مدينة أثرية ترقى أوابدها إلى القرن الأول الميلادي، تتوضع فوق هضبة كلسية واسعة، فيها كنيسة ومدافن ومسجد صغير، استمرت الحياة فيها حتى العصور الوسطى.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 9 تموز 2014، الباحث الآثاري "عقبة معن" الذي تحدث عن مدينة "شنشراح" الأثرية التي تقع في منطقة "معرة النعمان" في محافظة "إدلب"، ويقول: «يضم الموقع العديد من المباني الأثرية الدينية، الجنائزية، السكنية، إلى جانب عدد من المعاصر، ضمن مشاهد طبيعية جذابة، ففيها كنيسة كبيرة أقيمت في القرن الرابع الميلادي على أنقاض معبد وثني قديم، وفيها لوحات نصف بشرية وحيوانية عليها كتابات يونانية، وفي وسط المدينة أسواق تجارية، ودير كبير ومساكن للرهبان، ودارات ومبان فخمة ومنتزهات، ومسجد صغير من العصور الوسطى ومدافن وتوابيت بسقوف سنامية (أي على شكل هرم من ضلعين)، وبرج دفاعي حصين، وفيها أيضاً قبر منسوب إلى الفيلسوف اليوناني "ديوجين"».

تتميز خربة "شنشراح" باحتوائها على صهاريج مياه أرضية وهي بالأصل مقالع حجرية، أما المباني الدفنية فهي على أنواع: فمنها مدافن جماعية تحتوي على عدة قبور وقد نحتت بالصخر الحواري، ومنها مدافن فردية وقد انتشرت هذه المدافن حول المباني السكنية

ويضيف: «تتميز المباني بنسقها المعماري الرائع، وقد بنيت جميعها بأحجار كلسية كبيرة الحجم معظمها مؤلف من طابقين، وقد ارتفع الطابق العلوي على قوسين وسطيين حجريين، أما السقوف فمنها ما هو مستور كان يغطى بألواح من الخشب والقرميد من الأعلى، ومنها "الجمالون" النموذج الآخر للسقوف، الذي يتألف من ثلاثة أعمدة؛ أحدهم أفقي والآخران مائلان يستند أحدهما على الآخر، وهو الطراز الذي انتشر بشكل كبير في المدن المهجورة في "جبل الزاوية"، ويتوسط هذه المدينة بناء مسجد مساحته (3,5 × 4م) يرقى إلى العهد الأيوبي، وهذا دليل استمرار الحياة في هذه المدينة حتى العصور الوسطى».

الآثاري غازي علولو

ويبين الآثاري "غازي علولو" أن تاريخ خربة "شنشراح" يعود إلى مطلع القرن الرابع الميلادي، واستمر السكان بين جنباتها حتى العصور الوسطى، ويقول: «كانت معظم أراضيها مغطاة بأشجار الزيتون والكرمة، وأغلب مبانيها ترقى إلى القرن الرابع والخامس الميلادي، وتنتشر على مساحة واسعة وهي متنوعة العمران ومكتظة بالمباني، فمنها ما هو سكني واجتماعي أو ديني ومدافن، وقد شيدت جميعها بأحجار كلسية كبيرة الحجم وبمستوى عمراني رفيع وبجودة عالية لم يتطلب وضع "مؤونة" بين مداميكها».

ويضيف: «يعد تاريخ هذه المدينة جزءاً من تاريخ معظم المدن والمواقع المحيطة بها مثل "البارة" و"سرجلا"، ولها أهميتها من حيث وقوعها بمفترق طرق بين "أفاميا" و"أنطاكيا"، وقد تعرضت هذه المدينة للتدمير عام 1099 ميلادية على يد الفرنجة، فضلاً عن الزلازل المرعبة التي تعرضت لها، وقد استخدمها الفرنجة كموقع حصن لهم إلى أن حررها "نور الدين محمود الزنكي" مع غيرها من المدن المجاورة، وذلك عام 1151م».

كنيسة شنشراح

ويتابع: «ومن المباني التي تحتويها هذه الآبدة الرائعة؛ الكنيسة التي تقع إلى الشمال من المدينة ومازالت تحتفظ بكامل عناصرها، حيث يتألف بناؤها من صحن مركزي، ويحيط بها غرفتان متجاورتان، فضلاً عن رواقين يحيط بهما الصحن المركزي، وقد بنيت هذه الكنيسة بحجارة كلسية بيضاء كبيرة الحجم ومنحوتة بشكل جيد وقد بني الرواقان على أعمدة أسطوانية تنتهي من الأعلى بتيجان أيونية الطراز ويرقى تاريخ الكنيسة إلى القرن الرابع الميلادي».

ويختم بالقول: «تتميز خربة "شنشراح" باحتوائها على صهاريج مياه أرضية وهي بالأصل مقالع حجرية، أما المباني الدفنية فهي على أنواع: فمنها مدافن جماعية تحتوي على عدة قبور وقد نحتت بالصخر الحواري، ومنها مدافن فردية وقد انتشرت هذه المدافن حول المباني السكنية».