هو من أكثر الطيور الجارحة انتشارا وسيطرة على أجواء الغابات والصحاري في سورية عموما، يقضي معظم أوقاته محلقا في السماء، وحينما يرتاح يبقى في أكثر النقاط ارتفاعا، أما نظره الثاقب فهو الميزة التي زادته هيبة بين أنواع الطيور الأخرى، ورغم كل هذا فهو من الطيور الجارحة القليلة التي يمكن للإنسان تدريبها والتعامل معها.

ومن حيث وجود "الباشق" وانتشاره فإنه يفضل مكانين رئيسيين يحدثنا عنهما السيد "حسين مصطفى" من قرية "تل علوش" في ريف حلب وذلك في لقاء ل"eSyria" معه بتاريخ 5/6/2011 حيث قال: «يفضل "الباشق" أن يعيش في المرتفعات الجبلية حيث الغابات والصخور الوعرة التي تؤمن له الحماية، وتشكل نقطة مراقبة ينطلق منها للبحث عن صيده، والمكان الثاني وهو البادية والمناطق الزراعية المجاورة لها، حيث يمكنه التحليق بنظره لمسافات طويلة جدا، ولكن حسب معرفتي للمنطقة الساحلية الجبلية في سورية فإن انتشار "الباشق" فيها أصبح قليل سواء نتيجة الصيد الجائر له، أوالصيد الجائر لطرائده من العصافير المتنوعة، في حين أن المناطق الزراعية حيث أسكن وهي مجاورة للبادية تعج بطيور "الباشق" والسبب هو زراعة الحبوب التي تجلب العصافير الصغيرة " الدوري، الفرّي،.."، وهذه هي الغذاء المفضل "للباشق"».

من معلوماتي الغير مؤكدة أن الأم حين تجد أحد "الفراخ" ضعيفا في بنيته فإنها تقتله وتطعمه لباقي الصغار لأن طائر "الباشق" لايمكن أن يعيش إلا إذا امتلك كل عناصر القوة لأبناء جنسه، وإلا فإن مصيره الموت حتما، وحتما تدرك الأم هذه الفكرة من بداية فقس البيض

للتعرف على "الباشق" عن قرب التقينا بالشاب "ياسر اسماعيل" وهو مربي طيور فحدثنا بالقول: «"الباشق" ليس من الطيور التي تحب الحياة الاجتماعية فهو يقضي معظم أوقاته منفردا باحثا عن غذائه، وهو يتغذى على كل مايقع عليه بصره من عصافير، فتراه سابحا في الفضاء ببطء متفحصا لكل نقطة تقع عينه عليها، وحين يلاحظ أي عصفور يحدد أبعاده وأبعاد المنطقة المحيطة به جيدا ثم ينقض بسرعة هائلة وخاطفة عليه فإما أن يفلت منه وإما أن يمسكه بمخالبه وهنا تصبح فرصة نجاة العصفور شبه مستحيلة».

السيد حسين مصطفى

وفي وصف هيئة "الباشق" يقول الشاب "ياسر": «يتميز "الباشق بلون ظهره الرمادي الغامق الممتد حتى ذيله، واللون الرمادي مع الأبيض بالنسبة لصدره، وله أربعة مخالب ثلاثة من الأمام وواحد من الخلف، وهي تشبه شكل الكماشة حين يقوم بإغلاقها، أما طول جناحيه فيختلف بحسب بالعمر، وبالنسبة "للباشق" الذي أربيه فإن طول جناحه يصل ل40 سم، ومنقاره أسود فيه لون أصفر ومعقوف قليلا».

وعن تفاصيل أخرى من حياة "الباشق" الطبيعية يقول السيد "عماد حمود" من المهتمين بتربية الطيور وأنواعها: «يعتبر طائر "الباشق" من فصيلة "العقبان" الجارحة بالنسبة لنوعه، ومن رتبة "الصقريات" أي "الصقور" من حيث حجمه وطريقة ومكان معيشته، وهو من أصغر الطيور الجارحة ويأتي بعده "أبورصيّص، والقريضة" في حين أن "الصقور" أكبر منه حجما وأكثر قوة، يعيش في أكثر المناطق ارتفاعا، ويبني أعشاشه في "جروف الصخور"، وبعد نصب أبراج الكهرباء أصبحت وبخاصة أعمدة التوتر العالي ملاذا أمننا لأعشاش "للبواشق"، وهي تحضن بيوضها لمدة 35 يوم، حيث تضع أنثى "الباشق" من 3 إلى 4 بيضات، وهي تربي فراخها حتى تكبر وقد تختلف المدة بين شهر وأكثر».

الشاب ياسر اسماعيل

ويضيف السيد "عماد بالقول: «من معلوماتي الغير مؤكدة أن الأم حين تجد أحد "الفراخ" ضعيفا في بنيته فإنها تقتله وتطعمه لباقي الصغار لأن طائر "الباشق" لايمكن أن يعيش إلا إذا امتلك كل عناصر القوة لأبناء جنسه، وإلا فإن مصيره الموت حتما، وحتما تدرك الأم هذه الفكرة من بداية فقس البيض».

وبالعودة للسيد "ياسر اسماعيل" فإنه يحدثنا عن تربية "الباشق" فيقول: «أضع "الباشق" في مكان فسيح داخل الغرفة، وأضع له جذع شجرة ليقف عليه في محاولة مني لمحاكاة وضعه الطبيعي، وفي نفس الوقت أضع في قدمه خيط رفيع لأتمكن من التحكم به، وأطعمه يوميا خمسة عصافير صغيرة أو أقل، ويأكل أيضا "بيض مسلوق"، كما أخرجه إلى الجو الخارجي لوقت طويل خلال اليوم، و"الباشق" يربى إما لشكله أولاستخدامه في صيد العصافير حيث يتم تدريبه بطريقة خاصة تمتد لعدة أشهر وتتبع أساليب خاصة بتربية الطيور الجارحة».

نوع من البواشق التي تعيش في الساحل السوري

وختاما يذكر السيد "حسين مصطفى" نقطة فارقة في حياة "الباشق" فيقول: «يتحول الباشق بلحظة من صائد محترف إلى ضحية ضعيفة، أما السبب فهو تحليق الطائر "الحر" في السماء وهو من الطيور الجارحة الضخمة جدا على شاكلة "العقبان" الكبيرة، وهذا الطائر موجود في البوادي وبأعداد قليلة جدا، وهنا يستخدم الصيادون "الباشق" لصيد الطائر "الحر" بأساليب معقدة».