ليس بمحض المصادفة أن اجتمع قدامى سكان قرية "سريجس نرجس" حول نبع "الضيعة" منذ ما يقارب أربعة قرون، وإنما لغزارته ولموقعه وللذة مائه الفضل الكبير، ما أهّب جواره ليكون أقدم مدرسة في القرية.
إن نبع قرية "سريجس" التابعة لمدينة "الشيخ بدر" كما وصفه الجد "دمر أحمد" أحد المعمرين في القرية أكسير الحياة بالنسبة لهم، وهذا خلال لقاء مدونة وطن eSyria معه بتاريخ 2/6/2013 حيث أضاف لها: «لقد حمل نبع "الضيعة" أو كما هو معروف أيضاً بنبع "سريجس" بين حجارته العتيقة وفجات مياهه ذاكرة أجدادنا وآبائنا وفضل حياتنا واستمراريتها حتى الآن، فمنذ قدوم أجدادنا إلى هذا الموقع الجغرافي من مدينة "اللاذقية" قصدوا موقع النبع دون أن يدركوا قيمته، فهم كانوا يبحثون عن مصدر ماء فحسب، ولكن مع مرور الوقت واختبار طبيعة مياهه قرروا البقاء بجانبه والتمركز حوله، فديمومة مياهه على مدار أيام السنة وعدم إصابة مرتشفها بأية أمراض جعلتهم يتمسكون به ويحافظون عليه ويتوسعون في سكنهم وإنشاء منازلهم حول محيطه.
تنبع مياه النبع من جوف صخري كبير لا يمكن الولوج إلى داخله أكثر من بضعة الأمتار، وكان له جرن حجري كبير الحجم قطره حوالي أربعة أمتار نحت من صخرة واحدة ضمن الأرض الصلبة أمام النبع لتجمع فيه المياه، ولكن نظراً لتلوث مياه الجرن بعوامل الطقس بني مكانه خزان حجري ومن ثم تفرعت من النبع بعض الوصلات لتحسين خدمة السقاية منه وتوفير عدة مآخذ للمحتاجين في آن واحد، حيث يمكن استخدامها بنفس الوقت لجر المياه للحقول الزراعية البعيدة عنه
وهذا أمر خبرناه من أجدادنا فتمسكنا به وتابعنا على نهجهم فترى تمركز منازل القرية في موقعه ومحيطه، ناهيك عن العناية به من قبل نساء القرية ورجالها على حد سواء وهذا بتنظيف جواره ومنبعه وتحسين بنيته الإنشائية بشكل بسيط لعدم الرغبة في تغيير معالمه التاريخية والتراثية».
السيد "أحمد محمد" مختار قرية "سريجس نرجس" قال: «رغم وجود حوالي ثلاثين نبع في القرية ومحيطها لم يسكن ويستقر أجدادنا بجانب أي منها، واختاروا هذا النبع دون غيره، وقد تحدثوا لنا في كثير من الروايات عن طبيعة مياهه اللذيذة وهو الأمر الذي دفعنا لإجراء العديد من التحاليل المخبرية لها، حيث تبين لنا أنها الأفضل على الإطلاق من حيث نقائها وطبيعة تركيبتها على مستوى المحافظة، وهو ما زاد تعلقنا به ومحافظتنا عليه من خلال تجمع السكن حوله واستخدام مياهه للشرب والزراعة على حد سواء، ناهيك عن ممارسة حرفة حل شرانق الحرير بجواره تحت شجرة النبع في بداية غابة الشيخ "شاهين" التي تنطلق في انتشارها من جواره».
ويتابع المختار "أحمد" عن بعض تفاصيل موقع النبع فيقول: «تنبع مياه النبع من جوف صخري كبير لا يمكن الولوج إلى داخله أكثر من بضعة الأمتار، وكان له جرن حجري كبير الحجم قطره حوالي أربعة أمتار نحت من صخرة واحدة ضمن الأرض الصلبة أمام النبع لتجمع فيه المياه، ولكن نظراً لتلوث مياه الجرن بعوامل الطقس بني مكانه خزان حجري ومن ثم تفرعت من النبع بعض الوصلات لتحسين خدمة السقاية منه وتوفير عدة مآخذ للمحتاجين في آن واحد، حيث يمكن استخدامها بنفس الوقت لجر المياه للحقول الزراعية البعيدة عنه».
أما الأستاذ "كامل اسماعيل" مدرس ثانوية صناعية فتحدث عن طريقة ودقة توزيع مياه النبع منذ القدم، وهنا قال: «كان يوجد بجانب النبع تقريباً شجرة دلب ضخمة جداً استخدم أهالي القرية ظلها في النهار ليكون بمثابة ساعة وقت تحدد الفترات الزمنية لكل مستخدم ومستجر لمياه النبع لحقله الزراعي، وهذا يدل على كيفية الاستفادة من مياه النبع ودقة هذه الاستفادة لتكون شاملة لجميع أبناء القرية.
أضف إلى هذا الأمر الذي خص التنظيم، فإن الجو المنعش الذي وفره هذا النبع جمع صغار أبناء القرية مع خطيبها تحت شجرة الشيخ "شاهين" في بداية غابة الشيخ "شاهين" وكأن الموقع العام أصبح مدرسة بسيطة تحتضن المقبلين على التحصيل العلمي وتزودهم بالعلوم الفكرية وفق نهج القرآن الكريم الذي كان مصدر المعرفة في تلك الحقبة الزمنية».