لعل ما تمتاز به "دير الزور" من مناخ متوسطي صحراوي، وبالتالي فترة سطوع شمسي طويلة خلال اليوم الواحد، يجعل من الأهمية استغلال هذه الطاقة الشمسية الهائلة كمصدر رافد للطاقة التقليدية التي يتم توليدها بواسطة الوقود الاحفوري كالنفط والغاز أو كبديل منها في بعض المناطق كالبادية.
موقع eSyria بتاريخ 16/9/2011 التقى الدكتور "حسن الحاجي" نائب عميد كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية في جامعة الفرات والذي قال: «مع ازدياد الطلب على الطاقة الكهربائية في المحافظة نتيجة للتوسع السكاني والصناعي وارتفاع مستوى الحياة للسكان وتنفيذ عدد من المشروعات الاستراتيجية والبرامج التنموية والخدمية فيها فإن المحافظة تحتاج إلى توطين تقانات الطاقات المتجددة ونشر استخدامها ولاسيما طاقتي الشمس والرياح لما تتمتع به هاتان الطاقتان من مزايا، فهي مصدر مجاني محلي نظيف ومستمر ولا ينتج عن استعماله مخلفات ضارة بالبيئة أو إحداث الضجيج كما أن استخدامها لا يتطلب تقنيات معقدة».
التحول نحو الطاقات المتجددة في البادية سيوفر من استخدام الوقود وخاصة في عمليات استجرار المياه من الآبار باستخدام الديزل حيث إن متوسط استهلاك البئر الواحد يبلغ 14 ألف ليتر ديزل سنوياً
ويضيف د. "الحاجي": «تشير الدراسات والقياسات المختلفة المأخوذة في "دير الزور" إلى أن المحافظة تتلقى إشعاعاً شمسياً يقدر بـ /4810/ كيلو واطات ساعية سنوياً على المتر المربع الواحد، وتتجاوز أيام السطوع الشمسي فيها /312/ يوماً في السنة وإن السطوع الشمسي المثالي للاستثمار في الطاقة الشمسية يتراوح بين 4 إلى 5 كيلو واطات ساعية للمتر المربع الواحد وتدل القياسات المختلفة المأخوذة في المحافظة إلى تسجيل قراءات تجاوزت 7 كيلو واطات ساعية للمتر المربع الواحد وبالتالي يمكن القول إن استخدام الطاقة الشمسية في المحافظة يمثل استثماراً ذا جدوى اقتصادية وبديلاً واعداً من الطاقة التقليدية».
أما العقبة الأساسية أمام استخدام الطاقات المتجددة فتحدث عنها "الحاجي" بالقول: «تكمن العقبة في نفقات التأسيس لمنظومات استخدامها غير أنها على المدى البعيد وقياساً لعمر محطة التوليد فإن كلفة إنتاج الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية هو أقل بخمس مرات من كلفة إنتاجها عن طريق الوقود الاحفوري كالنفط والغاز، وذلك نتيجة التكاليف الباهظة التي يتم إنفاقها ثمناً للوقود إضافة إلى نفقات التشغيل والصيانة».
وعن طرق استثمار الطاقة الشمسية قال "الحاجي": «يتم الاستثمار بثلاث طرق الأولى بواسطة الخلايا الشمسية التي تقوم بتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية مباشرة دون الحاجة إلى محطة تحويل غير أن هذه الخلايا غالية الثمن وكلفة إنتاج الواط الساعي الواحد تبلغ نحو 500 ليرة ولكن يعول عليها مستقبلاً مع زيادة الأبحاث لإنتاج خلايا رخيصة الثمن لتكون المصدر الأساسي لتوليد الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقة الشمسية».
والطريقة الثانية لاستخدام الطاقة الشمسية هي "اللواقط الشمسية" وهي عبارة عن أنابيب زجاجية تمتص الطاقة الشمسية وتحولها إلى طاقة حرارية وهذه هي الطريقة المثلى لتسخين المياه وتوفر 40% من التكلفة مما لو تم تسخين المياه بالطاقة الكهربائية».
أما عن الطريقة الثالثة فقال: «استخدام المرايا الشمسية العاكسة التي تعمل على تجميع الطاقة الشمسية على خزان مياه ونقل البخار الناتج إلى التوربينات المولدة للطاقة الكهربائية ويمكن توليد 50 ميغا واط من الطاقة الكهربائية من خلال منظومة طاقة شمسية مؤلفة من مرايا عاكسة موزعة على مساحة كيلو متر مربع واحد».
مشيرا إلى ارتفاع تكاليف نفقات تأسيس مثل هذه المنظومة غير أن تكلفة إنتاج الكهرباء تعتبر معدومة حيث إن مصدر إنتاجها هو الشمس.
وأكد حاجي بالقول: «استخدام الطاقة الشمسية في البادية هو الخيار الأفضل والأنسب بسبب تفرق التجمعات السكانية مكانياً ووعورة الطرق المؤدية إليها وبعدها عن الشبكة الكهربائية بينما يختلف جدوى استخدامها في الريف أو المدينة حسب نوع الاستخدام فهي ذات جدوى اقتصادية في الاستخدام المنزلي لتسخين المياه والتدفئة أو في تسخين أحواض السباحة بينما لا تزال غير ذات جدوى في الاستخدامات الأخرى».
وأشار المهندس "فيصل حنيدي" مدير فرع الهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية في المحافظة بالقول: «تنبهت الهيئة إلى موضوع استخدام الطاقة المتجددة في البادية والاستفادة من الطاقات المتوافرة فيها بشكل هائل من شمس ورياح في سبيل تقليل النفقات المصروفة على استخدام الطاقات التقليدية باستخدام الوقود الاحفوري، لاستجرار المياه من الآبار وتحليتها وعمليات الإنارة».
لافتا إلى أن الهيئة ستعمل على استثمار هذه الطاقات في بادية المحافظة في عدة محاور أساسية، ووفق خطط سنوية مدروسة.
وأشار قائلاً: «إن استغلال الشجيرات كأحد موارد الطاقة في البادية وخاصة للاستعمال المنزلي يمثل عنصراً سلبياً في الاستهلاك الذي سيؤدي إلى استنزاف الغطاء النباتي في البادية واتساع رقعة التصحر مما يمكن الطاقات المتجددة أن تفرض نفسها كبديل ذي جدوى اقتصادية وصديق للبيئة بما يسهم في الحفاظ على الغطاء النباتي في البادية والحد من التصحر».
من جهتها بينت المهندسة "فلك علوني" رئيسة قسم الطاقة والصناعة في فرع الهيئة بالمحافظة قائلة: «يشرف الفرع على /41/ بئراً في بادية المحافظة وسيتم خلال العام الجاري تركيب منظومات شمسية لتوليد الطاقة اللازمة لاستجرار المياه من بئري /خضر الماء/ و/جب/، كما تمت دراسة تركيب منظومات في العام القادم لتسعة آبار أخرى مع تركيب محطات تعمل على الطاقة الشمسية على عدد من هذه الآبار لتحلية المياه، إضافة إلى إنارة محميات "الهريبشة" والناظرة و"الثليثوات" وشرق الخابور و"جويف" والتي تبلغ مساحتها الإجمالية نحو /100/ ألف هكتار».
أما عن الفوائد الاقتصادية التي ستحقق من استخدام الطاقات المتجددة في البادية فقالت "علوني": «التحول نحو الطاقات المتجددة في البادية سيوفر من استخدام الوقود وخاصة في عمليات استجرار المياه من الآبار باستخدام الديزل حيث إن متوسط استهلاك البئر الواحد يبلغ 14 ألف ليتر ديزل سنوياً».
مبينة أن نجاح هذه التجربة سيشكل انطلاقة نحو نشر استخدام الطاقات المتجددة في البادية في مختلف المجالات المعيشية للتجمعات السكانية فيها الأمر الذي سيسهم في الحد من اعتماد أهالي هذه التجمعات على الاحتطاب وبالتالي الحد من تدهور الغطاء النباتي في البادية.