تعلّقت "رشا الصالح" بالقراءة باكراً، فمنذ الصغر كان الكتاب أقرب أصدقائها، وأوفى من أسدى لها النّصح، وأنار دربها وارتقت به سلم مستقبلها خطوة بخطوة، لتحصد بعد سنوات ثمرة هذا الحب للقراءة، وتتوجه لافتتاح مكتبتها التي أطلقت عليها "شمس" بعد أن تركت الوظيفة الحكوميّة، فكانت لها -المكتبة- العالم الذي طالما حلمت به، وانطلقت منها لتثبّت خطوات أحلامها تباعاً.

بدأت وتستمر

انطلقت "رشا" ومن خلال مكتبتها في دعم المسيرة التّعليميّة والثقافية للطلاب من خلال مبادرتها (بالعلم والعطاء نستمر)، التي تقوم على تأمين الكتب المدرسيّة والجامعية بشكل مجاني، بالإضافة إلى تأمين الثياب وكل احتياجات الطلاب الأساسية من (نوتات) ومكثفات تعليميّة لمن هم بحاجة فعلاً لها بسعر التكلفة، وهناك أيضاً عمل تقدمه المكتبة يقوم على جمع نسخ الكتب و(النوتات) لسنوات الدّراسة كافة بما فيها الكتاب الجامعي والمحاضرات، وتبادلها مع من هم بحاجة لها، وتمكنت المبادرة هذا العام من الوصول إلى ما يقارب 900 طالب وطالبة.

لا يمكنك إلا أن تكون إنساناً حقيقياً مع كم الإنسانية الذي لدى "رشا"، ومع فكرتها عن السلام والعطاء، ولا يمكنك إلا أن تساعدها وتثني على مثابرتها، فهي من صنعت نجاحها متجاوزة كل الظروف فدرست وتخرجت في كلية التجارة والاقتصاد بجامعة "دمشق" وكانت السادسة في ترتيب دفعتها، وحازت على "الماستر" بمرتبة الشرف ومنحة إلى "فرنسا"، وهي استثناء برؤيتها للأشياء والناس، فهم عندها طاقة وألوان، وتحسب رسائل تواصلها معهم كونية سواء كانت مقالات كتبتها أو أفلام أنجزتها أو لقاءات حضرتها

أما الرّاية الأخرى التي اجتهدت "رشا" -عرابة القراءة- في رفعها وتثبيت ساريتها، والتي تحدثت عنها لمدوّنة وطن "eSyria" فهي (الكتاب الثقافي) وعنه تقول: «هو مبادرة متجددة، تسعى لدعم القراءة وتشجيعها، وقد حافظت المكتبة عليها منذ انطلاقتها فجعلت منها مقصداً لكل من أحب القراءة والكتاب ولكل المستويات والفئات العمرية.. نقدم من خلال هذه المبادرة قصص الأطفال والمجلات التّربويّة والتّعليميّة مجاناً، كما نقدم كتباً للإعارة أو الشراء بأسعار التّكلفة، وبعد كل سبع شراءات هناك كتاب ثقافي نقدمه كهدية، يطلبه القارئ مهما كان ثمنه، وكذلك بعد سبع إعارات تصبح الإعارة مجانية، وقد جمعت المكتبة الكثير من الكتب الثّقافيّة، والمراجع الأدبيّة، والدّراسات النّقديّة والفلسفيّة، من دور نشر كثيرة تواصلت معها، ومستمرة الآن بالتواصل مع عدد آخر من الدور وخاصة التي تخدم مناهج الأطفال والرّوضات».

شعار مكتبة الشمس

بوصلةُ القراءة

من زوايا مكتبة شمس

كان شغف "رشا" بالكتاب بوصلةً حركتها ومؤشرَ وجهتها، وكان أساس سكينتها التي أعانتها على تحدي الظروف القاسية التي تقاذفتها، وحاولت الوقوف في طريق دراستها، هذا الشغف بدأ من أول موعد لها مع واحد من كتب والدها في الصف الرابع، تتذكر تلك اللحظات حسب قولها، حيث غابت لساعات مع القراءة في علّية جدها الذي جاب الجوار باحثاّ عنها حينها، يخاف حساب ضميره، ولوم صديقه الشيخ الراحل "كفتارو" وقد أوصاه بها يوم لقائه بها أثناء زيارته لهم في مضافته، حيث استشعر الحالة التّنويريّة لديها، ومنذ ذلك الحين لازم الكتاب وجدانها، وحياتها وسعت إليه حيثما كان من مدينتها "جرمانا" إلى مكتبات "الحلبوني" سيراً على الأقدام تارة، وتارة أخرى إلى "أبو طلال" ومكتبته التي حجزت فيها مكانها تحت جسر الرئيس وقد حفظ تفاصيل وجهها وعرف خبايا فكرها فكان يجهّز لها كتابها وينتظر قدومها لتأخذها علّها تروي ظمأها المستمر إلى الآن.

أديبةٌ وصحفيّة

لم تقبل مُدرسة "رشا" للغة العربية في الصف الثامن مشاغباتها فاحتجزت دفتر مذكراتها، ونال محتواه اهتمامها وإعجابها ووصفته بالمحتوى الأدبي الرّاقي الذي يليق به النّشر.

تبين "رشا" من خلال حديثها للمدوّنة كيف فتحت مدرستها أمامها بوابة المشاركة بمجلة اتحاد شبيبة الثورة "المسيرة"، وكذلك دورات الاتحاد الإعلاميّة التي ينظمها والتي احتلت فيها المراتب الأولى، وكانت بداية طريقها للكتابة الصّحفيّة واستمرت إلى ما بعد الجامعة وإلى الآن، فتعددت مقالاتها وتنوعت ما بين الحالات السّينمائيّة والحوارت الشّعريّة ونصوصها، ونُشرت أعمالها في مجلات "الأسبوع الأدبي والمعرفة والقدس العربي"، وغيرها، وكان للترجمة لدى "رشا" حصة بدأتها بترجمة قصص قصيرة للأطفال، وأول كتاب كان "محبوب قلبي" للفيلسوف "أوشو" وتبعته بترجمة كتاب "شمس الوعي" وقد حقق حضوراً واسعاً في مراكز الطاقة، وكتاب "فن الموت والحياة".

رفيق الصّدفة

كان اللقاء الذي جمع بين "رشا" و "فجر القلعاني" صدفة، وفي (السوبر ماركت) الذي كان يعمل فيه حيث جاءته وبيدها جريدة، نُشرت فيها مقالة للكاتب "أدونيس" وكانت مفتاحاً للحديث والنقاش عن أعماله وكتبه، ومفتاحاً لصداقة عميقة وعن هذه الصّداقة يقول "فجر": «لا يمكنك إلا أن تكون إنساناً حقيقياً مع كم الإنسانية الذي لدى "رشا"، ومع فكرتها عن السلام والعطاء، ولا يمكنك إلا أن تساعدها وتثني على مثابرتها، فهي من صنعت نجاحها متجاوزة كل الظروف فدرست وتخرجت في كلية التجارة والاقتصاد بجامعة "دمشق" وكانت السادسة في ترتيب دفعتها، وحازت على "الماستر" بمرتبة الشرف ومنحة إلى "فرنسا"، وهي استثناء برؤيتها للأشياء والناس، فهم عندها طاقة وألوان، وتحسب رسائل تواصلها معهم كونية سواء كانت مقالات كتبتها أو أفلام أنجزتها أو لقاءات حضرتها».