منذ ما يقارب الثلاثين عاماً صدر العدد الأوّل من مجلة "التعريب" وهي مجلة دورية عربية محكَّمة (نصف سنوية) تصدر عن المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر في "دمشق"، الذي يتبع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) حيث باتت تصدر ورقياً وإلكترونياً، وقد سعت منذ صدورها عام 1991 إلى الحفاظ على اللغة العربية كهوية قومية.

رؤيةٌ معرفيّة

يوضح المهندس "محمد سامر القواص" المشرف على المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر في حديثه لمدوّنة وطن، أن أهداف المجلة تكمن في تعريب التعليم العالي والجامعي بفروعه وميادينه كافة في الوطن العربي، وتطويره ومتابعة الجديد مما يُنشر في ميادين المعرفة حول العالم للتعريف به وتعريب الجديد الملائم منه، بالإضافة إلى العمل على الاستفادة من بحوث العلماء والطلاب العرب داخل الوطن العربي وخارجه، والإسهام في ترجمة ملخصات ومستخلصات من أطروحاتهم ودراساتهم حسب أهميتها التطبيقية لمشاريع الإنماء العربي المتكامل، وإصدار دورية علمية تعالج الموضوعات التي يختصّ بها المركز، وتعرِّف بنشاطاته ومشروعاته.

مجلة "التعريب" هي مجلة عريقة وهي من أهم المجلات التي تعنى بالترجمة والمصطلح واللغة العربية محلياً، عربياً وعالمياً كونها تصدر باللغة العربية مما يساعد على انتشارها في الوطن العربي، وأيضاً صدورها بشكلين (الورقي والإلكتروني) ساعد في وصولها لشرائح أكبر من القراء في "سورية" والوطن العربي

دراساتٌ وبحوث

وبحسب "القواص": «تفتح المجلة صفحاتها للدراسات والبحوث الجادّة والرصينة، فكراً وموضوعاً في مجالات منها: تعريب التعليم العالي في الوطن العربي، بحوث مترجمة ودراسات في التعريب، التعليم العالي في الوطن العربي وتطويره، من أعلام الحضارة العربية والإسلامية، عرض للجديد من الكتب والرسائل الجامعية، والتعريف بالأنشطة العربية والدولية في مجال أهداف المركز».

أعداد المجلة الستون

ويبين أن المجلة قدمت منذ تأسيسها خدمات كثيرة خاصة لطلاب المراحل الجامعية الأولى وطلاب الماجستير والدكتوراه، عن طريق نشر بحوثهم بغية الترقية العلمية في الجامعة وإصدار شهادة خطية بذلك كونها مجلة محكَّمة، كما تنتقي أحياناً وحسب الأهمية بعض الكتب والرسائل الجامعية المتميزة لتنشر عرضاً موجزاً عنها ضمن باب عرض لكتاب أو رسالة جامعية متميزة، ويلفت إلى أن المجلة فتحت أبوابها لإسهامات كبار الباحثين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات ومراكز البحوث والهيئات العربية، والمختصين والمهتمين والمعنيين بتعريب التعليم العالي والترجمة وتوحيد المصطلح في أرجاء الوطن العربي.

معايير للنشر

ثمّة معايير تتبعها المجلة في اختيار البحوث المنشورة حيث ترحب بحسب "القواص" بنشر الإسهامات البحثية لجميع الأكاديميين وأساتذة الجامعات والباحثين المختصين في مجالاتها مع ضرورة أن تندرج المادة البحثية ضمن مجالات اهتمام المجلة، وأن تقدّم إضافة علمية أصيلة في موضوع الدراسة، وأن تتسم هذه المادة بالمنهجية العلمية في العرض والاستنباط، وأن تتميز بالمتانة في الأسلوب والدقة في الإسناد والتوثيق، وأن تكون خالية من الأخطاء اللغوية، مؤكداً على أن البحث المقدّم للنشر فيها يجب ألا يكون قد سبق له أن نُشر أو قُدّم للنشر، وعلى الباحث أن يرفق ببحثه تصريحاً خطيّاً موقعاً منه يؤكد ذلك.

المهندس "محمد سامر القواص" المشرف على المركز

ويضيف "القواص": «انتشرت مجلة "التعريب" انتشاراً واسعاً ضمن النخبة المثقفة وأصبحت مرجعاً مهماً محلياً وعربياً ودولياً، وكانت توزّع ورقياً ومجاناً على أغلب مكتبات جامعات القطر والجامعات العربية، وحين صدرت النسخة الإلكترونية أتيحت مجاناً على موقع المركز على الشابكة (الإنترنت)، وانتشرت في مكتبات الجامعات والمؤسسات والهيئات العلمية في دولة المقرّ "سورية" وفي أرجاء الوطن العربي كافة، كما تحرص أغلب المكتبات على اقتنائها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مكتبة "الأسد" الوطنية ومكتبات جامعات "دمشق" و"البعث" و"تشرين"، وأغلب الجامعات الخاصة في "سورية"، ومجمع اللغة العربية في "دمشق" واتحاد مجامع اللغة العربية وغيرهم كثر بالإضافة إلى مكتبة "الإسكندرية" في "مصر" ومعهد العالم العربي في "باريس"».

كوكبةٌ من الكتّاب

استقطبت المجلة التي تقع وسطياً بين 200-300 صفحة من نوع القطع المتوسط (17-24) سم، كوكبة من الكتّاب نذكر منهم على سبيل العد لا الحصر: د. "مروان المحاسني"، د. "محمود السيد"، د. "عبد الكريم اليافي"، أ." شحادة الخوري"، د."ممدوح محمد خسارة"، د." سام عبد الكريم عمار"، د."عادل داود"، د."فؤاد سليمان الخوري"، د."ميلود حبيبي"، د."عبد الفتح الحجمري"،أ."مروان البواب"، د."يعقوب أحمد الشراح"، د."محمد عبد العظيم"، د."محمد أحمد طجو"،د."شوقي المعري"، د."علي القاسمي" أ."محمد أحمد جواد محسن وآخرون.

د."فؤاد سليمان الخوري" كاتب في المجلة وعميد المعهد العالي للترجمة

وعن شكل المجلة يقول "القواص": «حافظت المجلة على شكلها الخارجي الرصين، ولكن ضمت بين صفحاتها الكثير من التجديد عبر التنوع الجغرافي للناشرين فيها من نخبة الباحثين والأكاديميين عبر أرجاء الوطن العربي، نتيجة العناية والجهود الاستثنائية التي يوليها رئيس تحرير مجلة "التعريب" الدكتور "محمود أحمد السيد"، نائب رئيس مجمع اللغة العربية في "دمشق" والمدير العام لهيئة الموسوعة العربية وعضو اتحاد مجامع اللغة العربية في "القاهرة".. أما أعضاء هيئة التحرير فهم د."دفع الله عبد الله الترابي"، د."زهيدة درويش جبور"، د."صالح بلعيد"، د."عبد اللطيف عبيد"، د."قاسم طه السارة"، د."محمد حلمي هليّل"، د"محمد مكي الحسني"، د."ميلود حبيبي"، ليكون كلُّ عدد أيقونة بحدّ ذاته يعتمد عليه الدارس والباحث والمختص والمدافع عن اللغة العربية والترجمة وعلم المصطلح، حيث خص معالي الدكتور "محمد ولد أعمر" المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) التي يتبع لها المركز المجلة بافتتاحية متميزة تسلط الضوء على محتويات العدد وتعكس اهتمامات وتوجهات المنظمة وأهمية دورها في أرجاء الوطن العربي بشكل خاص والعالم بشكل عام».

كرمى للعربية

ويبيّن "القواص" بأن المجلة قامت على مدى أكثر من ثلاثين عاماً بالدور الذي ينمّ عن اسمها وعملت من أجل ذلك في مسارات عديدة، حيث يرتكز دورها على اللغة العربية عامة وتوعية بالأخطار التي تهددها وضرورة العمل من أجلها من خلال سياسات تشمل قضايا التعريب والترجمة والمصطلح من جوانب عديدة، تربوية تعليمية، وحضارية لم تغب عن اهتمام المجلة.

ستون عدداً حتى اليوم

ويكمل حديثه قائلاً: «صدر عن المركز حتى الآن ستون عدداً، واحتفل المركز بإصدار عدد خاص ومتميز هو العدد الذهبي الخمسون في حزيران يونيو 2016 م، وأكد هذا العدد أنّ رسالة المركز والقضية الأساس هي "اللغة العربية"، وجعلت المجلة من الهمِّ اللغوي أهم أولوياتها للنهوض باللغة العربية، وهو مؤشر واضح على إرادة الأمة لتطويع العصر ومنجزاته وعلومه للغتها فهي لا تزال حية ومتوثبة، على الرغم من شراسة التحديات وتنوعها، فجميع ما نعاني منه اليوم في التعليم والاقتصاد والاجتماع يرتد سلباً على اللغة العربية ومناحيها كافة وفي القلب من ذلك "التعريب"».

جهدٌ بحثيّ

الدكتور "فؤاد سليمان الخوري" عميد المعهد العالي للترجمة والترجمة الفورية في جامعة "دمشق" الذي بدأ بالكتابة والنشر في المجلة منذ أربع سنوات، يشير في حديثه للمدوّنة إلى مقاله المرتقب في عدد المجلة القادم عن (الترجمة بمساعدة الحاسوب) ومدى جودة هذا الموضوع الذي له برمجيات ونظم خاصة "ملتي كوربورا"، "ترادوس" وغيرها، والتي تختلف عن الترجمة الآلية، منطلقاً بدراسة حول مشكلات وعدم كفاية هذا النوع من البرمجيات من تجربته الشخصية لأكثر من عشر سنوات وحوالي خمسة عشر عاماً في التدريس في المعهد العالي للترجمة.

يتناول د."الخوري" في كتاباته حسب قوله : «الترجمة بشكل عام ومنها مقال حول المصطلح والوضع العام له في العالم العربي، والمصطلحاتية المعلوماتية المحوسبة (كيف نستخدم الحاسوب في مجال (المصطلحات) أو ما يسمى (بنوك المصطلحات)، وما هي المصطلحات العالمية التي يمكن الاستفادة منها، ومن الموضوعات الأخرى التي تناولتها في المجلة بحث نشر عام 2016 حول موضوع الترجمة على الشاشة "السمع بصرية" أي الترجمة للتلفاز والسينما ومعايير الجودة في هذا النوع من الترجمة، تحدثت فيه عن خصوصيات هذا النوع من الترجمة التي تترجم الكلام المنطوق إلى مكتوب وبحدود محددة على الشاشة وفي إطار زمن محدد».

قيمةٌ مضافة

وحول أهمية المجلة بإصداريها الورقي والإلكتروني يقول "الخوري" : «مجلة "التعريب" هي مجلة عريقة وهي من أهم المجلات التي تعنى بالترجمة والمصطلح واللغة العربية محلياً، عربياً وعالمياً كونها تصدر باللغة العربية مما يساعد على انتشارها في الوطن العربي، وأيضاً صدورها بشكلين (الورقي والإلكتروني) ساعد في وصولها لشرائح أكبر من القراء في "سورية" والوطن العربي».

وفيما يتعلق بإتاحتها للطلاب يقول: «أقوم بتصوير معظم الأبحاث التي تهم طلاب جامعة "دمشق" وتحديداً طلاب المعهد العالي للترجمة والترجمة الفورية في مجال الترجمة والمصطلح، أضعها في المكتبة تحت تصرف الطلاب بالإضافة إلى حرصنا الدائم على توفر المجلة في المعهد، كما أعلمهم بوجود بعض المواضيع المهمة فيها بشكل شخصي وأوزّع صوراً عن المقالات المنشورة لي أو لزملائي في المجلة لأن فيها فائدة كبيرة لهم».

نشير إلى أنّ المجلة هي عضو في الاتحاد الدولي للمجلات العلمية الناطقة باللغة العربية وإلى جانب المجلة يقوم المركز بإصدار كتب مهمة بعد ترجمتها إلى العربية.

واللقاء جرى بتاريخ 26 آب 2021.