بدعواتهم وصلواتهم تجمّعوا حول موائد العنب الكثيرة في كنائس مدينة "القامشلي" معلنين ومعبّرين عن الاحتفال بطقس ديني عمره مئات السنين.
ففي كل عام تحتفل الطائفة المسيحية بعيد رقاد "السيدة العذراء" إلى السماء والذي يصادف اليوم نفسه الاحتفال بعيد "بركة العنب".
بالنسبة لأغلبيتنا نحاول أن نجعله جلسة اجتماعية فيها كل معاني الحب والإخاء، فجميع الأيادي تتناول من أطباق العنب، من الشاب إلى العجوز، حيث يتوزعون على تلك الموائد وهم ينشرون الابتسامة وكل ألوان التسامح ومن ثمّ يصلون ويدعون
"مدوّنة وطن eSyria" حضرت وقائع الاحتفال بعيد السيّدة العذراء وشاركت بطقوس بركة العنب اللذين يصادفان هذا اليوم 15/8 من كل عام، والتقت السيد "جورج إبراهيم" أحد المشاركين بالعيد والقداس والذي تحدث بالقول: «ورثنا هذا العيد وهذا الاحتفال عن الآباء والأجداد، فنحن صغاراً وكباراً من نساء ورجال وأطفال مواظبون على التواجد في إحدى الكنائس بالمدينة لممارسة الطقوس الدينيّة المعتادة من صلاة ودعاء، والتجمهر حول موائد العنب والتبرك وأكل حبيبات منه، فإن هذا اليوم من الأيام المقدّسة والمهمة بالنسبة لنا».
السيّدة "ماريا إسحاق" ربة منزل وإحدى المشاركات بالعيد أضافت بالقول: «بالنسبة لأغلبيتنا نحاول أن نجعله جلسة اجتماعية فيها كل معاني الحب والإخاء، فجميع الأيادي تتناول من أطباق العنب، من الشاب إلى العجوز، حيث يتوزعون على تلك الموائد وهم ينشرون الابتسامة وكل ألوان التسامح ومن ثمّ يصلون ويدعون».
أمّا كاهن كنيسة السيّدة "العذراء" بمدينة "القامشلي" الأب "عبد المسيح يوسف" فقد تحدّث عن طقوس الاحتفال بالقول: «في كل عام وفي نفس هذا اليوم أي تحديداً في 15/8 تحتفل الطائفة المسيحية بانتقال السيّدة "العذراء" إلى السماء بالجسد والروح، وهذا الاحتفال تقليد كنسي قديم منذ تأسيس الكنيسة، فالحدث الديني للسيدة "العذراء" يتطلب هذا الاحتفال، فعندما رقدت السيدة العذراء إلى السماء تبشّر الرسل باختطاف روحها فذهبوا إلى مكانها ليحضروا الصلاة عليها، ومع عودة "مار توما" من "الهند" متجهاً إلى "اورشليم" وفي طريقه شاهد "مريم العذراء" بموكب من الملائكة للصعود بها إلى السماء، ومن خلال رؤيته بها طلب منها دليلاً يستشهد به ليصدقوا رؤياه ومشاهدته، فأعطته "زنارها" وبعد وصوله للرسل قدم برهانه على ما شاهده، ومن أجل ذلك يتم الاحتفال بهذه المناسبة في كنائسنا وهو يتزامن مع عيد بركتها على الكروم "العنب" والجدير بالذكر أن الزنار لايزال موجوداً في كنيسة "أم الزنار" بمدينة "حمص"».
يضيف: «بالنسبة لبركة الكروم وتحديداً "العنب" هي من المناسبات التي يُحتفل بها منذ القديم وكما أسلفنا منذ قدوم الرسل، ومن المعروف بأنّ ثلاث بركات هي التي يحتفل بها في كنائسنا وتصادف تواريخ محددة ففي 15 كانون الأول يحتفل ببركة الزروع، وفي 15 أيّار الاحتفال ببركة السنابل، ويومنا هذا يصادف الاحتفال ببركة "العنب" حيث يتم التوحيد ببركتها، وكل ما ذكرنا من سنابل وزرع وعنب تم اختيارها ففيها يكمن سر الحياة من خيرات ونعم، وفيها عبرة روحية، فالون العنب عندما يتخمر يشبه لون دم سيدنا "المسيح" عليه السلام».
يتابع: «في هذا اليوم يتمّ جلب كميات كبيرة من العنب ويتوزع في جميع الكنائس، وأكبر عدد في كنيستنا هذه حيث تسمّى كنيسة "السيّدة العذراء" والعنب هو رمز من رموز بركتها، ورمز لأنّ المؤمنين يأكلون ويأخذون من بركتها، علماً أنّ الكثير من المؤمنين لا يشترون العنب إلا بعد مرور هذا اليوم عليهم، وهناك معلومة تقول: إنّ العنب لا ينضج إلا في هذه الأيام من السنّة، وأستطيع التأكيد بأنّ مؤمنين مسيحيين من كل الطوائف يتوافدون إلى الكنائس، بالإضافة إلى توافد إخواننا المسلمين أيضاً للمشاركة في هذه الاحتفالية، وما أريد إضافته أيضاً حول أن العنب تؤكل حبيباته من قبل زوار الكنيسة وقد يأخذ الشخص مجموعة منه إلى بيته تبركاً فيه، ويتم توزيع كميات كبيرة منه على بعض العوائل الفقيرة، وأيضاً يوزع على بعض الدور المجاورة للكنيسة بحيث لا يبقى أيّة حبة في الكنيسة».