تعتبر "التحصينات المائلة" المصفّحة بالحجارة من أهم العناصر الدفاعية في "قلعة حلب" وقد لعبت عبر تاريخها الطويل دوراً كبيراً في صد هجمات الغزاة وردهم ومنعهم من الوصول إليها.
وحول هذه التحصينات يقول مؤرخ "حلب" المعاصر الأستاذ "عامر رشيد مبيض" لموقع eAleppo: «حين أصبح "الظاهر غازي" 1172 -1216 م ملكاً على "حلب" قام بنهضة عمرانية شاملة امتدت بين 1192 -1214 م وقد بلغت تكاليف أعمال التحصين في القلعة التي أمر بها 50 ألف دينار ذهبي وشملت توسعة الخندق وبناء البرجين الكبيرين في مدخل القلعة وتصفيح تل القلعة بالحجارة وغيرها».
لقد أمر الملك "غازي" بتبليط منحدر القلعة /تل القلعة/ ببلاطات حجرية بطول حتى مترين وعرض 40 سم وسماكة تزيد عن المتر، كما استخدم الأعمدة البازلتية الطويلة كأحجار زاوية تضاعف من صلابة المنحدر
وبالنسبة لتصفيح تل القلعة قال: «لقد أمر الملك "غازي" بتبليط منحدر القلعة /تل القلعة/ ببلاطات حجرية بطول حتى مترين وعرض 40 سم وسماكة تزيد عن المتر، كما استخدم الأعمدة البازلتية الطويلة كأحجار زاوية تضاعف من صلابة المنحدر».
ويقول الأستاذ "عبد الله حجار" مستشار جمعية العاديات للفترات الكلاسيكية: «يرتفع سطح القلعة عن مستوى أرض المدينة حوالي 38 متراً ولها شكل بيضوي تبلغ أبعاده 375 -275 م من الأعلى وفي الأسفل حيث الخندق تصبح 550 -350 م يحيط بها خندق عمقه 22 م وعرضه حوالي 30 م وكان يُملأ بالماء زيادةً في التحصين، ويليه منحدرات القلعة ذات الميل الكبير التي يصعب تسلقها وقد كُسيت بأحجار منحوتة ملساء أبعادها متر واحد و40 سم وقد دُعمت بأجزاء أعمدة دائرية أفقية أسفل المنحدر بطول متر واحد وقد حُفر الخندق وبُني جدار السفح أيام الملك "الظاهر غازي"».
ويقول الدكتور "شوقي شعث" في كتابه "قلعة حلب دليل اثري تاريخي"- "دار القلم العربي"- 1993: «لأجل عرقلة صعود المهاجمين في حال تمكنهم من اجتياز الخندق جُعلت التحصينات المائلة، ففي "قلعة حلب" جرى تصفيح سطح القلعة بحجارة مُلس يصعب تسلقها في حال وجود الماء في الخندق أو بدونه وهذه الإعاقة تعطي فرصة للمدافعين لاقتناص الأعداء وردّهم».
ويضيف: «تذكر المصادر التاريخية بأنّ الملك "الظاهر غازي الأيوبي" قام بتصفيح تل القلعة بالحجارة الهرقلية وقد بلغ ميل الرصف حوالي 45 درجة وبلغت أبعاد الحجارة 110×40 سم في بعض الأحيان وخوفاً من أن تنزلق الحجارة دُعمت بأعمدة اسطوانية وُضعت على نحو عرضاني أو بناء جدر لتقوية الصخر الحواري خوفاً من الانهيار ولا تزال بقايا تلك الأعمدة والجدر ظاهرة للعيان.
لا تزال بقايا تلك التحصينات المائلة قائمة إلى يومنا هذا ويمكن للزائر أن يشاهدها وقيل إن سبب تخريبها أو إكمال تخريبها أنه جرى قلع حجارتها لبناء المشفى الوطني الواقع أمام القلعة وذلك قبل الاستقلال الوطني».
وأخيراً تقول الدكتورة المهندسة "نجوى عثمان" في كتابها "الآثار والأوابد التاريخية في حلب وكلس وغازي عنتاب"- الصادر ضمن برنامج التعاون الإقليمي السوري- التركي: «قام "الظاهر غازي" بإكساء جدران القلعة بالحجارة المنحوتة لزيادة مناعتها فيصعب على الأعداء نقبها أو تسلقها أشخاصاً وخيولاً، وضماناً لعدم تساقط الحجارة غرز في أسفلها أعمدة دائرية هي كالمسامير أو كالأوتاد تثبت تل القلعة وتحمل الحجارة التي تكسوه وقد تم تصفيح تل القلعة في العام 1198 م وما كان التل مكسواً بالحجارة قبل "الظاهر غازي" لذلك اعتبر "ابن الوردي" هذه الظاهرة بين العجائب والغرائب الفريدة التي أوردها في كتابه فقال: ولها /"حلب"/ قلعة حصينة راسخة يقال أن في أساسها ثمانية آلاف عمود وهي ظاهرة الرؤوس بسفحها.
لقد أرّخ الظاهر عمله هذا بكتابة باللون الأسود امتدت أعلى سفح القلعة، وفي حديث "صبحي صواف" عن سفح القلعة في كتابه الذي أصدره في العام 1967 يذكر: يعود تاريخ الخندق وجدار السفح إلى عهد الملك "الظاهر غازي" ويوجد على الجدار بقايا كتابة تثبت ذلك، وبقيت بقايا تلك الكتابة حتى العام 2008، وأخيراً يرى "سوفاجيه" بأنّ أعمال "الظاهر غازي" هي الأكثر إعجازاً في فن التحصين الذي تركته لنا القرون الوسطى العسكرية».
