احترف فنّ الحفر على الخشب أو كما يسمى "الآركت" في سن مبكّرة وهو على مقاعد المدرسة، ورغم حصوله على إجازة في الاقتصاد إلا أنه أصرّ على احتراف هذا الفن والعمل به رغم صعوبته وما يحتاج إليه من دقة وإتقان، ليغدو خلال سنوات عمله شيخ كار حرفة "الآركت" ويتخرّج من ورشته وعلى يديه الكثير من الحرفيين.

من البداية

يشرح الحرفي"أحمد عداس" كيف تأثر في بداياته بمدرسه الأستاذ "عدنان الطويل" الذي شجعه على تعلم الحرفة في المدرسة، حيث كان يحضر قطعة خشب من البلاكيه ويبدأ بالرسم عليها، ثم في درس الأشغال يقوم بتفريغ الرسم، وكانت هذه بداية الحرفة بالنسبة له.

تعلمت بداية عن طريق الإنترنت معلومات عن آلات حفر الليزر، ولدي البرامج الهندسية كالأوتوكاد والسايدوورد ثم بدأت العمل في المنشأة منذ ثلاث سنوات كمصمم ومقصدار، وأحببت مجال العمل الواسع من الزخارف والتصميم فكل رسم يمكن تطبيقه مع تصميم هندسي، وكلما أنجزت تصميماً أشعر بالسعادة والرغبة بالإنتاج أكثر

يستعرض "عداس" خلال حديثه مراحل التطور التاريخي لحرفة "الآركت" التي كان يطلق عليها قديماً حرفة النقاشين، وكيف عاش هذا الفن العربي الأصيل عصره الذهبي خلال العهدين الأموي والعباسي، لافتاً إلى أن النقلة النوعية للحرفة كانت عند اختراع منشار الآرك قبل مئة عام وكان يسمى المنشار القوسي، ومن هنا جاءت تسمية الحرفة بالآركت نسبة إلى منشار الآرك.

ثم تطورت الأدوات والمعدات لتصبح أشبه بآلات الخياطة التي تدار بالأرجل من أجل سهولة العمل، ثم تطورت الأجهزة لتصبح عبارة عن منشار يدوي صغير لكنه كان يفتقد إلى الدقة ويسبب أخطاءً وهدراً.

تطورٌ تقني

يشير الحرفي إلى أن التطور التقني للحرفة بدأ مع بداية حضور أجهزة الكمبيوتر البدائية المنزلية، وكانت تحتوي على برنامج للرسم، واستمر حتى عام 1992 مع صدور أول نسخة ويندوز تحتوي على نسخة الرسام، بدأ الرسم عليها والطباعة على الورق باستخدام الطابعات النقطية، وكانت الرسومات تقص بواسطة المنشار اليدوي، وفي الفترة نفسها ظهرت شركة "كورلدرو" التي صممت أول برنامج رسم محترف على الحاسب، ليظهر بعدها "البلوتر" وهي راسمة هندسية تعمل بشكل آلي بأسلوب الحفر والنقش بالليزر.

ويضيف "عداس": يمكن استخدام ألواح الخشب والبلاستيك والقماش والجلد والمعادن والزجاج والحجر -الذي يحتاج عند القص بالليزر إلى الماء كمبرد كي لا ينشطر، وكذلك الزجاج كي لا ينكسر-" .

مراحل ومنتجات

ويبين "عداس" أن المنتجات التي يقوم بتصنيعها تنقسم إلى نوعين، الأول المنتج الكامل ويشمل "لوحةً جداريةً، علبةً، صندوقاً للمكياج"، والألعاب التعليمية التي نال عليها شهادة شيخ الكار، وهي عبارة عن صندوق صغير فيه قطع وعند تجميعها يتشكل المخطط التشريحي للجهاز العصبي والعين وغيرها، إضافة إلى أن هناك لعبة تعليمية فيزيائية لم تطرح في الأسواق لحين تسجيلها كبراءة اختراع.

أما النوع الثاني فهي المنتجات المرتبطة بحرفٍ أخرى كتصنيع قطعة "الأمراية" وهي القطعة التي تغطي الفتحة بآلة العود، و"الآرمات" المقصوصة والمحفورة بالليزر، وعلب العطور.

ويضيف الحرفي: «مراحل العمل تبدأ بالتصميم وهو المرحلة الأولى، ثم يأتي المقصدار وهو من يقوم بقص الرسم، يأتي بعد ذلك التجميع أي تركيب القطعة وتنظيفها وتجهيزها، مع الاستعانة بفنيين للتحكم بعيار العدسة والمرآة وتنظيف الآلة وصيانتها، وكادر هندسي نستعين به لتركيب الآلة من بدايتها وتجهيزها بإتقان عالٍ.. مع التركيز على شؤون التسويق والدعم اللوجستي».

سرُّ المهنة

يتابع الحرفي بالقول: «الحرفة رسالة علمية يجب أن تستمر عبر الأجيال، وكما جاء في الحديث النبوي"من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة" وهي ليست سراً، لأنه ومن خلال الإنترنت يمكن لكل شخص أن يتعلمها، ولكن سر المهنة يكون بمعرفة المصادر الجيدة وتخفيف الهدر، والسلعة المنتجة ذات الرواج في السوق، إضافة إلى العمل التشاركي، فالعمل نتاج فريق كامل وليس نتاجاً فردياً، وهذا ما يعطي أفكاراً جديدة».

بدوره يقول أحد الحرفيين في المنشأة وهو الحرفي"محمد شما" -خريج ثانوية صناعية ويتابع دراسته في معهد صناعي-: «تعلمت بداية عن طريق الإنترنت معلومات عن آلات حفر الليزر، ولدي البرامج الهندسية كالأوتوكاد والسايدوورد ثم بدأت العمل في المنشأة منذ ثلاث سنوات كمصمم ومقصدار، وأحببت مجال العمل الواسع من الزخارف والتصميم فكل رسم يمكن تطبيقه مع تصميم هندسي، وكلما أنجزت تصميماً أشعر بالسعادة والرغبة بالإنتاج أكثر».

تبقى الإشارة إلى أنّ الحرفي "أحمد عداس" شيخ كار فنون الآركت (فنون القص الحفر بالليزر) وشيخ كار الوسائل التعليمية هو خريج كلية الاقتصاد جامعة دمشق وحاصل على شهادة التوفل ومدرّس لغة انكليزية ودبلوم برمجة لغوية عصبية.

تم اللقاء في 7 آب عام 2021م.