للريفيين طرقهم المختلفة في معالجة أمراضهم والتخفيف من آلامهم وأوجاعهم، هذه الطرق كانت جزءاً من ممارسات الطب الشعبي لديهم، ومن هذه الممارسات التي ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا في منطقة "عفرين" شرب الماء من "طاسة الرعبة" للمصابين بالخوف الشديد وخاصّة الأطفال منهم.
حول هذا الموضوع تتحدث السيدة "فيدان بكر"-71 عاماً وهي من ناحية "جنديرس" لموقع eAleppo بالقول: «قديماً /أي قبل حوالي 30 سنة تقريباً/ كان الريفيون يعتمدون في معالجة أمراضهم بشكل أساسي على الأعشاب والأزهار والطلاسم والحجاب ففي تلك الفترة لم تكن المشافي والمستوصفات والمراكز الصحية متوفرة كما هو اليوم.
قديماً /أي قبل حوالي 30 سنة تقريباً/ كان الريفيون يعتمدون في معالجة أمراضهم بشكل أساسي على الأعشاب والأزهار والطلاسم والحجاب ففي تلك الفترة لم تكن المشافي والمستوصفات والمراكز الصحية متوفرة كما هو اليوم. واليوم وعلى الرغم من انقراض الكثير من ممارسات الطب الشعبي القديم إلا أن البعض منها ما زال حاضرا لدى الناس في الريف وخاصة عند كبار السن، ومن هذه الممارسات هو شرب الماء من "طاسة الرعبة" وذلك للقضاء على الخوف وآثاره وخاصّة عند الأطفال والنساء
واليوم وعلى الرغم من انقراض الكثير من ممارسات الطب الشعبي القديم إلا أن البعض منها ما زال حاضرا لدى الناس في الريف وخاصة عند كبار السن، ومن هذه الممارسات هو شرب الماء من "طاسة الرعبة" وذلك للقضاء على الخوف وآثاره وخاصّة عند الأطفال والنساء».
وتضيف: «الخوف كان أحد أبرز الأمراض التي كان يعاني منها الطفل والسيدة الريفية وذلك لعدة أسباب هي: عدم وجود كهرباء في الريف بشكل عام والعيش في ظلمة حالكة دائماً وخاصة خلال فصل الشتاء، إضافة إلى أنّ مصدر التسلية الرئيسي قديماً كانت القصص الشعبية التي كانت تُحكى من قبل أحد المتخصصين بالأمر، تلك القصص التي كانت الوحوش والجن والأفاعي العملاقة التي تبلع الرجال بكل سهولة ويسر من أبرز شخصياتها، وكانت بالتالي تهز مشاعر السامعين وتجعلهم يتخيلون تلك الحكايات بشخصياتها الأسطورية المخيفة في كل خطوة يمشونها ليلاً أو يحلمون بها فيتحول نومهم إلى كوابيس مرعبة يفسد حياتهم.
من هنا كان لوجود "طاسة الرعبة" أهمية خاصة في حياة الريفيين، فالطفل الذي كان يستيقظ من نومه مرتعباً والمرأة التي كانت تصاب بالرعبة من نباح مفاجئ للكلب أو رؤيتها لشيء ما في الليل اعتقدت بأنه جنيّ وغير ذلك كان يستدعي الأهل أن يشرّبوها الماء من هذه الطاسة المباركة التي كانت ذات مفعول قوي في عودة الطفل للنوم وفي إزالة آثار الخوف لدى المرأة».
السيدة "أمينة حمو" من قرية "جولقان" قالت: «"طاسة الرعبة" هي عبارة عن طاسة دائرية مصنوعة من مادة النحاس ومصدرها الحج المبارك، فالحجاج الذين يذهبون لأداء فريضة الحج كانوا يجلبون معهم هذه الطاسة كهدية قيّمة.
الطاسة من الخارج مزركشة برسومات لبيوت الله من مساجد وخاصة مسجد بيت الله الحرام وكذلك رسومات للحجر الأسود وأشجار النخيل والورود، أما من الداخل فقد كُتب فيها وبطريقة الطرق والدق آية الكرسي وهي آية تحمي الناس من كل أذى وشرور.
هذه الطاسات أصبحت اليوم نادرة الوجود لأنّ الحاجة إليها خفت كثيراً قياساً للفترات الزمنية السابقة حيث كان لكل بيت "طاسة رعبة" يستعملها أهله عند الحاجة إليها وكم كانت الحاجة إليها كبيرة، وعند عدم توفر الطاسة في بيت من البيوت كان أهله يسارعون إلى استعارتها من عند جيرانهم لاستعمالها عند إصابة أحد أفراد الأسرة بالرعبة أو الخوف الشديد».
أخيراً قالت السيدة "خالدة عبدو" 25 سنة –"جنديرس" متحدثةً حول حضور هذه الطاسة في حياة الناس في الوقت الحالي: «بالرغم من التطور الحديث وتوفر الأطباء والمشافي في كل أنحاء الريف إلا أنّ هناك الكثير من الأمراض التي تصيب الإنسان مثل الرعبة وغيرها هي أمراض معنوية ونفسية والاعتقاد بشفائها اعتماداً على ممارسات طبية قديمة يزيد من فعالية العلاج وهذا أمر نفسي له علاقة مباشرة بقناعات المريض وطريقة تفكيره.
المعالجة بواسطة "طاسة الرعبة" معالجة قديمة جداً في المنطقة بل وكانت قديماً الطريقة الوحيدة في طرد الخوف وإزالة نتائجه من الإنسان، وفي الوقت الحاضر وعلى الرغم من ظهور الأطباء بمختلف اختصاصاتهم والوعي المتنامي لدى الناس إلا إنّ طريقة علاج الخوف من خلال شرب الماء من "طاسة الرعبة" استمرت كعادة اجتماعية يتم اللجوء إليها بشكل تلقائي عندما يصرخ الطفل أو المرأة أو أي إنسان مرتعباً من أمر ما فالناس يعتقدون بأنه لا حاجة في مثل هذه الحالة أن يراجعوا الطبيب وأنّ أفضل وأسهل وأسرع حل هو اللجوء إلى "طاسة الرعبة"».