ما إن تهل أول أيام شهر أيار حتى يصادفك منظر قسم كبير من سيدات "المالكية" وهن يرتدين الثوب الأزرق الطويل يتوسطه الزنار الأبيض المزين المجدول ملفوفاً حول خصر المرأة، وقد غطت بعضهن الرؤوس بغطاء أبيض.

ولمعرفة طقوس هذه العادة، قمنا بجولة في أحياء "المالكية"، حيث التقينا الخورية "أنيسة مراد" من المواظبين على ممارسة طقوس هذه المناسبة والتي ترتدي ثوب السيدة "العذراء" حدثتنا بالقول: «يعتبر هذا الشهر من الأشهر المقدسة في السنة والتي ارتدي فيها الثوب الأزرق واكرس فيها معظم وقتي للصلاة للسيدة "العذراء" والامتثال بفضائلها والابتعاد عن الخطيئة، فالثوب هو رمز التواضع والإيمان والخشوع، ويجب على الأهل تشجيع الفتيات على ارتدائه وعدم الخجل من لباسه والتحلي بصفات السيدة "مريم العذراء" ودورها في حياة المؤمنين».

من الضروري والمهم أن يكون الثوب محتشماً ويتم ارتداؤه طوال شهر أيار ويجب أن يتم عن قناعة ورضا، وليس من الضروري تغطية الرأس ولكن هذا الأمر مفروض داخل الكنيسة، ويتم ارتداؤه بعد أخذ البركة من الكاهن قبل لبسه وحتى بعد خلعه إن رغبت المرأة بذلك، وهناك حالات يجوز فيها خلع الثوب قبل نهاية الشهر في حالة وفاة لا سمح الله

السيدة "فهيمة ملكي" تحدثت لنا بدايةً بالقول: «من المُتعارف عليه في "منطقة المالكية" في "مدينة الحسكة" أن شهر أيار هو شهر مخصص "للسيدة العذراء" أو المعروف عنه اسم "الشهر المريمي" حيث نقوم يومياً بالذهاب عصراً إلى الكنيسة من أجل الصلاة والابتهالات إلى الله بشفاعة "مريم العذراء"، وتشبهاً واقتداءً بالسيدة العذراء تقوم بعض السيدات والفتيات بارتداء "ثوب العذراء" الأزرق اللون الذي تتم الصلاة عليه من قبل كاهن الكنيسة، حيث يتم وضع حبل أبيض مجدول كزنار على الخصر وتغطي بعضهن الرأس بوشاح أبيض أو وشاح أبيض مزين بصور "السيدة العذراء"».

جانب من صلوات الشهر المريمي

وعن معاني ودلالات هذا الثوب تضيف لنا الخورية "أنيسة مراد" بالقول: «الطابع المميز للشهر المريمي هو ارتداء الثوب الأزرق الطويل الواسع الذي يتم ارتداؤه اختياراً خلال هذا الشهر، حيث يحمل اللون الأزرق في ثوب السيدة العذراء دلالة لون السماء والصفاء والترفع عن الأرضيات والدنيويات لبعد السماء عن الأرض، أما الزنار الأبيض المجدول وغطاء الرأس الأبيض فهما دلالة السلام والوداعة والمحبة والنقاء لأنه لون الحمام وعلى من ترتدي ثوب العذراء والزنار وغطاء الرأس أن تتحلى بالسلام وتتصف بنقاء القلب والروح».

بالإضافة للباس الثوب الأزرق هناك الكثير من الأمور التي يجب مراعاتها هذا ما ذكرته السيدة "مراد" بالقول: «من الضروري والمهم أن يكون الثوب محتشماً ويتم ارتداؤه طوال شهر أيار ويجب أن يتم عن قناعة ورضا، وليس من الضروري تغطية الرأس ولكن هذا الأمر مفروض داخل الكنيسة، ويتم ارتداؤه بعد أخذ البركة من الكاهن قبل لبسه وحتى بعد خلعه إن رغبت المرأة بذلك، وهناك حالات يجوز فيها خلع الثوب قبل نهاية الشهر في حالة وفاة لا سمح الله».

غطاء الرأس والزنار

أما السيدة "زكية عبدال" فتحدثت عن الدلالة المعنوية للثوب بالقول: «ليست الغاية هي لبس الثوب فحسب بل الغاية من لباسه هي التقمص بصفات وفضائل "السيدة العذراء"، فلباس الثوب الأزرق يعود بالدرجة الأولى إلى قناعة المرأة الشخصية، لذلك يجب عدم المبالغة في التزيين ووضع الماكياج وأن تسلك من ترتديه السلوك الحسن مع محيطها وأن تتحلى بالسلام وتتصف بنقاء القلب والروح، ومن المهم عدم ارتداء الثوب عن غير قناعة أو للتفاخر بل من أجل التواضع والأيمان ومن المفضل عدم وضع الاشتراطات قبل ارتداء الثوب بمعنى أنني سأرتدي الثوب إن حقق الله تعالى كذا وكذا على سبيل المثال».

للسيدة "سميرة يوسف" إضافتها في هذا المجال حيث تقول: «في كل شهر في السنة تقريباً يصادف ذكر لأحد القديسين، لكل قديس لون ثوب معين يرمز إلى دلالة العيد، وهذا يعني أنه لا يقتصر لون لباس النذر على اللون الأزرق فحسب، بل تتعدد الألوان حسب العيد والمناسبة فالرداء ذو اللون الأحمر القاني يخص شهر "قلب يسوع"، بينما اللون الكحلي خاص بالقديسة "ريتا" والأسود خاص "بمارشربل" بينما اللون البني هو خاص "بمارمطانيوس"، وعلى الرغم من هذه الاختلافات اللونية والتسميات تبقى الغاية واحدة هي التقرب من الله تعالى».

نيل البركة