته مشاهد كثيرة من ضمنها حوادث الحرائق التي حصلت في المحافظتين العام الماضي، وصوّرها بطريقة فنية مبدعة".