تحتضن مضافات جبل العرب تاريخ أصحابها لأجيال متلاحقة لتظهر على هيئة متاحف، يزينها السلاح التقليدي ودلال القهوة لتشهد على عصور مضت.
ففي مدينة "السويداء" وقراها تجد نماذج لمضافات تراثية تحمل الطابع الشعبي، زار منها موقع eSuweda مضافة العم "سليم القاسم أبو سامر" في الجزء الشمالي من مدينة "السويداء" حيث نقل آراء لبعض زوار هذه المضافة التي تتم فيها لقاءات شعراء الجبل الشعبيين بدعوة من صاحبها الذي يعطي للتراث قيمة كبيرة تحدث عنها الشاعر الشعبي "بشار أبو حمدان" الذي شارك في عدد كبير من السهرات الشعبية وقال: «في سهرات الشعراء الشعبيين طابع تراثي قديم لا يكتمل إلا بوجود المكان العابق برائحة الأجداد وطيب مقتنياتهم التي تزين المكان، وعندما تجد مجموعة كبيرة من هذه المقتنيات التي استخدمت للصيد والقتال، وقطع حملت حكايا لمناضلين قارعوا المحتل بسلاحهم البسيط والقديم، تجد نفسك مأسوراً بالشعر والروايات القديمة، التي من شأنها المحافظة على الماضي الذي نعتز به ونطمح لإحياء تفاصيله الجميلة التي أخذ عدد كبير من أهالي الجبل الاعتناء بها وإظهارها والمحافظة عليها بالصورة الطبيعية، ومنهم السيد "أبو سامر" ليطبق فكرة حضارية وإنسانية تنسجم مع أفكار تنتشر اليوم على مستوى العالم، تلك التي تصر على العودة للتراث ولنظام العيش الذي كان سائداً لكونه يعكس القيم والروح الشعبية الملاصقة والمميزة لهذه المنطقة أو تلك».
ليس غريباً على أبناء الجبل الاعتزاز بما لديهم من مقتنيات وبالنسبة لمضافة العم "أبو سامر" فهي حاضنة لتفاصيل قديمة تختلف عن غيرها من المضافات لما لها من خصوصية، لكون المقتنيات تعود للأسرة وهناك قصص واضحة تروى عنها ولمعظم القصص شهود تثبت ملكيتها وما ترافق بها من حكايات نعتز بها ونفتخر بتوضيحها للزوار الذين أرادوا التعرف للتراث بصورته الحقيقية
لم يكن العم "سليم القاسم أبو سامر" لينسى أيام كان فيها السلاح عزوة وفخراً بين أهالي الجبل، حيث احتفظ بكل ما لديه من مقتنيات مختلفة في صدر مضافته التي يفتخر بها وقال عن ذلك: «ليست هواية فحسب بقدر ما هي حنين لحياة مضت كانت فيها الرواية والقصيدة والأغنية تتغنى بالبارودة ومقارعة المحتل والقوة الجسدية التي جعلت مناضلاَ يوقع دبابة للمحتل بسلاح أبيض سمي "البلطة" التي تشبه الفأس ولا يتمكن من الضرب بها إلا الرجال الأقوياء، في هذه المضافة التي ورثتها عن الجد والأب جمعت كل الأسلحة التي استعملها الأجداد وأسلحة الصيد القديمة وحرصت على إظهار مقتنيات وأسلحة قديمة كانت منتشرة في هذه المنطقة، إلى جانب مجموعة كبيرة من دلال القهوة و"المحماس" الذي تحمص به القهوة المرة و"المهباج" الذي تطحن به، وكل المعدات القديمة التي توضع على ظهور الخيل لتحمل زاد الخيالة وقطع مختلفة، وضعتها في مضافتي لتبقى بحالتها القديمة ورونقها الجميل، وحرصت أن تكون كل الطيور التي كانت غنيمة رحلات الصيد التي قمت بها أيام الشباب حاضرة تزين أركان المضافة لأنها تحمل ذكريات قديمة عن رحلات الصيد التي كانت تمثل تقليداً اجتماعياً في هذه المنطقة التي عشق شبابها صيد الطيور والحيوانات البرية لعهود طويلة، وقد احتفظت بسلاحي الخاص وبعدد من القطع القديمة التي استخدمناها وعدد من معدات الصيد المختلفة التي تعارف عليها أهالي الجبل».
عن تاريخ المقتنيات وقصصها يضيف العم "أبو سامر" بالقول: «كل ما عرضت من قطع له ذكرى خاصة لكن لبعضها ميزة عن غيره، هنا عرضت "الدبسة" وهي سلاح يدوي قديم وكانت مستخدمة من قبل كل الشباب وهي عبارة عن عصا بطول محدد ولها رأس كبير من الخشب، أما القطعة الأغلى على نفسي فهي "البلطة" وهي هدية من المجاهد الكبير "صالح القضماني" التي قلب بها الدبابة في أرض "المزرعة" لتكون هذه البلطة شاهدة على عهد البطولة والفداء، وبارودة الجد وهي بارودة هندية، وبارودة أخرى تعارف على تسمية نوعها "أم زلاقة" وهي ذات طلقة واحدة تعود لوالدي المرحوم "ضامن القاسم" حارب فيها سنة 1948 في فلسطين، وبارودة من نوع "الكركر" وهي تسميات شعبية للأنواع التي أخذت تتطور في ذلك العصر وهي لعمي المجاهد "علي سليم القاسم" وبارودة خاصة بي وهي من صناعة محلية، كانت تستخدم للصيد و"الجناد" الذي يوضع به الرصاص وسيف حقيقي للوالد ومجموعة من الخناجر إلى جانب النحاسيات التي لا يقل عمر الحديثة منها على 80 عاما، ومهباج سمي "الصالحاني" على اسم مصنعه القديم».
عائلة "أبو سامر" تأثرت بعشقه التراثي، وعن هذه الفكرة حدثنا السيد "ربيع القاسم" بالقول: «ليس غريباً على أبناء الجبل الاعتزاز بما لديهم من مقتنيات وبالنسبة لمضافة العم "أبو سامر" فهي حاضنة لتفاصيل قديمة تختلف عن غيرها من المضافات لما لها من خصوصية، لكون المقتنيات تعود للأسرة وهناك قصص واضحة تروى عنها ولمعظم القصص شهود تثبت ملكيتها وما ترافق بها من حكايات نعتز بها ونفتخر بتوضيحها للزوار الذين أرادوا التعرف للتراث بصورته الحقيقية».
الجدير بالذكر أن العم "سليم القاسم" من سكان "السويداء" يعمل بتجارة الخضار ومضافته الواقعة إلى الشمال الشرقي من دوار "الباسل" على طريق "دمشق"- "السويداء" تستضيف سهرات الشعراء وكل من اهتم بالتراث والقيم الشعبية.