عبر لوحاتٍ غنائية وراقصة جسدت ملامح التنوع الثقافي السوري، وقدرة الفنون على تعزيز الروابط الوطنية؛ جاءت فعالية “صور من التراث السوري” على مسرح دار الأوبرا بدمشق حاملة ألوان التراث والهوية السورية بأطيافها المبدعة.
ثراء الموروث الثقافي يجمع السوريين
وتحدث الإعلامي إدريس مراد، المشرف على الفعالية، قائلاً: إن فعالية "صور من التراث السوري”، الممتدة على مدى يومين، سلطت الضوء على ثراء الموروث الثقافي السوري، من خلال عروض غنائية ورقصات تمثّل مختلف المكونات.
وأكد مراد أن ما يجمعه الفن أقوى مما تفرقه السياسة، مشدداً على أهمية إبقاء المسارح فضاءات مفتوحة أمام جميع ألوان الثقافة السورية، كي تعزز الانتماء الوطني وتكرس قيم التلاقي والمحبة التي يجسدها الشعب السوري بأطيافه المختلفة.
وأضاف مراد: تضمنت الفعالية وصلات غنائية تراثية مثلت مختلف أطياف المجتمع السوري؛ إذ تناغمت الأنغام العربية والشركسية والكردية والسريانية والأرمنية في مشهد واحد، رافقتها لوحات استحضرت تنوع الرقصات الشعبية.
وأوضح مراد أن برنامج الفعالية سعى إلى الإحاطة بالكثير من ألوان التراث السوري، وكانت الانطلاقة بموشح، فأغنية من التراث الأرمني، ثم فرقة آمال للمسرح الراقص التي بدأت بأغنية “شفتك يا جفلة، وانتهت بـ “زينّوا المرجة إضافة إلى أغنية من التراث السرياني، تلتها وصلة من التراث دمشقية الهوى.
تلتها فرقة "بارمايا" للتراث السرياني والآشوري، وفرقة "كارني" للتراث الأرمني، وأغاني التراث الفراتي، كذلك تضمنت الفعالية عزفاً منفرداً من التراث الكردي للعازف "ألان مراد" على آلة البزق، تبعه عرض لفرقة "آشتي" الكردية، فالفرقة الفنية الشركسية، وفي الختام قدم المشاركون جميعاً التحية للجمهور على صوت أغنية "يا طير سلملي على سوريا".
جمالية التراث السوري الغني بتلويناته الزاهية
عازف البزق "آلان مراد" تحدث عن مشاركته قائلاً: شاركت في هذه الفعالية كعازف على آلة البزق، إضافة إلى تقديم أغنيتين من الثقافة الكردية، حيث أحاول دائماً أن أشارك في هكذا فعاليات كمحاولة لتقديم التراث الكردي بشكل لائق وكثقافة لا تتجزأ من الثقافة السورية بشكل عام وأكد أن فعالية صور من التراث السوري هي ترسيخ للحالة الوطنية السورية وإظهار جمالية التراث السوري الغني بتلويناته الزاهية، نحن السوريين نملك تراثاً لا شبيه له في العالم، ما ينبغي علينا كفنانين تقديمه على كل مسارح سوريا والعالم إن استطعنا.
الحِرف التراثية جزء أساسي من الهوية الوطنية
بدوره، أشار عدنان تنبكجي، شيخ كار الفنون النحاسية والتشكيلية، إلى أن هذه المشاركة تهدف إلى إبراز أهمية الحِرف التراثية كجزء أساسي من الهوية الوطنية السورية والتي لا تزال تحظى باهتمام واسع محلياً وعالمياً، لما تمثله من أصالة وتراث حضاري.
واضاف: تضمنت الفعالية معرضاً للحِرف التراثية السورية، بمشاركة مجموعة من الحرفيين من حاضنة دمر المركزية للفنون النحاسية شملت أعمالاً متنوعة، كالصدف والأغباني والنحاسيات والزجاج الفينيقي والخشبيات والموزاييك، مشيراً إلى السعي الحثيث لحماية الحرف التقليدية التي تشكل تراثنا وتاريخ أجدادنا وتطويرها بما يتماشى مع العصر الحديث، والتي تعكس استمرارية إبداع الحرفي السوري وتواصله عبر الأجيال.
الثقافة تعزز التماسك الاجتماعي
الصحفية مريم حجير من وكالة سانا قامت بتغطية الفعالية قالت لمدونة وطن: احتضن مسرح دار الأوبرا بدمشق فعالية “صور من التراث السوري”، التي نظّمتها وزارة الثقافة على مدى يومين، احتفاءً بالتنوع الثقافي في سوريا، عبر عروض فنية غنائية وراقصة عبّرت عن غنى النسيج الاجتماعي السوري وتعدديته بحضور رسمي وعدد من الشخصيات الدبلوماسية والثقافية، في مشهد يعكس التقدير للدور الذي تضطلع به الثقافة في تعزيز التماسك الاجتماعي.
وبينت حجير أن برنامج الفعالية تميّز بتقديم لوحات موسيقية وغنائية مثّلت مكونات الثقافة السورية، من الأنغام الفراتية والإيقاعات الشركسية، إلى الأغاني الكردية، والألحان السريانية، والموسيقا الأرمنية، في تناغم فني يبرز التعدد الثقافي السوري بوصفه رصيداً وطنياً مشتركاً.
وتابعت حجير حديثها: لفتني الاهتمام الواسع بمعرض الحرف اليدوية التراثية من قبل الضيوف، لما تمثّله هذه الحرف من قيمة ثقافية واقتصادية مزدوجة، فهي تجسّد الذاكرة الشعبية ومهارات الحرفيين السوريين المتوارثة، ومن جهة أخرى تسهم في توفير مصادر دخل للكثير من الأسر.
وأشارت حجير إلى أهمية الفعالية في إطار جهود وزارة الثقافة لتعزيز التنوع الثقافي وصون الهوية الوطنية الجامعة، عبر إبراز غنى الموروث الثقافي السوري بمختلف أشكاله.