يعتبر معبد "بعلشمين" في قرية "سيع" أحد أهم الآثار التي يعمل عليها باحثو دائرة الآثار والمتاحف في مدينة "السويداء" لما لهذه المنطقة من أهمية.
المهندس "وسيم الشعراني" رئيس دائرة الآثار والمتاحف في السويداء قال لموقع eSwueda: «إن أعمال التنقيب التي قامت بها دائرة الآثار والمتاحف في السويداء بالتعاون مع باحثين وخبراء وعلماء آثار أدت إلى نتائج ممتازة».
إن أعمال التنقيب التي قامت بها دائرة الآثار والمتاحف في السويداء بالتعاون مع باحثين وخبراء وعلماء آثار أدت إلى نتائج ممتازة
وتابع: «يقع معبد "بعلشمين" في "سيع" على نتوء جبلي يهيمن على الوادي القريب وعلى سهل حوران الذي يمتد غرباً، ويعد على الأرجح أضخم معبد وثني في جنوب سورية. شيدت الأوابد المعروفة من المعبد بين نهاية القرن الأول ق.م والقرن الثالث الميلادي، وفي نقش طويل مكتوب بلغة سامية، تشير هذه الكتابة إلى أن المعبد المكون من هيكل ومن باحة شيد من قبل ماليكات "بن أوسو بن موعير" لأجل الإله "بعلشمين" بين العامين 32 و1 ق.م.
إن "بعلشمين" إله هام معبود في سورية، فهو الذي يحكم السموات والكواكب، وهذا ما تظهره أشعة الشمس الممثلة خلف رأسه أو خلف رؤوس الآلهة التي ترافقه، ويعد النسر رسوله ورمزه، وتمت عبادته كذلك في معابد ضخمة في تدمر، وترافقه آلهة الشمس والقمر، ملك "بل وعقليبول"».
وعن وجود المعبد بين العصور التاريخية وما يمثله هذا المعبد من زخارف تعود للحضارة والعصر الذي وجد فيه بيّن الباحث والخبير في الآثار الدكتور "علي أبو عساف" بالقول: «يعد "بعلشمين" سيد النباتات كما تظهره قرون الخصب المملوءة بالثمار، في "تدمر" وفي "دورا أوروبس"، كذلك تمثيل بعلشمين مع القمح والكرمة والثمار، ويعتبر معبد "سيع" لافتاً للانتباه نظراً لوفرة وجمال زخارفه النباتية المنحوتة، فقد كانت الأبنية، مكسوة بزخارف منحوتة ولا سيما بالكرمة، ونقشت على تيجان الأعمدة شخصيات صغيرة معلقة على الأوراق، وتمثل بلا شك الـ "جاد" أي الأرواح الحارسة للمكان. إن هذا النحت الغني والأصيل ليس رومانياً وليس نبطياً، إنما ينتمي إلى تقاليد سورية الداخلية العائدة إلى أواخر الفترة الهلنستية، ونجد مقارنات لنفس الفترة في تدمر وفي مواقع رافدية جنوبية مثل "بابل" و"سلوقية دجلة"، وتتمثل مدرسة النحت هذه والتي تألقت في جنوب سورية على امتداد القرنين الأول قبل الميلاد والأول ميلادي».
وتابع الدكتور "أبو عساف" عن إيداعات أو تقديمات الآلهة في قرية "سيع" لأهميتها التاريخية بالقول: «تم إيداع تقدمات إلى آلهة أخرى في معبد "بعلشمين" تقدمه إلى الآلهة السورية العظيمة "أتار غاتيس"، وأخرى إلى "جوبيتر ماكسيموس أوبتيموس هليوبوليتانوس"، الإله العظيم لمعبد "بعلبك" في "البقاع"، موصوف بالأحرف الأولى من اسمه، وتقدمة صغيرة لإله الأطفال المصري "هاربوكرات"، وهذا يعتبر الدليل على أن قرية "سيع" كانت ملتقى الشعوب والديانات».
وعن البعثة التنقيبية التي قامت بأعمال البحث أوضح الأستاذ "حسين زين الدين" مدير التنقيب في دائرة الآثار بالسويداء قائلاً: «إن البعثة
المشتركة السورية- الفرنسية، مؤلفة من مسؤولين سوريين عن آثار محافظة السويداء، وهم م. "وسيم الشعراني"، مدير آثار المنطقة، و"حسين زين الدين"، مدير التنقيب، ومعاونين على الأرض هما "ياسر الشعار، وإباء هنيدي". أما الفريق الفرنسي فيديره "جان ماري دنزر"، وهو منتدب للمعهد الفرنسي للشرق وعضو معهد فرنسا، و"بيير ماري بلان"، مهندس أبحاث، و"جاآلين دانزرفيدي"، مديرة أبحاث أيضاً، و"بولين بيرو فورنيه" مهندسة معمارية في وحدة البحث المشتراة، وقد عملت هذه البعثة بكشف ودراسة وتقييم معبد قرية "سيع" الكبير الواقع على بعد 3 كم إلى الجنوب الشرقي من قنوات. لقد كان هذا المعبد الرئيسي في العصرين الهلنستي والروماني مكاناً هاماً للعبادة والحج بالنسبة لسكان المنطقة».
وتابع الأستاذ "زين الدين" بالقول: «هذا المعبد هو الأضخم المعروف في سورية الجنوبية، وهو مكان للقاءات السكان الذين يعيشون على مقربة منه وفي المناطق المجاورة، وأهميته معروفة بهندسته المعمارية والنقوش الكتابية، والمنشآت ذات الطابع الروماني الإمبراطوري المبنية في الباحة الثالثة».