بعض الطقوس والعادات الاجتماعية تشكل تقارباً وتآلفاً بين الناس، لذلك تبقى على الدوام محرضاً للتآخي والتراحم، وتُبعد الفرقة والبغضاء.
واختيار الإيزيدي "أخو الآخرة" وفق طقوس اجتماعية خاصة يعتبر من تلك العادات المحببة.
الفكرة الرئيسية لهذا الطقس هي قائمة على أساس الاعتقاد بأن أخ الآخرة يساعد أخاه الآخر على عبور جسر الصراط في اليوم الآخر ولذا يجب على كل أخ ألا يزعج أخو آخرته إطلاقاً، وهنا أود أن أذكر بأن هذا التقليد هو في طوره إلى الزوال ولم يبق إلا عند بعض المسنين والمعمرين من الإخوة الإيزيديين
حول هذه الطقوس تحدث لموقع eSyria بتاريخ 24/8/2013 السيد "رشيد موسو" من "عفرين" قائلاً: «كثيرة هي التقاليد الاجتماعية والدينية الخاصة لدى الإخوة الإيزيديين الذين يعيشون في منطقة "عفرين" ومناطق أخرى من "سورية" والعالم وهي تقاليد قديمة ورثها الأبناء عن الأجداد عبر العصور.
ومن هذه التقاليد والطقوس ما يسمى "المؤاخاة" أو "التآخي" بين شخصين إيزيديين وتمارس ضمن احتفالية اجتماعية صغيرة، أحدهما هو شخص عادي من مرتبة "المريد" والآخر هو من مرتبة "شيوخ الطائفة"، فينشأ بينهما "أخوة أبدية" أو "أخوّة الآخرة" بمجرد ممارسة طقوس شائعة ومعروفة، وكذلك يتم وفق نفس الطقوس اختيار امرأة إيزيدية أختاً لها تسمى "أخت الآخرة".
يدعى مجموعة من الأشخاص من أبناء الديانة لحفلة خاصة في بيت "المريد" ومن بينهم الشيوخ طبعاً وخلال الحفلة يقوم "المريد" باختيار أحد الشيوخ ليكون أخاً لآخرته فيقبل "الشيخ" عادة ولكن ضمن شروط محددة مثل تعهد "المريد" بالقيام بأعمال الخير والثواب وترك الأخطاء والمعاصي، طبعاً القليلون اليوم يمارسون هذا الطقس وهو في طريقه للزوال غلى ما يبدو».
وحول هذا الطقس وواجبات أخ وأخت الآخرة سألنا الدكتور "محمد عبدو علي" الباحث في تراث وتاريخ منطقة "عفرين" فقال: «يُعتبر طقس "أخو الآخرة" من الطقوس الإيزيدية الأساسية والهامة والذي يذكرنا بطقس "الإشبين" لدى أبناء الديانة المسيحية.
على كل شخص إيزيدي من مرتبة المريدين أن يتخذ له أخاً أو أختاً للآخرة من مرتبة الشيوخ وهذا الأخ أو الأخت يصبح /أو تصبح/ بعدها من أقرب المقربين له إذ يقف بجانب العروسين أثناء حفلات الزفاف كما يدافع عن أخيه أو أخته في الدنيا والآخرة ويحمل عنه بعض ذنوبه، كما يقوم الأخ أو أخت الآخرة بمراسيم تشييع أخو آخرته بعد وفاته».
وحول فكرة هذه الطقوس والمعتقدات المتعلقة بها قال الدكتور "محمد": «الفكرة الرئيسية لهذا الطقس هي قائمة على أساس الاعتقاد بأن أخ الآخرة يساعد أخاه الآخر على عبور جسر الصراط في اليوم الآخر ولذا يجب على كل أخ ألا يزعج أخو آخرته إطلاقاً، وهنا أود أن أذكر بأن هذا التقليد هو في طوره إلى الزوال ولم يبق إلا عند بعض المسنين والمعمرين من الإخوة الإيزيديين».
وحول الطقوس المعتمدة لاختيار أخ الآخرة قال: «إن ممارسة هذا الطقس الديني والاجتماعي يتم على النحو التالي: يقوم الشخص "المريد" الذي يود اختيار أخو آخرته من "الشيوخ" بتقديم قربان مع دعوة الناس إلى تناول الطعام في داره، هذا الطعام يُسمى "سمّات" بالكردية، وبعد اجتماع الناس يقوم ذلك الشخص بمفاتحة المجلس أو المدعوين للطعام برغبته في اختيار أخ لآخرته ويختار شخصاً محدداً هو من مرتبة "الشيوخ" كما قلت، حينها يشترط عليه الأخ المختار في المناسبة أن يترك المعاصي والمحرمات فيعلن "المريد" قبوله الشرط ومن ثم يتوب عن المعاصي والمحرمات وعلى الملأ ثلاث توبات ويذكره الأخ أو "الشيخ" بأن الشاهد عليهم هو "ملك شيخحسن"، وبعد إتمام ممارسة طقس اختيار "أخو الآخرة" يقوم "المريد" بتقديم هدية لشيخه أو أخو آخرته "سبع قطع من اللباس" ومن تلك اللحظة يعتبر تقديم اللباس للشيخ واجب سنوي عليه القيام به أما "الشيخ" فيقوم بمبادلته الهدية لمرة واحدة فقط».
وحول هذا الطقس الديني ورد في كتاب "اليزيدية واليزيديون" للدكتور "خلف الجراد"- دار الحوار- "اللاذقية" 1995م ما يلي: «كل يزيدي أو يزيدية بلغ السن القانونية أو سن البلوغ على الأقل يجب عليه أن يتآخى مع أحد مشايخه ويسمى هذا الأخ "الأخ الأبدي" أو "أخو الآخرة" /الأخ بالدين/ وعليه أن يقدم له كافة المساعدات ورعايته دائماً مثل الأخ بالدم /الأخ الشقيق/ وإن "أخو الآخرة" هو بمثابة المحامي له في هذه الدنيا فيدافع عن أخيه ويترافع عنه وقت الحساب الأخروي عند الله سبحانه وتعالى ويشهد على حسناته وأعماله الصالحة.
"أخو الآخرة" يجب أن يكون من مرتبة شيوخ الدين حيث تتم "المؤاخاة" بعقد ديني بين "المريد" و"الشيخ" بشهادة عدد من الحضور وضمن حفلة خاصة يقيمها "المريد" لشيخه وفيها يتفقان ويتعاهدان على هذه الأخوّة وتتضمن حفلة "المؤاخاة" بعض الأدعية الدينية والأقوال الحكيمة المأثورة، بعدها على "المريد" أن يدفع كل سنة زكاته لأخيه "الشيخ" وبالمقابل يجب على "الشيخ" أن يزور مريده مرة واحدة على الأقل في السنة».