القهوة العربية رمز من رموز "الجزيرة" السورية، وحتّى تحصل على النكهة اللذيذة والعادات الجميلة المرافقة لوجودها، يجب أن تأخذ حصة كافية من الدق والطحن بـ"المهباج".
مدوّنة وطن "eSyria" التقت الحاج "صالح الحاج محمود" من قرية "قلعة الهادي الغربية" بتاريخ 30 تشرين الثاني 2013 الذي تحدث عن طقوس استخدام "المهباج" لإعداد القهوة العربية في "الربعة" ضمن منطقة "الجزيرة" وقال: «من طقوس أهل الريف في منطقتنا وجود "الربعة" في كل بيت (وهي مكان اجتماع الضيوف) وفيها لا غنى عن ضيافة القهوة العربية، فكان "المهباج" أحد أركان "الربعة" بل يعتبره البعض رمزاً من رموزها، فشكلها يوحي بالكثير من علامات التميّز، والشخص الذي يجهّز القهوة كان يتفنن بالدق على "المهباج" وهو يطحن البن، بل كان يجذب الأنظار والمسامع إليه بشدة، فكانت دقّاته عليه وكأنه يعزف على آلة موسيقية، لذلك كان العديد من ضيوف "الربعة" يجلسون حوله خاصة إذا قدّم مجهز القهوة عدداً من الأطباق الحزينة من المواويل والعتابا وهو يدق».
من طقوس أهل الريف في منطقتنا وجود "الربعة" في كل بيت (وهي مكان اجتماع الضيوف) وفيها لا غنى عن ضيافة القهوة العربية، فكان "المهباج" أحد أركان "الربعة" بل يعتبره البعض رمزاً من رموزها، فشكلها يوحي بالكثير من علامات التميّز، والشخص الذي يجهّز القهوة كان يتفنن بالدق على "المهباج" وهو يطحن البن، بل كان يجذب الأنظار والمسامع إليه بشدة، فكانت دقّاته عليه وكأنه يعزف على آلة موسيقية، لذلك كان العديد من ضيوف "الربعة" يجلسون حوله خاصة إذا قدّم مجهز القهوة عدداً من الأطباق الحزينة من المواويل والعتابا وهو يدق
وتابع الحاج: «هناك ميزات يجب أن تتوافر في الشخص الذي يجهز القهوة ويدق على "المهباج"، فعليه بالدرجة الأولى أن يعرف ويملك خبرة كافية بتجهيز القهوة العربية، وتعامله مع "المهباج" أولى شروط نجاح القهوة، فعليه التحكم بنسبة الطحن ودرجة نعومة حبّات القهوة، والأهم الحركات التي يقوم بها أثناء الطحن، ويتطلب منه ذلك أن يكون ذا حنجرة غنائيّة، فالكثيرون من ضيوف "الربعات" يميلون إلى سماع المواويل والأغاني التراثيّة، ولأن صورة "المهباج" توحي بالكثير من المتعة والهدوء فكانت توضع على زاوية ما، ويشاهدها كل من يجلس في "الربعة"، وحتى عندما يتم استخدامها فكان موضعها بشكل شبه دائم».
وكان للباحث التاريخي "جوزيف أنطي" وقفة تاريخية للحديث عن "المهباج" في الجزيرة العربية وقال: «يعد تراثاً شعبيّاً لا يقل عمره عن 200 عاماً، وكان الأداة الوحيدة والخاصة لتجهيز القهوة العربيّة التي تعتبر أحد أهم أركان الضيافة العربية في "الربعات"، و"الربعة" هي مكان يتجمع فيه جميع أبناء القرية وخاصة عند المساء، وعادة ما كانت لكل شيخ عشيرة "ربعة" خاصة، وكان "المهباج" من اختصاص شخص واحد يعتني به من كافة النواحي وينظفه بين الحين والآخر، فطعم القهوة يجب أن يكون لذيذاً للغاية، والكل كان بإمكانه أن يحكم على جودة القهوة، ولذلك العناية والاهتمام بتلك الأداة الخاصة بالقهوة كانت من أولويات الجميع، ومع مرور الوقت ومنذ عدة سنوات دخل "المهباج" في صفحات الماضي، ولم يعد له وجود تقريباً إلا ما ندر، فالبعض يحتفظ به للذكرى فقط، وأنا وجدته في بعض المعارض التاريخية التراثية بمدينة "القامشلي"».