يبقى النص هو سيد الموقف في كل الفترات التي مر بها المسرح القومي في بلدنا، لأن النص هو المساحة الشاسعة التي يبنى عليها العرض المسرحي الكامل، ولذلك وحتى الآن النص المحلي يجذب المتلقي أكثر من غيره قبل وبعد تأسيس المسرح القومي لدينا عام 1959 بجهود بعض الفنانين منهم "نهاد قلعي" و "رفيق الصبان" واعتبر هذا التأسيس الولادة الثانية للمسرح السوري لينتقل من الحالة الشعبوية والفرق الخاصة إلى الجدية أكثر، وأول عرض للمسرح القومي كان في 1960 بتوقيع "رفيق الصبان" عن نص عالمي عنوانه "براكساجورا" للمؤلف "ارستوفانس".

مقال مهم:

الملخص: يبقى النص هو سيد الموقف في كل الفترات التي مر بها المسرح القومي في بلدنا، لأن النص هو المساحة الشاسعة التي يبنى عليها العرض المسرحي الكامل، ولذلك وحتى الآن النص المحلي يجذب المتلقي أكثر من غيره قبل وبعد تأسيس المسرح القومي لدينا عام 1959 بجهود بعض الفنانين منهم "نهاد قلعي" و "رفيق الصبان" واعتبر هذا التأسيس الولادة الثانية للمسرح السوري لينتقل من الحالة الشعبوية والفرق الخاصة إلى الجدية أكثر، وأول عرض للمسرح القومي كان في 1960 بتوقيع "رفيق الصبان" عن نص عالمي عنوانه "براكساجورا" للمؤلف "ارستوفانس".

من أهم هذه التحديات تلك القفزة الهائلة في وسائل الإعلام، هذه القفزة التي قضت على الكثير من قنوات الثقافة والفن وحدّت من العديد منها، وكان المسرح في مقدمة هذه القنوات، ورغم ذلك بقي المسرح السوري محتفظاً ببريقه وتمكّن في مراحل لاحقة من تكوين جيل جديد من المشاهدين والمهتمين

تتضارب الآراء حول الزمن الذهبي للمسرح القومي في "سورية"، فمثلاً يرى الكاتب "جان الكسان" في كتابه "المسرح القومي والفرق المرادفة" بأن فترة الستينيات هي الزمن الذهبي ويبرهن ذلك بعدد الحضور الذي حضر العروض حيث وصل إلى ثلاثين ألفاً، بينما يقول الكاتب المسرحي "جوان جان" الذي قدم العديد من النصوص للمسرح السوري لمدونة وطن esyria"": «يتحدث الكثيرون عن عقد السبعينيات كمرحلة ذهبية في تاريخ المسرح السوري المعاصر، والواقع أنه ثمة العديد من المعطيات التي تدفعهم لذلك، أهمها الازدياد المضطرد في عدد الأعمال السنوية المقدمة سنوياً سواء في المسرح القومي أو في مسارح الفرق الخاصة، وبداية تأسيس المهرجانات المسرحية وفي مقدمتها مهرجان دمشق المسرحي، وتأسيس "المعهد العالي للفنون المسرحية" ومجلة "الحياة المسرحية"، وبداية تأسيس فرق للمسرح القومي في المحافظات، بالإضافة إلى ازدهار فرق المنظمات الشعبية، كل ذلك أدى إلى تكريس فكرة العصر الذهبي للمسرح السوري».

كأنو مسرح لغسان مسعود

ويؤكد "جان" بأنه يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن التحديات التي واجهها المسرح السوري في مراحل لاحقة لم تكن موجودة في السبعينيات، متابعاً: «من أهم هذه التحديات تلك القفزة الهائلة في وسائل الإعلام، هذه القفزة التي قضت على الكثير من قنوات الثقافة والفن وحدّت من العديد منها، وكان المسرح في مقدمة هذه القنوات، ورغم ذلك بقي المسرح السوري محتفظاً ببريقه وتمكّن في مراحل لاحقة من تكوين جيل جديد من المشاهدين والمهتمين».

الحديث عن المسرح القومي في "سورية" لانستطيع إلا أن نذكر "سعدالله ونوس" الذي عاد من باريس إلى دمشق عام 1968 حيث وكلته "وزارة الثقافة" بتنظيم مهرجان دمشق المسرحي الأول عام 1969 وضمن فعالياته رأى أول نصوص "ونوس" النور وهو "الفيل ياملك الزمان" إخراج "علاء الدين كوكش" وأيضاً أخرج رفيق الصبان نصه "مأساة بائع الدبس الفقير" في ذات التظاهرة ومن حينها لم تغب نصوص "سعدالله ونوس" من مسارحينا بل من المسارح العربية.

من العروض الحديثة

يتفق الممثل والمخرج المسرحي "تمام العواني" مع زميله "جان" حول توقيت الزمن الذهبي للمسرح القومي السوري، حين يقول لنا: «في السبيعنات من القرن الماضي كان المسرح مزدهراً، علماً أن جميع الممثلين كانوا من الهواة امثال "منى واصف وثناء وثراء دبسي ومها الصالح واحمد عداس ويعقوب ابو غزالة..." وآخرين، مع قلة قليلة من المخرجين الخريجين من معاهد "القاهرة" وفي الثمنايات أصبح المسرح أكثر انتشاراً واقيمت أهم المهرجانات في "سورية"، واتسمت بنهضة حقيقية للمسرح حيث وصل مداها إلى المحافظات، وخصوصاً الفرق الهاوية لتتنافس في تقديم الأفضل».

وفي فترة التسعينيات قبل تكائر الفضائيات ودخول السينما والمسرح إلى كل بيت، اتسم المسرح السوري برونق خاص ومخرجين جدد منهم عرب سكنوا "دمشق" أمثال "جواد الأسدي، حكيم مرزوق، وباسم قهار..."، والأهم في نهاية التسعينيات كانت هناك محاولة جدية لبث الروح مجدداً في مهرجان دمشق المسرحي الذي توقف منذ عام 1988 كونه شكل معلماً ثقافياً وفنياً مهماً في سورية طوال عشرون عاماً، وفعلاً أقيم المهرجان بدورته الثانية عشر عام 2004 وضم كعادته كبار الفنانين العرب والأجانب واستمرت دورات المهرجان حتى 2010 وفيه كانت الدورة الخامسة عشر وحينها قال "عماد جلول" مدير المهرجان: «هذه الدورة كانت استثنائية في كل شيء، فقد حظيت بالكثير من الاستعدادات المبكرة لا سيما في ظل كثرة الراغبين في المشاركة بالمهرجان، كما أننا حرصنا في هذه الدورة أن تكون مفتوحة على كل الأشقاء العرب بحيث تتضمن عروضاً من معظم الأقطار العربية بغاية التواصل وإتاحة الفرص للشباب كي يجدوا خشبة يقدمون عليها نتاجهم المسرحي».

طلحت حمدي ويوسف حنا

وترى المخرجة المسرحية "سهير برهوم" مديرة المسرح القومي في "دمشق" بأن فترة التسعينيات هي الفترة الذهبية قائلة: بكل تأكيد مر المسرح السوري بمراحل تألق نستطيع أن نسميه بالعصر الذهبي وهنا أتحدث عن المرحلة التي واكبتها حين أتيت فيها إلى "دمشق" للدراسة في "المعهد العالي للفنون المسرحية" وهي مرحلة التسعينيات التي عجت بأسماء كبيرة وأعمال كبيرة وحراك مسرحي غاب مؤخراً نتيجة الحرب وغياب المهرجان المسرحي فمثلاً قدم الاستاذ "جهاد سعد" مجموعة من العروض وهو من الأسماء المسرحية الكبيرة، بالإضافة إلى أسماء مثل أيمن "زيدان وهشام كفارنة وزيناتي قدسية" هؤلاء وغيرهم قدموا نصوص رائعة وفيما بعد تأثر المسرح بوجود الفضائيات والتكنولوجيا ونهضة الدراما وهجر العديد من النجوم له متجهين إلى أحضان الدراما لأسباب شتى».

للحقيقة والتاريخ إلى اليوم تحاول مديرية المسارح جاهدة لجذب أسماء كبيرة رغم كل الظروف التي مرت بها "سورية" فاستطاعت أن تقدم عروض لنجوم مثل "أيمن زيدان وغسان مسعود وفايز قزق..."، وحافظت على أسماء كبيرة عملت في المسرح كزيناتي قدسية وهشام كفارنة ومأمون الخطيب وغيرهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر ففي عام 2019 قدمت المديرية حوالي مئة عرض بين مسرح "كبار وصغار" وعروض فنون شعبية وعروض موسيقية، ولم تقف الحرب وتأثيراتها أمام الجمهور المسرحي الذي يتدفق إلى كل عرض يقام على مسارحنا وخاصة عندما يكون النص محلياً.