صوته جبلي النغمة، يحب الموشحات، وكثيراً ما يغني القدود الحلبية، يجد في الغناء ملاذه الأول والأخير، لكنه يمضي بخطوات وئيدة فالحال لم يسمح بعد بالانتشار أكثر، فالإعلام هو المنبر الحقيقي لنشر الفن، ومع هذا فكل ما غنّاه كان من تلحينه، وهذا أمر آخر له علاقة بالواقع المادي.

موقع eSyria التقى الفنان الشاب "عماد الشاويش" ابن مدينة "النبك" ومطرب الحفلات فيها، ومؤنس السهرات والتعاليل النبكية الرمضانية.

أعتقد أن الآلات الحديثة عملت على تطوير الموروث الشعبي وجعلت منه قريباً من الناس بشكل يتلاءم مع واقع الحال السريع أو كما يحلو للبعض تسميته بعصر السرعة

ليتحدث عن علاقته بالغناء فيقول: «ربما أكون من الأشخاص المحظوظين فوالدتي من مدينة "حلب" تحمل في مورثاتها الموشحات والقدود الحلبية الأصيلة والجميلة، وأنا من منطقة "القلمون" الجبلية، هذا التلاقح منحني طبيعة صوت أعتقد أنها لاقت استحساناً لدى كل من سمعني».

يحيي السهرات

بدايته كانت في العام 1994 حيث عمل على تدريب صوته بشكل علمي فانتسب إلى معهد موسيقي موجود في المنطقة، ويتابع: «أخذت منه الشيء المفيد، أضف إلى ذلك البيئة التي ذكرتها عن عائلتي التي شجعتني كثيراً في المضي في هذا المشروع الفني، وكثيراً ما كنت أسمع والدتي تغني الأغاني الفلكلورية الحلبية وهي تقوم بتزيين العرائس، وكانت هذه مهنتها».

ولأن لكل إنسان طموح يدفعه نحو تحقيقه يجد "عماد" نفسه معنياً بتقديم الشيء المفيد، والمنتقى بكل عناية، يقول: «كل ما أطمح إليه هو أن أقدم أغنية ذات كلمات ولحن جيدين، وأن أحافظ على محبة جمهوري في "القلمون" كما أنني أسعى إلى تطوير نفسي باستمرار من خلال ما أقدمه من أغانٍ جديدة».

المطرب "عماد الشاويش"

وعن مستوى الأغنية الشعبية في الوقت الحالي وهل من منافسة موجودة، يقول: «لا يمكن القول أن هناك منافسة، فكل فنان يقدم نفسه، والصوت الذي يمتلكه هو الذي يقربه من الناس أو العكس، فالصوت الجميل لا يخبئ نفسه، وأرى أن الأداء الجيد والمتقن أهم من صوت جميل غير قادر على تقديم الأغاني بشكل متقن، فواقع الأغنية الشعبية مرهون بكلمة جيدة وكثيراً ما تتشابه الكلمات فيما بينها فكلنا يغني "الدلعونا" و"العتابا"، و"الدهدونة" ما يميز لوناً عن آخر هو تلك الإضافات التي تدخل على النغمة الموسيقية لهذه الكلمات القادمة من الماضي، من تراثنا المشترك بلا شك».

ولكونه يغني التراث كيف وجد هذه الأغاني وقد استخدم في إعادتها آلات حديثة خاصة "الأورغ" ذائع الصيت والذي بات يقض مضجع الموسيقيين الكلاسيكيين، يقول: «أعتقد أن الآلات الحديثة عملت على تطوير الموروث الشعبي وجعلت منه قريباً من الناس بشكل يتلاءم مع واقع الحال السريع أو كما يحلو للبعض تسميته بعصر السرعة».

مطرب الأفراح في "النبك"

ويتابع: «أعتقد أن الأغنية الشعبية الحديثة قللت من شأن الموسيقا وهذا يعود إلى عامل الاقتصاد في الآلات والاعتماد على آلة موسيقية واحدة استطاعت أن تشكل فرقة كاملة».

أما الأغنية الجبلية التي تنتشر في منطقة "القلمون" فتعتمد على اللحن الحماسي، وعنها يقول: «بلا شك فطبيعة المنطقة لها تأثير كبير علينا كمغنين، فالجبال الجرداء أفرزت نوعاً من التحدي والقسوة، فكانت أغاني الدبكات الأكثر طلباً في المناسبات خاصة منها الأعراس».

والحل كما يراه "الشاويش" هو في المحافظة على التراث من خلال تطويره، فيقول: «كل ما يجب فعله هو البحث عن كل ما يمكننا العثور عليه من تراثنا الغني جداً، والخطوة التالية هي من خلال السعي إلى تطويره من خلال الكلمة والتوزيع الموسيقي الجيد والمناسب مع الحذر في المحافظة على الروح لهذا اللحن».

ويضيف: «من خلال متابعتي أرى أن الإعلام المرئي فقير في تقديم الأغاني الفلكلورية، وإن وجد فهو في مساحات ضيقة من خلال برامج صباحية أو رسائل قادمة من المحافظات، لا يوجد برامج خاصة بهذا الموروث الكبير الذي نملكه في سورية على وجه العموم».

من الطرائف التي حدثنا عنها ولها علاقة بما يقدمه من فن روى لنا قصة أغنية "عماد الشاويش غنّى" فيقول: «تعتبر هذه الأغنية ذات انتشار كبير في كل الحفلات التي أحييها، وفي مرة كنت على موعد لإحياء حفل لصديق بمناسبة زواجه لكنه ألغي بسبب حالة وفاة في العائلة، فاكتفى الصديق بقضاء شهر العسل في تركيا، ومن هناك اتصل بي وقال لي: كنت وعروسي في مركب في خليج البوسفور إذ سمعت أغنية "عماد الشاويش غنّى"».

الجدير ذكره أن الفنان "عماد الشاويش" من مواليد مدينة "النبك" في العام 1974 يعمل في النحت والحفر على الرخام.

مشواره الفني أثمر ألبوماً غنائياً بعنوان "بنت الأجاويدي" ضم 15 أغنية معظمها مستمد من تراث النبك الذي وثقه الباحث الراحل "يوسف خنشت" في كتاب "طرائف الأمس غرائب اليوم"، وله ثلاث أغنيات مسجلة في التلفزيون وهي: "يا رب تدعم الأفراح"- "ويلك يا حالي يا ويل"- "دهدونك".