في الجهة الشرقية الجنوبية من قرية "تالين"، وفي أسفل سفح جبل "السلماني" تزهو الطبيعة والحياة وتغرد العصافير وتخضر النباتات والأشجار، فأساس الحياة متوافر وبشكل دائم ضمن غرفة حجرية بنيت منذ حوالي /400/ عام من الحجر الكلسي الملون لتحمي وتجمع ضمن بهوها الداخلي مياه نبع "السلماني" الدائم الجريان.
eSyria زار موقع نبع "السلماني" بتاريخ "9/6/2011" والتقى السيد "كاسر عباس" الذي حدثنا عن النبع فقال: «أنا من العاشقين لهذا النبع وأزوره كل يوم تقريباً، والطبيعة جميلة وخضراء ونضره فأساس حياتها متوافر وبشكل دائم عبر الجريان الدائم لمياه النبع، فترى هنا الأصالة المحافظة على ذاتها والتاريخ الذي يسرد نفسه من خلال حجارة المكان والعفوية دون تكلف».
أنا من العاشقين لهذا النبع وأزوره كل يوم تقريباً، والطبيعة جميلة وخضراء ونضره فأساس حياتها متوافر وبشكل دائم عبر الجريان الدائم لمياه النبع، فترى هنا الأصالة المحافظة على ذاتها والتاريخ الذي يسرد نفسه من خلال حجارة المكان والعفوية دون تكلف
ويتابع: «لا اعتقد أنه يمكن لأي أحد تقدير عمر "نبع السلماني" لأنه وعلى وضعه الحالي يزيد على /400/ عام باعتقادي، فطبيعة الحجارة التي بني بها محيط النبع وألوانها وما تشكل عليها من ترسبات يدل على هذا العمر، ناهيك عن شكل البناء الخارجي المحيط بالنبع الذي ينتمي إلى نظام العقد الحجري ويعود إلى فترات قديمة جداً».
ذكريات ارتبطت بتاريخ نبع "السلماني" أوضحتها السيدة "نهلة سليمان" من أبناء القرية: «فيما مضى كنت أزور نبع "السلماني" برفقة صديقتي لننعم بالهدوء والطبيعة التي تمنحنا المناخ المناسب للدراسة، وحينما كنا نفرغ من دراستنا ننزل إلى أقرب نقطة من النبع ونبدأ بفتح مجراه الصغير الذي تتراكم حوله الحشائش المائية، ليعود إلى زهوه وجماله، أضف إلى ذلك كنا ندخل في مدخل النبع ضمن فالقه الصخري الضيق حوالي ثلاثة أمتار لحين يشتد الظلام وترتفع الرطوبة، فنعاود الخروج إلى جانبه لمتابعة الدراسة والتمتع بالطبيعة الجميلة الخضراء».
السيد "حسان سليمان" وصف لنا طبيعة المكان المحيط بالنبع بشكل مفصل فقال: «تتدفق مياه نبع "السلماني" الدائم الجريان من ضمن فالق صخري عرضه /50/ سنتيمتر وشبه طبيعي لوجود بقايا جدار حجري كبير غير واضح النهاية بسبب الظلام في الداخل ويظهر منه حوالي /2/ متر فقط من الأمام، والنبع يقع في الجهة الشرقية الجنوبية من قريتنا "تالين" وعلى السفح الشرقي من جبل "السلماني" الذي أعطى "النبع اسمه، الجيل الذي تتدفق من بقية سفوحه العديد من الينابيع الموسمية الدالة على أن الجبل هو خزان مياه جوفية، ومن هذه الينابيع "نبع الشتوي" الذي يقع في الجهة الشمالية الغربية بالنسبة لنبع "السلماني"، و"نبع الشبقون" و"نبع كحيلان" في الجهة الغربية منه أيضاً، و"نبع الحجل" في الجهة الجنوبية الشرقية، و"نبع كامل ميهوب" في الجهة الشمالية الغربية، و"نبع الشيباني" في الجهة الجنوبية، و"نبع إبراهيم دنيا" في الجهة الجنوبية الشرقية».
جمال تدفق مياه النبع يتكامل معه عبق التاريخ الذي يفوح من محيطه، وهنا يقول السيد "كمال شعبان سليمان": «إن وجود الغرفة التراثية التاريخية المحيطة بالنبع منذ عدة قرون أعطته جمالية خاصة ميزته عن بقية الينابيع الموجودة في أرجاء المنطقة، فهي مبنية بأحجار طبيعية كلسية ملونة بعدة ألوان "زهري وأبيض وأزرق قاتم"، جمعت من المنطقة الجبلية المحيطة بالنبع، وبنيت وفق نظام بناء العقد الحجري الذي أعطاها الجمالية الرائعة، وكأنها منزل ريفي طبيعي ينضح منه الماء والخير».
ويتابع موضحاً طبيعة ومواصفات غرفة النبع: «في بداية الفالق الصخري من الأمام بني جدار بارتفاع حوالي /2/ متر، وترك في أسفله فتحة صغيرة بعرض /20/ سنتيمتر وارتفاع /30/ سنتيمتر، لتسمح بمرور المياه خلالها من مصدر النبع إلى الأمام أي إلى بهو الغرفة، وكانت هنا بداية الغرفة من الداخل، ومن ثم بني الجداران الجانبيان للغرفة بطول حوالي /2/ متر وارتفاع حوالي /2.5/ متر، والتقيا في الأعلى ليشكلا قنطرة حجرية رائعة الجمال قفلت في نهايتها بواسطة حجر يدعى حجر "القفل" الذي يثبت جميع أركان الغرفة، وبالنسبة لمدخل هذه الغرفة فقد تم تضييقه بتقريب الجدارين الجانبيين من الأمام إلى حوالي /70/ سنتيمترا بعد أن كانا بعيدين في الداخل كبهو للغرفة حوالي /130/ سنتيمترا».
أما السيد "عيسى حيدر سليمان" فقال: «لقد روعي في أرضية الغرفة الحجرية فكرة الأرض الطبيعية التي تمتع بها النبع، حيث تركت على حالها كصخرة واحدة صماء بمساحة متر مربع واحد وهي من النوع الصلب جداً وسطحها مستو، ونقر أو حفر في بدايتها من الناحية الخارجية أو البعيدة عن النبع جرن بشكل دائري صغير قطره حوالي /30/ سنتيمترا لتجميع المياه فيه، فالقرية بأكملها فيما مضى كانت تشرب من النبع وتستفيد من الجرن، وكنا نحضر المياه على ظهر الدواب بواسطة جِرار فخارية».