أصبح تحويل مخلفات الأشجار إلى سماد عضوي أو ما يسمى "الزراعة العضوية" موضوعاً هاماً حلّ محل استخدام الأسمدة والمبيدات لعدم اصابتها بالآفات والأمراض، والتوافق مع خصائص البيئة لضمان غذاء سليم للمستهلك.

يقول المهندس "سهيل الشيخ" رئيس دائرة البحوث الزراعية العضوية في قسم بحوث الحمضيات: «يقوم مفهوم تحويل مخلفات الأشجار إلى سماد عضوي أو ما يسمى "الزراعة العضوية" على حل مشكلة استخدام المدخلات التصنيعية "أسمدة، مبيدات، عقاقير بيطرية، بذور وسلالات معدلة وراثياً.."، وذلك باستبدالها بأساليب إدارة تتفق وتتكامل مع خصائص البيئة المحلية وتحافظ على خصوبة التربة بشكل مستدام، وعدم الإصابة بالآفات المرضية الخطيرة، وذلك بما يوافق المواصفات القياسية "للاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية". وتحقق "الزراعة العضوية" فائدة كبيرة جداً سواء بالنسبة للمزارع الذي تتاح له خيارات واسعة في التسويق، إضافة لكفالة حقيقية لمنتجه، أو بالنسبة للمستهلك الذي يضمن غذاء سليماً وسط استخدام عشوائي للمواد الكيماوية في مختلف مراحل الإنتاج الزراعي».

قمنا كجهة متخصصة بالزراعة العضوية بعدة أبحاث في مجال تحسين أساليب "الزراعة العضوية" كتعويض النقص في مادة "الأزوت" عند التخلي عن السماد الكيماوي، كذلك تحويل مخلفات "تقليم الأشجار" إلى سماد، وأسسنا حقلاً إرشادياً نستخدمه حالياً لتطبيق أسلوب الزراعة العضوية على الحمضيات "صنف الأبوصرة" ومقارنة نفس الصنف ضمن حقل تقليدي، وبشكل عام فإننا نعمل ضمن خطط أتممنا بعض مراحلها ومازال أمامنا الكثير من الخطوات لتصبح هذه الزراعة واقعاً حقيقياً في "مزارع طرطوس" وغيرها من المحافظات السورية"

في إحدى مزارع طرطوس التقت مدونة وطن eSyria بتاريخ 15/4/2013 المزارع "حسام سعيد" الذي جرب الزراعة العضوية على نطاق مزرعته، وقد تحدث عن تجربته بالقول: «من حيث المبدأ فإن فكرة تحويل مخلفات الأشجار إلى سماد عضوي طبيعي ليست حديثة العهد، كذلك فإن الاستفادة الحقيقية الطبيعية من مخلفات الحيوانات رافقت الإنسان من العهود القديمة ولغاية العقود الماضية حين دخل السماد الكيماوي وخرب الكثير من النظم البيئية، ورغم وجود كمية كافية من "روث الحيوانات" في عهد أجدادنا إلا أنهم لم يغفلوا فكرة استخدام مخلفات الأشجار الناتجة عن تراكم الأوراق والأغصان في الأحراش والغابات، وأذكر أن جدي حين زرع أرضه الجبلية بالزيتون كان يجلب المخلفات العضوية المتراكمة تحت أشجار السنديان، لعلمه أو دون علم أن مادة "الآزوت" الطبيعي يمكن الحصول عليه من هذه المخلفات المتخمرة».

الأوراق والأغصان بعد تخمرها وتحولها الى سماد عضوي

وتابع: «بالنسبة لي فإني أستعين بمخلفات الأشجار منذ وقت طويل وقبل معرفتي بوجود قانون يشجع على هذه الطريقة الطبيعية في سورية، ومما يدفعني أنا والكثير من المزارعين إلى استخدام هذه الطريقة ولو جزئياً وجود أحراش كثيرة في أي منطقة من محافظة "طرطوس"، كذلك وجود مزارع الحمضيات لدى معظمنا، لكن لجوئي إلى مخلفات الأشجار اقتصر على زراعة البذور و"الشتول" الصغيرة في أكياس الزراعة، كذلك زراعة الخضراوات التي تعطي مردوداً ممتازاً حين يضاف إليها هذا النوع من السماد العضوي الطبيعي مضافاً إليه القليل من روث الحيوانات. وأعتقد بأن المهندسين المختصين يقلدون اليوم الطبيعة في طريقة تحويل الأوراق والأغصان إلى سماد عضوي، حيث تقوم فكرة تحويل مخلفات الأشجار إلى سماد عضوي على جمع الأوراق المتساقطة والأخرى الناتجة عن التقليم بالإضافة إلى الأغصان الناتجة عن تقليم الأشجار ووضعها في حفرة واسعة حتى تكون الكمية كافية، من ثم تغطى بطبقة رقيقة من الأتربة، أو بغطاء من النايلون، من أجل تسريع عملية التخمر وتحويل المخلفات إلى سماد عضوي غني بالآزوت».

إن استخدام مخلفات الطبيعة بهذا الشكل يعود بفوائد جمة على المنتج والمستهلك على حد سواء، فالمنتج سيوفر على نفسه تكاليف الأسمدة ومختلف المدخلات الكيماوية من جهة والمبيدات الزراعية من جهة أخرى، والتي تشملها فكرة "الزراعة العضوية" في حال تم تطبيق الفكرة كاملة، عدا إمكانية تسويق المنتج بسرعة وموثوقية عبر شركات تسويق هذا النوع من المنتجات، أما فوائد المستهلك من الزراعة العضوية فتقول عن ذلك الدكتورة "سما فرحان": «إن عودة الإنسان للطبيعة تشكل بحد ذاتها فائدة عظيمة لا تقارن بأي مستوى، فحين يأتيني مثلاً أحد سكان قرى "طرطوس" وبالأخص القدماء أجد ذلك الفرق الصحي بينه وبين أحد سكان المدينة، فما بالكم بالطفل الذي يتأثر كثيراً بأي مدخلات صناعية إلى الغذاء؟ أعتقد أن تفعيل القانون الناظم للزراعة العضوية في سورية سيؤدي تدريجياً إلى اتباع هذه الطرق وحماية المستهلك من مخاطر الغذاء غير الصحي، ولو حسبنا الزيادة في سعر المنتج الطبيعي فسنلاحظ بأنها لا تصل لدرجة تكاليف علاج نتائج استخدام المواد الكيماوية في إنتاج الغذاء، والتي تصل أحياناً إلى الأمراض السرطانية».

المهندس "سهيل الشيخ"

يضيف المهندس "سهيل الشيخ": «قمنا كجهة متخصصة بالزراعة العضوية بعدة أبحاث في مجال تحسين أساليب "الزراعة العضوية" كتعويض النقص في مادة "الأزوت" عند التخلي عن السماد الكيماوي، كذلك تحويل مخلفات "تقليم الأشجار" إلى سماد، وأسسنا حقلاً إرشادياً نستخدمه حالياً لتطبيق أسلوب الزراعة العضوية على الحمضيات "صنف الأبوصرة" ومقارنة نفس الصنف ضمن حقل تقليدي، وبشكل عام فإننا نعمل ضمن خطط أتممنا بعض مراحلها ومازال أمامنا الكثير من الخطوات لتصبح هذه الزراعة واقعاً حقيقياً في "مزارع طرطوس" وغيرها من المحافظات السورية"».

كما يقول: «مما يميز "الزراعة العضوية" أنها تحافظ على صحة الإنسان عبر الحصول على غذاء سليم، كذلك تعزيز "الدورات البيولوجية" داخل النظام الزراعي وهذا يشمل الكائنات الدقيقة والحياة النباتية والحيوانية داخل التربة إضافة إلى النباتات والحيوانات، كما تزداد أهمية "الزراعة العضوية" من خلال الحفاظ على خصوبة التربة وزيادتها على المدى الطويل، واستخدام الموارد المتجددة إلى أقصى حد في نظم الإنتاج المطبقة محلياً، كما نهدف في الزراعة العضوية إلى إيجاد توازن بين إنتاج المحاصيل وتربية الحيوانات، بحيث تمارس الحيوانات نشاطها الطبيعي ضمن ظروف مناسبة وتعتمد في غذائها على أكبر قدر من المكونات الطبيعية».