لا يستطيع الزائر لقرية "بحوزي" في طرطوس إلا أن يلحظ شجرة "بلوط" عملاقة تستقبله بثمرها وأغصانها العتيقة وظلها البارد.
فهذه الشجرة التي ولدت قبل ميلاد القرية؛ تتميز بجوف مفتوح للخارج يجلس فيه خمسة أشخاص، وظل يستفيء فيه مائة شخص، وتعطي كذلك ثمار "بلوط" بطعم قريب من "الكستناء"، السيد "عبد الكريم يوسف" من قرية "بحوزي" والذي ناهز الستين من عمره تحدث لمشروع "eSyria" بتاريخ 26/6/2011 عن "القرقارة" بالقول:
منذ سنتين جاءنا مجموعة من الشباب الجامعيين لمحاولة تقدير عمر الشجرة وهم من قال أن عمرها يقارب 700 عام وقطر جذعها يصل لثلاثة أمتار، في حين أنها تغطي مساحة 300 متر مربع، وبعض أغصانها لامست الأرض والبعض الآخر ارتفع عاليا في السماء لمسافة تقارب 25 متر
«أطلق اسم "القرقارة" على شجرة البلوط هذه من قبل القدماء في القرية، ولانعرفها نحن إلا بهذا الاسم، وسببه وجود فراغ كبير داخل الشجرة يشبه "القارورة" والتي قد تكون مصدر لهذا الاسم، يستطيع خمسة أشخاص أن يجلسوا فيه، وكان جدي يقول أن هذا الفراغ موجود منذ عهده كما هو الآن مما يجعلنا نسرح في الخيال لتقدير عمر الشجرة».
ويتابع السيد "عبد الكريم" بالقول: «منذ سنتين جاءنا مجموعة من الشباب الجامعيين لمحاولة تقدير عمر الشجرة وهم من قال أن عمرها يقارب 700 عام وقطر جذعها يصل لثلاثة أمتار، في حين أنها تغطي مساحة 300 متر مربع، وبعض أغصانها لامست الأرض والبعض الآخر ارتفع عاليا في السماء لمسافة تقارب 25 متر».
يعرف عن منطقة الساحل السوري غناها بشجر السنديان في حين أن سبب وجود هذه "البلوطة" العملاقة يبينه السيد "عبد الكريم يوسف" بالقول: «كانت قرية "بحوزي" وصولا إلى مدينة "صافيتا" وباتجاه "لبنان" جنوبا مغطاة بغابات "البلوط" دون غيره من الأشجار، وحتى عشرين سنة ماضية كان في قرية "بحوزي" غابة "بلوط" تمتد عشرات الهكتارات، لم يبقى منها سوى بضع شجيرات حاليا، ومابقي من الأشجار موجود بجانب مقدسات دينية فقط، ومنها بلوطة "القرقارة" موضع حديثنا».
يظهر على شجرة البلوط المسماة "القرقارة" علائم الهرم من خلال شكل جذعها واستدارتها، في حين أن كثافة أوراقها تحجب الشمس عن الأرض، وتبدو الأغصان القريبة من الأرض أشبه بجذع شجرة مستقل، وهي كما ذكر أهل القرية واحدة من ثلاثين شجرة "بلوط" معمرة لاتزال في قرية "بحوزي".
وعن سبب وجود الفجوة داخل الشجرة يقول المهندس "سمير أحمد" رئيس مقسم الهاتف في قطاع بلدية "بحوزي": «أنا أقرب الجيران إلى موقع بلوطة "القرقارة"، وأعتقد أن السبب في الشكل الذي تتخذه الشجرة حاليا يعود إلى "صاعقة" ضربت الشجرة في فترة معين حيث توجد أثار حرق في بعض أقسام جذع الشجرة، وأدت "الصاعقة" إلى إيجاد شرخ داخل الشجرة ساهمت مياه الأمطار والرطوبة العالية باتساعه وبلوغه حجم غرفة صغيرة.
وأدت هذه الحفرة داخل الشجرة إلى وضع حد لنمو الشجرة حيث مات "لب الشجرة" بكامله ولم يبقى سوى اللحاء الخارجي للتغذية، مما أدى إلى بقاء الشجرة حية لكن بدون أي نمو باتجاه الجوانب والأعلى وهذا الوضع تعيشه الشجرة منذ مايزيد على مائة عام».
وللتعرف على جوانب أخرى في دورة حياة بلوطة "القرقارة" يقول السيد "رزق ديب" فلاح من قرية بحوزي": «لاتزال شجرة البلوط هذه تعطي كميات كبيرة من ثمار البلوط حيث تزهر في فصل الربيع وتعطي ثمارها بالتزامن مع قطاف "الزيتون"، ولثمارها طعم حلو، ويمكن لعدد كبير من الناس الأكل منها.
كما تتميز الشجرة بلحاء سميك وقاسي مفتت في بعض جوانبه نتيجة العمر الطويل لكن بشكل عام يتميز شجر البلوط بصلابة عوده، وهي ترتبط بذكريات كل فرد في القرية حين كان صغيرا يبحث عن الثمار الناضجة الساقطة على الأرض، ويذكر أهلنا أنه في أيام الجوع في عهد العثمانيين كانوا يدقون ثمار هذه الشجرة مع غيرها من أشجار البلوط لتصبح ناعمة كالطحين ثم يقومون بخبزها بدل مادة الطحين».
وعن استثمار هذه الشجرة كعامل للجذب السياحي مثلا يقول المهندس "سمير أحمد": «نأسف أن هذا الموضوع غير موجود، ونتمنى على الأقل تنشيط السياحة الداخلية فيما يخص هذه الشجرة وغيرها من مجالات الجذب السياحي المتوفرة لدينا، كما نأمل الاهتمام بها من قبل المعنيين لأن العمر الذي وصلت إليه الشجرة كبير جدا ولاضير من العناية بها بالطرق اللازمة لهذا الأمر».
وبقي التذكير بأن موقع الشجرة هو وسط قرية "بحوزي" الواقعة جنوب مدينة "طرطوس" بمسافة 25 كم على طريق "طرطوس خط الجديد".