سنوات عديدة مرّت منذ شاهد فيها "خالد خلف" رقصة "هورزي" التي كانت من أكثر الرقصات انتشاراً في ثمانينيات القرن الماضي في منطقة "القامشلي"، وذاع صيتها وشهرتها أثناء حفلات الأعراس آنذاك، ولا يزال كثيرون يعدونها من أجمل الرقصات، ويأسفون على غيابها خلال السنوات القليلة الماضية عن الساحة الفنية وعن أغلب الحفلات والمناسبات.

سرعة وتفاعل

يستذكر "خالد" تلك الأيام التي كانت فيها "هورزي" الرقصة المفضلة لدى أبناء جيله، واصفاً إياها بأكثر الرقصات حركة ونشاطاً، وعن ذلك يقول، تعد رقصة سريعة جداً، من أسرع الرقصات تقريباً، بالإضافة لكونها تحتاج حركات كلتا اليدين والقدمين، لذلك كانت مقتصرة على فئة الشباب من الذكور والإناث، وعلى الذكور بشكل أكبر، كانت الحفلات تبدأ بهذه الراقصة، وتضفي على الحفلات أجواءً من التفاعل والحيوية، تحتاج الرقصة إلى لياقة بدنية عالية، فهي تتطلب الحركة والسرعة معاً وللحظات كثيرة، لدرجة أنه في اليوم التالي للعرس كان البعض يأخذ قسطاً من الراحة نتيجة التعب».

أنا والكثير ممن في عمري وأكبر مني، لم نكن نستطيع أداء هذه الرقصة كما هي عند الشباب، فهي تحتاج للسرعة والحيوية والنشاط، حتّى تكون بالشكل المطلوب، لكن رغم ذلك كنّا نستمتع بالمشهد أمامنا، وبالشباب الذين كانوا يرقصونها

وكانت أعراس الماضي تستغرق عدّة أيام، تمتد لأسبوع كامل، وكانت إحدى الرقصات الرئيسية فيها رقصة "هورزي"، وعلى حد وصف الحاج "خليل حاج يونس" فقد كان منظر الشباب وهم يرقصونها ويتفنون فيها متميزاً ولافتاً وجميلاً، حتّى الجالس على كرسيه يشعر بسعادة كبيرة، مضيفاً: «أنا والكثير ممن في عمري وأكبر مني، لم نكن نستطيع أداء هذه الرقصة كما هي عند الشباب، فهي تحتاج للسرعة والحيوية والنشاط، حتّى تكون بالشكل المطلوب، لكن رغم ذلك كنّا نستمتع بالمشهد أمامنا، وبالشباب الذين كانوا يرقصونها».

الباحث صالح حيدو

من التراث

من الرقصات الكردية

ظهرت رقصة "هورزي" في فترة زمنية معيّنة، وباتت مع مرور الزمن تغيب عن الساحة الفنية في المنطقة، للتركيز على رقصات أخرى، ويمتلك الباحث في التراث الغنائي "صالح حيدو" في ذاكرته وما يحفظه ويوثقه، الكثير عن تفاصيل تلك القصة ويقول: «توجد رقصات كثيرة في المنطقة، منها تاريخية وتراثية، كرقصات "ملاني، كربوز، شيخاني، سي كافي، هورزي"، بعض المناطق كانت لها رقصات خاصة بها سواء "القامشلي" وريفها أو الحسكة" وما يتبعها، ورقصات خاصة بمناطق أخرى، وكانت تعمم وتنتشر مع مرور الوقت في كافة المناطق».

انطلقت رقصة "هورزي" من مدينة "القامشلي" وريفها ووصلت إلى بلدة "القحطانية" و"المالكية"، حسب ما قاله الباحث "حيدو" وأضاف: «يضع الشخص يده اليمنى ممدودة على كتف الشخص الذي بجانبه، ويده اليسرى أيضاً ممدودة على الشخص الذي يرقص بجانبه في جهة اليسار، مع حركة بالقدم اليمنى وثم حركة بالقدم اليسرى مع السرعة، على أنغام الموسيقا والغناء، بعضهم كان يمسك باليد اليمنى واليسرى دون المد، كان للرقصة أغانٍ تراثية منها أغنية "حماة العروس" مقدمتها "هي يلا وهي ما شا الله خسو خسو"، "خسو" مصطلح كردي، تعني زوجة عم العروس أو العريس، وأغنية أخرى للرقصة: "مريمي يا مريمي"، من مزايا الرقصة أن يكون بين الشخص والشخص فاصلٌ، ولا يكونا ملتصقين كما بقية الرقصات».

ويشير "حيدو" إلى أن ظهور وانتشار الرقصة بدأت في السبعينيات، واستمرت بالانتشار الواسع حتّى التسعينيات، لتبدأ بالاندثار، وتظهر رقصات أخرى بديلة حالياً.