في مثل هذا اليوم من كل عام تمتلئ مقبرة "باب شرقي" في منطقة "دمشق" القديمة بالزوار، فتسمع تراتيل الصلوات وتضاءالشموع، وتطلق رائحة البخور تكريماً للراحلين عن هذه الحياة، وفي كل عام يعاد الاحتفال بهم، ويجدد ذكرهم في طقس اجتماعي مهم لدى الطائفة المسيحية في "سورية" ويطلق عليه ذكرى يوم "سبت الأموات".
في لقاء مع السيدة "تيريز مطانيوس" من أهالي "حي القصاع" في دمشق قالت لموقع"eSyria" بتاريخ 18/2/2012عن عادة زيارة المقابر في يوم "سبت الأموات" بالقول: «في كل عام في ذكرى يوم "سبت الأموات" أقوم مع عائلتي وأخوتي بزيارة قبر والدي ووالدتي رحمهم الله للصلاة على روحهم، فقد حددت الكنيسة هذا اليوم ليتذكر جميع الناس أمواتهم، حيث نحضر معنا باقات من الزهور البيضاء نضعها على القبر، كما يوجد أمام كل مقبرة مكان صغير يسمى "بيت الشموع" نشعل فيه الشموع ونحرق البخور ونصلي لأجلهم، بعد ذلك تذهب الناس إلى الكنيسة المقدسة الموجودة في القرب من المقابر للمشاركة في الصلاة التي تقيمها الكنيسة على راحة نفس الأموات، وعند نهاية الصلاة يتبادل الناس معايدة بعضهم البعض ويترحمون على أمواتهم».
والصلاة التي تردد دائماً في ذكرى يوم "سبت الأموات" وفي الصلوات على أرواح الأموات هي: "يا إله الأحياء والأموات، يامن وطئ الموت ووهب الحياة، أنت يارب.. أرح جميع الموتى في مساكن الصديقين في مكان نيّر في مكان الراحة، حيث لا وجع ولا خوف ولا تنهد
تشهد المقابر في هذا اليوم تجمعا كبيرا من قبل الطائفة المسيحية، هذا ما تحدث عنه السيد "أبو أمين شاهين" المسؤول عن مقابر منطقة "باب شرقي" بالقول: «إن لهذا العيد شعور مميز فهو يذكر جميع العائلات المسيحية بأمواتهم وواجبهم في الصلاة لهم وطلب الرحمة على أرواحهم، فأنا أعمل منذ ثلاثين عام في خدمة المقابر والاعتناء بها، حيث أقوم قبل ليلة من يوم "سبت الأموات" بتنظيف القبور والممرات وسقاية الأشجار، ليبعث هذا المكان الراحة النفسية في نفس كل من يقوم بزيارته، حيث تتوجه كل عائلة في هذا اليوم بالصلاة على أحبة رحلوا بالجسد ولكنهم بقيوا بينهم بالروح».
الأب "متري هاجي أثناسيو" مؤلف موسوعات كنائس دمشق وريفها، وراعي كنيسة الزيتون تحدث بالقول: «إن الكنيسة تبتهل إلى الله كل يوم في صلواتها الطقسية لأجل الأموات، ليمنحهم الراحة الأبدية، ولكنها في كل عام تقيم لهم تذكاراً احتفالياً سنوياً، وتصلي لأجلهم بنوع خاص، وتدعونا إلى أن نذكرهم ونضرع إلى الله من أجلهم، حيث يخصص لسبت الأموات يومين في السنة الميلادية، فاليوم الأول يأتي قبل أسبوع من صيام عيد الفصح المجيد، والثاني بعد العيد مباشرة والذي يسمى "عيد العنصرة"، فهذا العيد هو عبارة عن وجود علاقة ارتباط بين الأحياء والأموات».
لكل إنسان عائلة، فإذا توفي فرد من أفرادها وجبت زيارته وذكره في هذا اليوم، حيث يرافق هذا اليوم العديد من العادات والطقوس بأخذ أكاليل من الورد وإضاءة الشموع حول القبور وحرق البخور المقدس، وبعض الناس يأخذون معهم صواني من القمح يوزعونها على الفقراء باعتبار أن القمح يرمز إلى "روح الحياة"».
ينهي الأب "متري" حديثه بالقول: «والصلاة التي تردد دائماً في ذكرى يوم "سبت الأموات" وفي الصلوات على أرواح الأموات هي: "يا إله الأحياء والأموات، يامن وطئ الموت ووهب الحياة، أنت يارب.. أرح جميع الموتى في مساكن الصديقين في مكان نيّر في مكان الراحة، حيث لا وجع ولا خوف ولا تنهد».