اشتهرت "دير الزور" بكثرة الشعراء حتى اكتسبت في يوم من الأيام تسمية "دير الشعراء"، حتى إن ذلك بلغ حد إلقاء الشعر في بيوتهم ومساكنهم حيث تغنى الشعراء الشعبيون بمنازل "الدير" حين كان الوقت ملائماً للتأمل والتعامل بحسية حتى مع الحجر.
وقد تنوعت ألوان الغناء في المنازل ما بين "العتابا" و"اللالا"، وفي "النعي والمعادة"، إضافة إلى "تهشيش الوليد" وهو الغناء الذي ترقص الأم طفلها على نغمه، وفي غناء "النايل" و"الموليا" و"السويحلي"، كما لا تخلو تلك الأبيات من الفكاهة خاصة في شعر "المونة".
تطيب في النفس أغاني التراث لأنها تخلق الجو العاطفي وتعيد الذكريات وتخفف الآلام، وقد حظي التراث "الفراتي" بأهمية واسعة في شتى المجالات، فتناول جميع الموضوعات بلا استثناء، ولذلك تغنى أبناء "الدير" بمنازلهم خاصة عند فراق الأحبة حيث قالت: جيت لدارهم لنو الدار تبكي دمع / صحت وين اهل الدار هالكانوا جمع ردت علي الدار بعالي الصوت تبكي دمع / قالت يول راحوا الحباب ## وأضافت ببيت آخر: جيت لدارهم لنو الخشب عالي / صحت يا دار وين الصاحب الغالي ردت عليّ بصوت عالي / قالت يا حزين صاروا تحت اللحود بوالي
مدونة وطن eSyria التقت بتاريخ 28/11/2012 الحاجة "مفيدة العلي" التي قالت: «تطيب في النفس أغاني التراث لأنها تخلق الجو العاطفي وتعيد الذكريات وتخفف الآلام، وقد حظي التراث "الفراتي" بأهمية واسعة في شتى المجالات، فتناول جميع الموضوعات بلا استثناء، ولذلك تغنى أبناء "الدير" بمنازلهم خاصة عند فراق الأحبة حيث قالت:
جيت لدارهم لنو الدار تبكي دمع / صحت وين اهل الدار هالكانوا جمع
ردت علي الدار بعالي الصوت تبكي دمع / قالت يول راحوا الحباب
وأضافت ببيت آخر:
جيت لدارهم لنو الخشب عالي / صحت يا دار وين الصاحب الغالي
ردت عليّ بصوت عالي / قالت يا حزين صاروا تحت اللحود بوالي».
الباحث "عباس طبال" تحدث في كتابه "مختارات من التراث الشعبي" عن البيت في الغناء الشعبي "الفراتي" فقال: «لا يزال الغناء "الفراتي" محافظاً على العادات والتقاليد التي اختص بها منذ مئات السنين، ومن بين تلك العادات غناء أهل "الدير" لمنازلهم ففي "العتابا" تغنوا ومنها ما ذكره "طبال" في كتابه:
نشدت الدار وليفي وين سار / بزيزة ما بها إلا الوحش ونسار
عقبكم ما صفى لي عيش ونار / وليفي من رحلتهم بالغثا
يا دار العز وين الدهر بدل / هلج حطوا بها وهيل بالدّل
هلج ما هابوا جبير الوزر بالدل / بوسط المحكمة ردوا جواب
وفي "الهدي" وهو غناء الأم لابنها مترافقاً مع حركة السرير فتغني لطفلها عن الكرم والجود في منازل الكرماء فتقول:
يا دار وين الذي بعمارتك يسعون / أهل الدواوين بضيوف لفوا يسعون
جيت لدارهم وإن الحطب مرجود(*) / صحت يا دار وين أهل الكرم والجود
ردت علي بعالي صوت مردود / الت يا حسرتي صاروا تحت اللحود ممدود
وفي غناء "اللالا" قالوا عن البيت:
الله يعمرج "دير الزور" / اية فوق بناية
بيجي صبايا حلوات / لاباسات العبايا
يالقاعد بصدر البيت /عليتني وعليتك
لأصبر على حكم الله / ان جان ما خذيتك
كما ذكروا البيت في "النعي" وهو بكاء النساء على الميت قعوداً فقالوا:
حزينة الدار والدلة عليهم / كرام وينشد الخاطر عليهم
لشيل هموم يا قلبي عليهم / اجدد حزني كل داير سنة
أما في "المعادة": وهو بكاء النسوة على الميت واقفات حيث إذا حلت مصيبة في الدار قالوا:
شلنا وجيت أسألك على ولف يا دار / لالي ببيت أبو محمد حلالي
غربي بيته متصل كحيلة / شرقي بيتهم عسكر سواري
لفت سودا العثيرة بدارهم / كبت مخاثرهم وطفت نارهم
وفي غناء النايل قالوا:
جيت لدار الولف ما هو بهذه ديره / آني طعين برمح خش بشناشيله
تزهين بعد الولف يا دار مالومج / ميتين عام وسنة ماغيروا رسومج
وفي "الموليا":
مريت على بيتهم وإن الحمام ينوح / هبهب نسيم الهوا هيض علي جروح / ما قلتلك يا قلب والصوب عاد تروح.
وفي "السويحلي":
بيت الشعر مبني يا سليما / طخني عموده
والسعي بفراقنا يا سليما / يعمى واقوده
وفي "زفة العروس":
بيت أبو فلان رحى مستديرة / تعشي ضيوف لفت عل جزيرة
بيت أبو فلان رمل ما ينداس / من كثر ما تجري دموم الذبايح
وفي شعر "المؤونة" (صاحب البيت الذي يخلو بيته من المؤونة يفقد احترام مواطنيه ويصبح موضع سخريتهم):
تزقزق قندرته والبيت ما بيه مونة / إلا الشعير الأسود يحدر على الطاحونة».
(*) "مرجود" الشيء المتراكم طباقاً.